كتبت: مها عبدالفتاح صلاح: ما أن نجحت الهند قبل أيام قليلة في اطلاق صاروخها الباليستي العابر للقارات أجني-5 لتنضم بذلك الي نادي محدود من الدول التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة ذاتها. حتي عادت من جديد تحذيرات المؤسسات الاستراتيجية العالمية مما وصفته بخطر سباق التسلح بين البلدان الأسيوية. فمنذ مطلع العام الحالي ليس هناك حديث آخر لمعاهد السلام والبحوث الاستراتيجية غير الميزانيات الضخمة التي تخصصها الدول الاسيوية لانفاقها العسكري الذي فاق للمرة الاولي في تاريخه نظيره الأوروبي المتأثر بصفعات الازمة المالية العالمية منذ نهايات عام.2008 فالدول الآسيوية لايروق لها صعود الصين كقوة عسكرية ضخمة في المنطقة الي الحد الذي ازداد فيه انفاقها العسكري خلال العقد الماضي بنسبة170% حتي أصبحت في المرتبة التالية للولايات المتحدة بالنسبة لقائمة الدول الاكثر انفاقا في المجال العسكري في العالم. ولعل أكثر الدول حساسية في هذا المجال هي الهند بما لديها من تاريخ طويل من الصراع المشترك مع الصين لمشاكل تتعلق بالحدود, ولأخذها علي عاتقها مهمة التسلح بقوة لعدم تكرار الهزيمة التي لحقت بها عام2691 في حربها مع بكين بمنطقة الهيمالايا من جهة أخري. ولهذا كان أول ما لفتت إليه المؤسسات العالمية عقب نجاح التجربة الهندية أن الصاروخ الجديد لديه القدرة علي اصابة بكين وشنغهاي, بعدما نجحت أجياله الاولي في تغطية باكستان النووية بالكامل والتي تربطها أيضا نزاعات حدودية مع الهند علي إقليم كشمير. وخرجت التصريحات المتفائلة باحتمال تطوير الصاروخ الهندي الي جيل جديد يبلغ مداه ضعف مدي أونج-5 ليصيب أهدافا علي بعد01 آلاف كيلومتر, أي ستزداد قدرته وصولا الي الاراضي الامريكية. ورغم الموقف الرسمي الصيني الذي بدا مرحبا بالقفزة التكنولوجية التي حققتها الهند لتصبح سادس دولة في العالم بعد دول مجلس الأمن دائمة العضوية تمتلك صواريخ عابرة للقارات, وتشديد المسئولين الصينيين علي العلاقات الطيبة بين البلدين,أبدت الصحافة الصينية موقفا مغايرا,اذ جاء في أحد عناوين صحيفة جلوبال تايمز الصينية إن الهند سيطر عليها وهمها الصاروخي, وانتقدت الموقف الغربي حيال الصاروخ الهندي قائلة: اختار الغرب أن يغض البصر عن تجاهل الهند للمعاهدات النووية والصاروخية. وبالفعل, فعلي الرغم من الموقف الغربي المتشدد من إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ أونها-3 وتشديدها العقوبات علي بيونج يانج من جديد, اكتفي البيت الأبيض بدعوة الدول المالكة للقدرات النووية لضبط النفس عقب نجاح التجربة الهندية. وهو ما علقت عليه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, قائلة إن الولاياتالمتحدة التي تزعمت المجتمع الدولي لدي إطلاق كوريا الشمالية لصاروخها, بدت مؤيدة لاختبار الصاورخ الهندي. وأوضحت أنه مع استعداد الولاياتالمتحدة للخروج من أفغانستان, تسعي واشنطن لاعادة توجيه تركيزها الاستراتيجي لآسيا وتأسيس تحالفات مع بعض الدول للسيطرة علي النفوذ العسكري الجديد للصين. ولعل هذا ما يبرر الاتفاقية التي وقعتها واشنطن مع نيودلهي عام8002 علي نحو أعطي الأخيرة شرعية لترسانتها العسكرية غير المقيدة باتفاقية حظر الانتشار النووي. فضلا عن نشر الولاياتالمتحدة لوحدة من سلاح مشاة البحرية الأمريكي في استراليا, مما أثار حفيظة الصين التي اعتبرت أن الولاياتالمتحدة تقحم نفسها كطرف مقاتل في المنطقة بدون داع. في الوقت ذاته, طرحت واشنطن فكرة إنشاء درع صاروخية في آسيا والشرق الأوسط خلال القمة النووية في سول مارس الماضي لتهدئة مخاوف حلفائها-كوريا الجنوبية واليابان- من الطموحات النووية لبيونج يانج من جهة ولتحقيق التوازن في مواجهة النفوذ الصيني الداعم بشكل كبير والوحيد تقريبا للنظام الكوري الشمالي.