الصراع الطويل بين الهند وباكستان, والذي تسبب في مقتل الآلاف خلال ثلاث حروب تقليدية بينهما, من أكثر الصراعات المحتمل تحولها إلي حرب نووية في أي وقت, ولن يقتصر تأثيرها علي القارة الصفراء بل العالم بأسره. عوامل داخلية وخارجية كثيرة ربما تسهم في اندلاع هذه الحرب, منها علي سبيل المثال النزاعات الحدودية خاصة في إقليم كشمير, وتسارع وتيرة سباق التسلح النووي في جنوب آسيا وقضية الأمن النووي والإرهاب وإمكانية سقوط مثل هذه الأسلحة في أيدي المتشددين خاصة في الحالة الباكستانية في ظل هشاشة الوضع الداخلي علي المستويين السياسي والأمني. كذلك تلعب قوي إقليمية وخارجية دورا كبيرا في إذكاء الصراع النووي بين الدولتين منها الولاياتالمتحدة والصين وإيران وكوريا الشمالية. كشمير قضية ملتهبة في صراع الدولتين تسببت في مقتل أكثر من45 ألف شخص منذ أواخر الثمانينيات وحتي يومنا هذا. ومع بدايات2013 تواصلت الاشتباكات بين قوات الجانبين علي حدود الإقليم والتي راح ضحيتها العشرات من الجنود الهنود والباكستانيين. وبسبب هذه الاعتداءات المتبادلة, دعت نيودلهي سكان كشمير إلي الاستعداد لاندلاع حرب نووية محتملة وإعداد المخابئ تحسبا لذلك, فمانموهان سينج رئيس الوزراء الهندي أعلنها صراحة أن هذه الاعتداءات من جانب باكستان تجعل عملية ذوبان الجليد بين البلدين مستحيلة. وسارعت باكستان إلي اتهام جارتها الهند بانتهاك خط الهدنة في كشمير. الدولتان النوويتان تحمل كل منهما الآخر مسئولية العدوان أولا, إلا أن التهديد بشن حرب نووية ليس مجرد' دعابة' بل احتمال قائم وقوي. الأرقام التي كشفها تقرير للكونجرس الأمريكي حول الترسانة النووية للهند وباكستان تحمل دلالات مرعبة لقدراتهما النووية, علي الرغم من السرية التي تحيط بها الدولتان برنامجهما النووي. فباكستان تمتلك ما بين90 إلي110 رءوس حربية نووية بينما تمتلك جارتها الهند ما بين60 إلي80 سلاحا نوويا كما أنها تمتلك17 مفاعلا والبلوتنيوم الكافي لصنع ما بين75 إلي110 أسلحة نووية. الهند وباكستان تتبنيان في العلن استراتيجية' ردع الحد الأدني' والتي تعني أن تمتلك الدولة ما هو ضروري من الأسلحة النووية لردع أعدائها أو لوقف العدوان عليها. وهذه الاستراتيجية لا تتناسب مع سباق التسلح النووي الرهيب الذي تقوم به الدولتان. ويرفض المحللون الإقرار بفرضية أن امتلاك الدولتين لأسلحة نووية قلل من احتمالات اندلاع حرب بينهما خلال السنوات العشر الماضية. الهند تجري حاليا تجارب بحرية علي غواصة نووية وقبل عام أجرت اختبارا لصاروخها' أجني في' القادر علي الوصول إلي قلب بكين. ومن جانبها تعمل باكستان علي تطوير صاروخ حتف أو' النصر' الذي يبلغ مداه60 كيلومترا. السباق المجنون للتسلح النووي في جنوب آسيا مكن باكستان من أن تزحزح بريطانيا عن عرشها وتحتل مكانها في المركز الخامس عالميا كقوة نووية كبري شيدت ثلاثة مفاعلات جديدة خلال العام الماضي تمكنها من إنتاج البلوتنيوم الكافي لصنع12 رأسا نوويا كل عام. أما عن حجم الإنفاق النووي, تشير أحدث الإحصاءات في2011 2012 إلي أن باكستان أنفقت2.2 مليار دولار علي الأسلحة النووية حوالي0.5% من إجمالي الناتج القومي بينما أنفقت الهند الضعف تقريبا حوالي4.9 مليار دولار. أما بالنسبة للعوامل الخارجية فمن المعروف أن الولاياتالمتحدة تفضل الهند القوة الاقتصادية الصاعدة بسرعة الصاروخ بينما تدعم الصين وكوريا الشمالية وإيران باكستان خاصة في المجال النووي بفضل تعاون شبكة عبد القدير خان الأب الروحي للبرنامج النووي الباكستاني مع هذه الدول في نقل التكنولوجيا النووية وبفضل الصراع بين نيو دلهي وبكين من جانب آخر. واشنطن تلعب دورا كبيرا في تأجيج الصراع النووي بين الدولتين فقد وافقت علي توقيع اتفاق تعاون نووي مدني مع نيودلهي في2008 بينما رفضت اتفاقا مماثلا مع إسلام آباد. ودائما ما حذرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان من سقوط الترسانة النووية الباكستانية في أيدي المتطرفين. وإذا وقعت حرب نووية بين الدولتين فإن الصواريخ الباكستانية قادرة علي الوصول إلي الأراضي الهندية خلال من4 إلي6 دقائق بينما لن تجدي وقتها الدرع الصاروخية أو نظام باتريوت الدفاعي الذي اشترته الهند من الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي يبدأ في العمل بعد18 دقيقة.