باستثناء التوقيت السيئ والنبرة العدائية المتصاعدة لم يكن هناك جديد في مسلسل توتير الأجواء في شبه الجزيرة الكورية الذي تجدد مع التفجير النووي الثالث لكوريا الشمالية. وما أعقبه من عقوبات دولية وتهديدات متبادلة. التوقيت كان سيئا لأنه تزامن مع تسليم القيادة رسميا في الحزب الشيوعي الصيني, وبدء رئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هيون ممارسة مهامها, وجدل يثور في واشنطن حول فشل العقوبات في إثناء طهران أو بيونج يانج عن تطوير برنامجهما النووي والحاجة إلي اختبار الحوار. من السهل التهوين مما اتخذه رئيس كوريا الشمالية كيم يونج أون من خطوات متصاعدة مثل إلغاء اتفاقية عدم الاعتداء بين الكوريتين والخط الساخن, والتلويح بإنهاء اتفاق الهدنة مع الولاياتالمتحدة والتهديد بتوجيه ضربة نووية ردا علي المناورات العسكرية الكورية الأمريكية فهي تهديدات متكررة تعجز بيونج يانج عن تحمل عواقبها الاقتصادية, ولكن خطورتها تكمن في حالة نفاد الصبر التي تنتاب كل الأطراف. فالمحادثات السداسية وصلت إلي طريق مسدود ولم يعد تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي ممكنا. والتوتر السائد حاليا بين الصين واليايان يزيد الموقف تعقيدا. والتحول في السياسة الخارجية الأمريكية نحو تعظيم الوجود العسكري في آسيا يضع واشنطن في حرج إزاء التهديدات الموجهة لكوريا الجنوبية واليابان بسبب تطوير القدرات النووية والصاروخية لبيونج يانج. نقطة الانفراج الحقيقية هي في تطور الموقف الصيني الذي لعب دورا محوريا للمرة الأولي في صياغة العقوبات المالية والتجارية والدبلوماسية الأخيرة. لا يعني هذا تغييرا جذريا في توجهات القيادة الجديدة ولكنه يعكس تململا من صبيانية تصرفات بيونج يانج التي أصبحت تشكل عبئا بدلا من دعم الدور الصيني الدولي المتعاظم. إذا أرادت واشنطن أن تلتقط الخيط فعليها أن تقدم الضمانات للصين بأن تغيير موقفها تجاه النظام الحاكم في بيونج يانج لن يترتب عليه عسكرة المنطقة المحيطة بنطاقها الاستراتيجي. فبدون هذا التفاهم تزداد خطورة بقاء كل الأطراف في حلقة نفاد الصبر.