لماذا تأخرت الكويت في المبادرة بتقديم المساعدات المالية والاقتصادية لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟ وهل يعكس ذلك توجها مناهضا للثورة؟ وهل ثمة مبادرات منتظرة علي غرار ما قامت به المملكة العربية السعودية وقطر؟.. كان ذلك السؤال المدخل في حوار الأهرام مع الدكتور رشيد حمد الحمد السفير الكويتي بالقاهرة معبرا في بدايته عن تقديره للدور المصري علي الصعيد القومي وبالذات تجاه بلاده خاصة في معركة تحريرها من الغزو العراقي في مطلع تسيعينيات القرن الفائت, وقال إن مصر عزيزة علينا ولانتأخر ولن نتأخر في تقديم أي دعم لها علي كافة المستويات بيد أن الأمر كما يضيف يتطلب نوعا من التنظيم وهو ما يجري حاليا بين البلدين الشقيقين. سألناه: كيف؟ فعلق السفير الدكتور الحمد: لقد تم الاتفاق بين وزيري مالية البلدين قبل بضعة أشهر علي أن يقدم الجانب المصري تصوره للمشروعات والقطاعات التي تحتاج الي الدعم وبالفعل تلقينا في السفارة هذا التصورمن الحكومة المصرية والذي قمت بإرساله الي الجهات المعنية بالكويت وشخصيا أتابع ما يجري بشأنها وقد تم إبلاغي بأن هذا التصور يخضع للدراسة حاليا. لكن قيل أن ثمة موقفا كويتيا مناهضا لثورة يناير وراء ما يمكن اعتباره تأخرا في تقديم هذا الدعم ؟ بالطبع ذلك غير صحيح ولعلك تتذكر أن الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق زار القاهرة عقب نجاح الثورة والتقي بالمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة آنذاك وأبلغه حرص القيادة الكويتية علي تقديم كل الدعم لمصر وألفت في هذا الصدد الي أن أول مسئول عربي قابله الرئيس الدكتور محمد مرسي عقب انتخابه كان هوالشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الذي قدم له تهنئة الكويت بمناسبة توليه منصب رئيس الجمهورية مؤكدا له الموقف نفسه المساند بقوة لمصر. ودعني في هذه المناسبة استذكر العبارة ذات الدلالات التي قالها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد السالم الصباح عندما استقبل الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق خلال مشاركته في احتفالية مرور50 عاما علي استقلال الكويت: خلوا بالكم من أمن مصر وهو ما يظهر مدي اهتمامه هو والشعب الكويتي بمصر استقرارا وأمنا ورخاء اقتصاديا لها وقد حرص الأمير علي المشاركة في القمة الاسلامية العادية الثانية عشرة التي احتضنتها القاهرة يومي السادس والسابع من فبراير الجاري والتقي بالرئيس مرسي وأبلغه أنه سيحضر الجلسة الافتتاحية للقمة وسيستمع لخطابه ثم سيضطر الي المغادرة بسبب ارتباطات ضرورية في جدول أعماله. اليس هناك تفاهمات تجري بين البلدين بشأن تقديم الكويت بعض التسهيلات الائتمانية لمصر أم هناك ترقب لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي ؟ بالفعل نحن ندرس في الكويت تقديم مثل هذه التسهيلات علي هيئة سندات أوودائع بالإضافة الي دراسة بعض المشروعات الاستثمارية التي سنسهم بها في العديد من القطاعات الاقتصادية بمصر وما أؤكده علي هذا الصعيد هو أنه ليس هناك أي ارتباط بين اتفاق مصرمع صندوق النقد الدولي وأي دعم نقدمه لها سواء علي صعيد المشروعات أو التسهيلات الائتمانية. هل يمكن أن نقترب من قيمة هذه التسهيلات أو الاستثمارات المرتقبة ؟ ليس متاحة لدي في الوقت الحالي ونحن بانتظار اقراراها من الجهات المعنية بالكويت وأود أن أضيف هنا ان الصندوق الكويتي للتنمية مستمر في التعاون مع مصر فقد تم التوقيع علي أربع اتفاقيات يقدم بمقتضاها تمويلا للعديد من مشروعات تطوير الغاز والكهرباء والزراعة كما تم التوقيع علي اتفاقية جديدة بالأحرف الأولي قبل أقل من شهر لتمويل مشروع تطوير السكك الحديدية. ثم تطرق الحوار الي القضايا الداخلية في الكويت وسألنا السفير رشيد الحمد عن الأزمة القائمة بين الحكومة والمعارضة ومدي انعكاسها علي التجربة الديمقراطية المتميزة فأوضح لنا: ثمة التزام كامل بالديمقراطية وبآلية الانتخابات وفق قواعد الشفافية وهو ما يؤكد أنها باتت من ثوابت الكويت والتي لايمكن التراجع عنها وما تشهده البلاد من معارضة قد تشتد في بعض الأحيان وما يتبع ذلك من حل لمجلس الأمة أو تغيير الحكومة نراه أمرا طبيعيا في سياق الخيار الديمقراطي, وما تم مؤخرا في هذا الصدد كان ضمن الصلاحيات التي يتيحها الدستور للأمير. ولكن قرار حل مجلس الأمة الذي انتخب في عام2009 شكل منعطفا خطيرا في مسار التجربة الكويتية ؟ ما حدث شكل مفارقة فهذا المجلس والذي لم يكمل الا ثلاث سنوات من عمره شهد ممارسات لم يكن من الممكن استمرارها فوجد الأمير وفق صلاحياته أنه من الأفضل حله والدعوة لإجراء انتخابات جديدة والتي جرت بالفعل في النصف الأول من عام2012 ولكن سرعان ما طعنت المعارضة في دستورية المجلس بعد ستة أشهر فقط من بداية نشاطه وهو ما أصدرت المحكمة الدستورية العليا بالفعل حكما ببطلانه مما ألزم الأمير بإصدار قرار حله وتشاء المصادفات أن يصدر قرار الحل في اليوم الذي تم فيه اصدار المحكمة الدستورية العليا المصرية ببطلان انتخابات مجلس الشعب السابق. وأعقب هذه الخطوة تصعيد المعارضة لخطواتها ورفعها من وتيرة صراعها مع الحكومة مما أفضي الي نوع من الاحتقان السياسي تجلي في قيامها بالعديد من المسيرات الاحتجاجية والتي سمح القانون بالقيام بها في ساحة الشهداء الموازية لمجلس الأمة ولكن المعارضة كانت تنظم هذه المسيرات في الأماكن غير المسموح بها قانونا, ومع ذلك فقد تم الاتفاق علي تنظيم انتخابات جديدة لمجلس الأمة وتزامن ذلك مع تعديل أمير الكويت لقانون الانتخابات بحيث يكون لكل ناخب صوت واحد بدلا من أربعة أصوات وفق القانون السابق مما أدي الي توسيع قاعدة الاحتجاج لدي المعارضة التي قررت كتلها الرئيسية مقاطعة الانتخابات التي جرت بالفعل في شهر ديسمبر الماضي وشهدت نسبة اقبال بلغت حوالي40 في المائة. يبدو أن مجلس الأمة الجديد رغم غياب أبرز وجوه المعارضة التقليدية عنه لم يتسم بمهادنة الحكومة ؟ ذلك ما يبدو واضحا فقد كان المتوقع منه أن يكون أكثر هدوئا من المجالس السابقة, غير أنه ظهر عكس ذلك فهناك سلسلة من الاستجوابات قدمها أعضاؤه علي الرغم من أنه لم يكمل ستة أشهر من عمره وهو ما يدعو الي القلق بالفعل وعلي أي حال فإن الحراك السياسي في الكويت قائم وقوي والمعارضة تحاول أن تتكتل ساعية الي إبطال دستورية البرلمان الجديد. الي أي مدي انعكست تداعيات هذه الأحداث علي الوضع التنموي للكويت ؟ بالطبع أسهمت هذه الأحداث في دفع معدلات التنمية بوتيرة بطيئة مع تقليل حجم الإنجازات المطلوبة كما تعطل صدور العديد من القوانين والمراسيم التي تتعلق بالشئون الداخلية مما أدي الي تأخر تنفيذ المشروعات التنموية. يردد البعض أن زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للقاهرة أصابت بعض الدوائر الخليجية بالقلق فهل شعرتم في الكويت بتوجس ما من هذه الزيارة ؟ بوضوح لم تقلقنا هذه الزيارة ولم ننظر إليها بتوجس فنحن ندرك أن مصر ثابتة في مواقفها والتي تقوم علي أن أي علاقات لها سواء مع ايران أو مع غيرها من أطراف أقليمية لن تكون خصما من رصيد علاقاتها مع الكويت أو من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر بطبيعتها منحازة لشعوبها العربية فضلا عن كونها دولة محورية في المنطقة ولها استقلاليتها وحريتها في تبني ما تريد من توجهات وسياسات. ما الذي تراهنون عليه في الخليج في حال تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية ؟ نحن نتوقع من مصر أن تتبني الملفات العالقة بين ايران ودول مجلس التعاون بالذات علي صعيد تدخلها في الشئون الداخلية وأيجاد حل لأزمة الجزر الإماراتية ولاشك أن عودة العلاقات بين الجانبين يمكن أن تؤدي الي نوع من التأثير الإيجابي علي مواقف طهران تجاه قضايا المنطقة. وأخيرا سعادة السفير ألا يمكن أن تلعب الكويت لإنهاء ما يبدو أنه توتر مكتوم في العلاقات المصرية الإماراتية ؟ نحن علي استعداد للقيام بأي مساع في هذا الاتجاه إذاطلب منا وكما تعلم فإن الأمير لديه منذ أن كان وزيرا للخارجية خبرات واسعة في هذا الصدد.