سطور رصينة بثها المخرج المسرحى الكبير أحمد عبدالحليم على "الفيسبوك" ليواجه بها المعارضين لفكرة إقامة المهرجان القومى للمسرح هذا العام، ولكشف وجهة النظر الرسمية في انطلاق المهرجان، وكشف في كلمته أن إصرار د. صابر عرب على المهرجان هو نوع من أنواع التحدى للظروف السياسية لإثبات رمزية المسرح ولا أعلم أي رمزية تلك التى يتحدث عنها أستاذنا الكبير والتى تتكلف مبالغ طائلة لا يكشفها لنا أحد – كالعادة- ولن يسعى أحد المسئولين بإبراء زمته فى طرحها على الرأي العام بكل شفافية حتى يخرس ألسنتنا جميعا فنتعلم منه معنى الرمزية الحقيقى في زمن ما بعد الثورة ! مخرجنا الكبير أكد أنه تنازل عن أجره في رئاسة المهرجان تقديرا لظروف البلاد، وهى خطوة نحترمها ولكنها يجب أن تصدر من مخرج بقامة أحمد عبدالحليم، بينما أتساءل: هل تنازل كل الكبار في إدارة المهرجان بلجانه العشرة عن أجورهم تحقيقا لمبدأ الرمزية الذي أصر عليه الوزير؟ بالطبع لا، خاصة وأن الكثيرين منهم باتوا مُلاك المهرجانات فى بر مصر. والحقيقة أن رواد المسرح المصري الذين يلوح بهم كبار المسئولين في وزراة الثقافة هم أنفسهم ضحايا تلك الوزارة البالية، فالعمل بالنسبة للكبار هو الحياة بمعناها الكامل، ولم يفكر أحدهم يوما أن إفساح الطريق قليلا لأجيال جديدة هو سنة هذه الحياة، ونادرون هم من يفهمون هذا الكلام، بل ويشعر أغلبهم بأن مطالبة الشباب بأحقيتهم في ممارسة التجربة كاملة بنجاحاتها وفشلها ما هو إلا نوع من أنواع إنكار الجميل لتاريخهم العريق، فتكون النتيجة تخبط وارتباك شديدين في كل تفاصيل العمل، فكيف لمصر رائدة الحركة المسرحية – كما يقول وزير الثقافة ورجاله- أن تقيم مهرجانا بلائحتين، الأولى قبل عمل لجنة المشاهدة، والثانية بعد اختيارات نفس اللجنة لتفصيل اللائحة على ما اختارته من عروض؟ أي عبث هذا !! كيف يتم تحديد عروض المشاركة في المهرجان بإنتاج الفترة من يناير 2012 وحتى يناير 2013 ثم يتم اختيار عروض سابقة لهذا الموعد، فتتداركه اللجنة بلائحة جديدة بعد إثارة غضب المسرحيين؟ أى معايير تلك التى استبعدت عرض "أين أشباحى" التابع لمركز الإبداع باعتباره عرضا راقصا، علما بأن لائحة المهرجان ليس بها استبعاد العروض الراقصة وأنها تسمح باشتراك عرضين من مركز الإبداع، ألم تدرك لجنة المشاهدة أن هذا العرض هو أحد أهم العروض التى أنتجها مركز الإبداع بعد رائعة خالد جلال "قهوة سادة"؟ ألم ير الكبار كل ما بذله 40 موهبة شابة من استعراضات مبهرة صممها محمد مصطفى وضياء شفيق وبخط درامى واضح لا لبس فيه؟ ألم تستبعدوا عرض "عاشقين ترابك" بكل طاقاته الشبابية؟ لماذا إذن أعدتم اختياره من جديد!! هل بسبب اعتذار أحد العروض كما صدرتم للناس أم بسبب ثورة غضب المخرج الشاب محمد الشرقاوى التى جعلتكم تتراجعون عن قراركم؟ الأمر إذا ليس لوائح ورؤى فنية، بل تخبط وارتباك ورغبة في الخروج بالمهرجان على أى وضع تنفيذا لإصرار وزير الثقافة على إقامته، وما أعرفه أن الكبار لا يفعلون هذا، الكبير قامة وسنا يفعل ما فعله الكاتب محمود الطوخى الذي سحب عرضه من المهرجان رغم أنه الفائز بالمركز الأول في مسابقة الشركات، وكان ضمن العروض المشاركة في المسابقة الرسمية، ومع هذا رأى أنها دورة مشوهة لا معنى لها في هذا التوقيت، وأنه من الأفضل إفساح الطريق للشباب في كل عناصر العمل المسرحى، فهذا هو الكبير الذي أحترمه وأجله. يا سيادة وزير الثقافة.. يا كبار المسرحيين، مكانة مصر المسرحية لا تفرض عليكم مهرجانات، بل تطالبكم بإعادة النظر فى إنتاج العروض وبنية المسارح المتهالكة، وحسن تدبير الميزانيات التى تصرخون دائما في وجوهنا بعبارة "مفيش ميزانية"، مكانة مصر تجبركم على تشغيل الشباب في كل المجالات الثقافية، بدلا من ثورة الغضب التى قد تطيح بكراسيكم نتيجة اصراركم على استلهام سياسات أسلافكم من العهد البائد. لمزيد من مقالات باسم صادق