منذ تأسيسها عام1919 وتسعي منظمة العمل الدولية ومقرها الرئيسي في جنيف ومن خلال مكاتبها الإقليمية علي مستوي العالم ومنها مكتب القاهرة لارساء قواعد تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل والحكومة من خلال اقرار اتفاقيات العمل الدولية. وشهد نشاط المنظمة في مصر خلال الفترة الماضي تنفيذ العديد من المشروعات الهادفة لتوفير فرص العمل في العديد من القطاعات من خلال خطة العمل القومية لتشغيل الشباب ووضع خطة عمل إقليمية لتوظيف الشباب وزيادة فرص العمل اللائق للشباب من الجنسين ومشروع لتوفير عمل لائق للمرأة في مصر بالأضافة لتفعيل الحوار الأجتماعي بين أطراف العملية الإنتاجية. الأهرام حاورالدكتور يوسف القريوتي المدير الإقليمي لمكتب منظمة العمل الدولية في مصر وشمال افريقيا حول الأوضاع العمالية والنقابية في مصروطرح العديد من التساؤلات التي تدور علي الساحة العمالية ودور المنظمة خلال الفترة المقبلة في مصروكان ردة في الحوار التالي. في البداية ما هو تقييمكم للوضع العمالي والنقابي في مصر ؟ ما من شك أن الوضع العمالي بشكل عام يعاني من أزمة حيث أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مازال لم يوفق أوضاعه بشكل يتفق مع معايير العمل الدولية إضافة إلي التغييرات المتكررة في القيادات النقابية كذلك الحال بالنسبة للنقابات المستقلة فمازالت في طور تطوير بنيتها الأساسية والنهوض بالقدرات النقابية للقيادات العمالية المختلفة. وأن العديد من هذه الكوادر لازال تلزمها الكثير من التدريب علي مهارات العمل النقابي المختلفة فمن أجل ذلك نري أن هذا الوضع يعكس نفسه بشكل واضح علي العلاقات الصناعية في سوق العمل المصري إذ أن غياب تمثيل فاعل للعمال وعدم استعداد كاف من أصحاب العمل عكس نفسه بشكل أثرعلي هذه العلاقات الصناعية وعبرعن نفسه بالاضرابات المتكررة. بتواجده لو كان هناك تمثيل حقيقي لأصحاب العمل والعمال يسهم في عملية حوار اجتماعي سليمة لما شهدنا هذا الإضطراب في سوق العمل ويجب ألا ننسي هذا المناخ الضروري والجو الملائم الذي يجب أن تسهم الحكومة بخلقه من أجل علاقات صناعية موضوعية في سوق العمل. وماذا تسعي منظمة العمل لتنفيذة من أجل استقرارالعمل في مصر ؟ المنظمة اطلقت منذ فترة الدعوة للشركاء الاجتماعيين للبدء في تنفيذ حواراجتماعي في مصر بين العمال وأصحاب الاعمال بحيث يتم وضع ميثاق مؤداه عدم اللجوء الي وقف العمل حتي يسترد الاقتصاد القومي المصري عافيته مرة أخري مع الاحترام الكامل من اصحاب الاعمال لحقوق العمال من خلال وضع الاليات الكفيله بتفادي النزاعات العماليه بحيث تعتمد الحكومة المصريه بالتشاور مع أطراف العمل في سياسات الاجور والتشغيل والضمان الاجتماعي. وان مشروع الحوار الاجتماعي في مصر تبني الدعوه لعقد عدة ورش عمل للتأكيد علي دور الدولة والشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني في النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال تأسيس حوار اجتماعي فعال وعقد اجتماعي بالاضافه لمناقشة التحديات الرئيسية في مجال الاقتصاد التي تواجه مصرخلال الفترة الحالية حيث بدأ بالفعل ادارة هذا الحوار. الهدف الرئيسي هوتوفير حوار اجتماعي بناء لاحداث استقرار في اطار قانوني مناسب يتفق مع الحريات النقابيه والاتفاقيات ومعايير العمل الدوليه حيث مرت عدد من الدول بنفس المرحلة التي مرت بها مصر عقب الثورة من تزايد الاحتجاجات العمالية وتم التوصل الي توقيع العقد الاجتماعي بين أطراف العمل وصولا لمرحله الاستقرار والنهوض بالاقتصاد مع الحفاظ علي حقوق اطراف الانتاج. ما هو تقييمك لسوق العمل في مصر ؟ بالتأكيد سوق العمل المصري في الآونة الأخيرة يشهد ركودا نسبيا بحكم عوامل مختلفة أهمها موضوع الاستقرار الأمني وتباطؤ النمو الاقتصادي علاوة علي غياب استقرار سوق العمل نظرا للإضرابات المتكررة وهذا الواقع ترتب عليه تناقص في عدد فرص العمل المتاحة وزيادة ملحوظة في نسبة البطالة وآخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلي معدل بطالة يصل إلي13% ويمكنني القول أن هذه النسبة في أوساط الشباب عالية جدا وقد تتجاوز20% ومثل هذا الامر يمثل خطورة اجتماعية إذ يسهم في زيادة عدد الفقراء ويعطل أي إمكانية لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي طالبت بها الثورة ولا تزال تطالب به كل فئات المجتمع ويزداد الأمر سوء إذ ما قارناه بالزيادة المرتفعة في معدلات التضخم وكلفة المعيشة. وكيف تري طبيعة العلاقة بين مصر ومنظمة العمل الدولية ؟ يؤكد القريوتي ان علاقة منظمة العمل الدولية بمصر هي علاقة جيدة علي الرغم من استمرار ملاحظات المنظمة علي قانون العمل وقانون النقابات العمالية وهذه الملاحظات ليست جديدة فالمنظمة تسعي دائما إلي تقديم هذه الملاحظات مقرونة بعروض للتعاون الفني من أجل الارتقاء بتشريعات العمل لتصبح أكثر انسجاما مع معايير العمل الدولية. علي الجانب الآخر فإن برامج المنظمة المقدمة إلي مصر قد شهدت نموا ملحوظا خاصة في مجال تشغيل الشباب بحيث أصبح برامج المعونة الفنية مع الحكومة المصرية تتجاوز الأربعين مليون دولار, وهذه البرامج ممولة من دول مانحة مختلفة مثل كندا, الولاياتالمتحدةالأمريكية, وفنلندا, والنرويج, والدنمارك, وايطاليا, واستراليا... ومن حسن الحظ أن العلاقات ما بين مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة ووزارة القوي العاملة والهجرة هي علاقة إيجابية وعلاقة تفاهم متبادل من قبل الطرفين دون محالة يمكن القول أن وزير القوي العاملة خالد الأزهري لديه رغبة كبيرة في تعميق هذا التعاون بين الوزارة والمنظمة. وما هي أهم المشروعات التي يتم تنفيذها في مصر ؟ المشروعات التي يتم تنفيذها في مصر تصل الي12 مشروعا منها خطة العمل القومية لتشغيل الشباب ووضع خطة عمل إقليمية لتوظيف الشباب وزيادة فرص العمل اللائق للشباب من الجنسين وكذلك تنفيذ مشروعات لتعزيز المبادئ والحقوق الأساسية في العمل والحوارالاجتماعي في مصرو التوجيه الوظيفي للشباب و تنمية مجتمع دهشور والصناعات البستانية بصعيد مصر ومكافحة عمل الأطفال وتهيئة بيئة للحقوق الأساسية في العمل كما يجري التنسيق مع العديد من الجهات المانحه لتنفيذ مشروعات وظائف لائقة لشباب مصر في القطاع الزراعي و تعزيز حقوق العمال والقدرة التنافسية في الصناعات التصديرية المصرية و تعزيز الأمن الاقتصادي في المجتمعات المعرضة للخطر في صعيد مصر وعمل لائق للمرأة في مصر بدعم من وزارة الشئون الخارجية الفنلندية. كيف تري الوضع المستقبلي في مصر؟ قد تبدو الصورة للوهلة الأولي مخيبة للأمل إلا أنني مقتنع بقدرات المجتمع المصري علي تجاوز هذه الأزمة وبسرعة وما يلزم هو درجة كافية من الاستقرار السياسي التي تسمح بدوران عجلة الاقتصاد وإعادة النظر في تشريعات العمل. لابد من إطلاق حرية العمل النقابي ولابد من أن يفعل دور منظمات أصحاب العمل في هذه المرحلة لإرساء أرضية ملائمة للحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج المختلفة ومرة أخري علي الحكومة مسئولية مباشرة في هذا الاتجاه وحسب ما هو متاح لي من معلومات فإن وزارة القوي العاملة لديها رغبة جدية في إطلاق ورشة عمل في هذ المجال ونحن كمنظمة عمل دولية علي أتم الاستعداد للإسهام اذا طلب منا ذلك.