تمثل الدعوة للعصيان المدني إحدي أشكال الاحتجاج, بيد أن العصيان المدني في مصر يأخذ أشكالا مختلفة عما هو معروف دوليا, إذ لجأ الداعون الي العصيان وإلي اجبار الناس والموظفين علي الاستجابة إليهم. ولم يكتفوا بذلك بل صعدوا من الأمر بأن حدثت اشتباكات بينهم وبين بعض الموظفين الرافضين للعصيان فتطور الأمر الي استخدام العنف معهم للنزول علي أمرهم. ومن هنا خرج العصيان المدني عن شكله الاحتجاجي ودخل في دائرة العنف والاشتباك, مما دعا رجال القانون والخبراء إلي مواجهة هذا العصيان بالقانون, وتضيف مواد القانون علي من يمنع موظفا عاما من أداء عمله وإجباره علي ترك العمل. وحول الموقف الذي نعيشه والدعوة للقيام بعصيان مدني وإجبار الآخرين عليه يقول الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي أستاذ القانون الجنائي بحقوق الإسكندرية إن قانون العقوبات يعاقب بشدة علي هذه الحالات التي لم تكن منتشرة في مجتمعنا, فالقانون ضد ترك الموظف لعمله أو تحريض الغير لترك العمل أو استخدام العنف والإجبار علي منع الموظف من أداء عمله وهناك نصوص صريحة تجرم هذه الأفعال, فمادة124 من قانون العقوبات تقرر أن كل موظف أو مستخدم ترك عمله أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفية بقصد عرقلة سير العمل أو الاخلال بنظامه يعاقب بالحبس مدة لاتجاوز6 أشهر أو بغرامة لاتتجاوز500 جنيه وهذه القوانين تحتاج لإعادة نظر لأن الغرامات لاتناسب هذا الوقت وهذا غير التعويض عن الخسارة. سجن وغرامة ويقترح الدكتور فتوح أن تكون العقوبة هي الحبس لمدة لاتجاوز عاما أو الغرامة التي لاتجاوز ألف جنيه إذا كان ترك العمل أو الامتناع عنه من شأنه أن يجعل حوائج الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر أو كان من شأنه ان يحدث إضطرابا أو فتنة بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة, ويعاقب أيضا كل من حرض أو شجع موظفا أو مستخدما عموميا بأي طريقة كانت علي ترك العمل والامتناع عن تأدية واجبه الوظيفي إذا لم يترتب علي التحريض أي نتيجة وأيضا يعاقب بالعزل إذا كان مرتكب الجريمة من الموظفين العموميين, كما يعاقب بالحبس من6 أشهر لعامين كل من اعتدي أو شرع في الاعتداء علي حق الموظفين أو المستخدمين العموميين في العمل باستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو غير ذلك من الوسائل غير المشروعة. ويطالب فتوح بالقبض علي هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بأعمال البلطجة وتقديمهم للمحاكمة لأنهم يعطلون الموظفين العموميين أو غير الموظفين عن أداء عملهم وممارسة حقوقهم المشروعة. إجرام تحت مسمي المظاهرات وردا علي سؤال حول الموقف القانوني من إخراج الناس من مجمع التحرير ومنعهم من أداء عملهم, يقول هذه جريمة اعتداء علي حق الموظفين العمويين في العمل وعلي الموظفين لأنها تمت باستخدام القوة والعنف والتهديد وعقوبة هذا العمل الإجرامي تصل لعامين, فالمباح هو التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي دون الاعتداء علي حق الغير في العمل أو منع الناس من الوصول لمصالحهم. قطع الطرق والمواصلات؟ وعن قطع الطرق والمواصلات يقول الدكتور فتوح الشاذلي إن تعطيل المواصلات والاتصالات جريمة وفقا للمادة163 و164 من قانون العقوبات فتعطيلها سواء كانت بريدية أو مواصلات جريمة, أما المادة167 من قانون العقوبات تعاقب بالسجن المشدد أو السجن كل من عرض للخطر عمدا سلامة وسائل النقل العامة البرية أو المائية أو الجوية أو عطل سيرها يعاقب من3 إلي5 سنوات أما إذا نشأ عنه موت شخص ترتب علي الفعل كوجود مريض في المترو أو القطار الذي تم تعطيله فيعاقب مرتكب الفعل بالإعدام أو السجن المؤبد, والمادة169 من القنون تقول كل من تسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدي وسائل النقل من شأنه تعريض الأشخاص الذين يوجدون بها للخطر يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز6 أشهر أو بغرامة لاتتجاوز200 جنيه أما اذا نشأ عن الفعل موت شخص أو اصابة بدنية تكون العقوبة الحبس3 سنوات كحد أقصي, فالقانون به نصوص كثيرة جدا تحمي حق الانسان في العمل والوصول لعمله وأداء واجباته ويحمي حرية التنقل للأشخاص ويحمي المواصلات فيكفي الإمساك والقبض علي عدد من قاطعي خطوط المترو أو غيرها, لتفعيل نصوص القوانين حتي يتحقق الردع الخاص لمرتكبي هذه الأفعال, كما أن المراهقين والأحداث لديهم ميل طبيعي لتقليد الآخرين كنوع من البطولة وإذا لم يعاقب علي الأفعال السيئة يعتبرونها قدوة سيئة, فانتشار مثل هذه الأفعال سببه التهاون في تطبيق القانون من جانب السلطات العامة وهو ما أدي للخلط الواضح بين ماهو تعبير عن الرأي بطريقة سلمية وما يعد من أعمال التخريب والاعتداء علي مصالح الناس وجميع أعمال البلطجة التي نراها. إثبات الإجرام وفي تعريفه للعصيان يوضح الدكتور أحمد أبوالعينين أن العصيان المدني هو فعل شخصي يقوم به الفرد ولايلجأ منع الغير من ممارسة عمله أو أداء مصلحته أو منعه من تقديم خدمة للجمهور, ويؤكد هناك نصوص كثيرة في قانون العقوبات تعاقب علي هذه الأفعال ويمكن إثباتها بأي وسيلة من وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود وكاميرات التصوير الثابتة لتصوير الأماكن العامة ويمكن تفريغ الأشرطة, وتحريات المباحث عن مرتكبي هذه الأفعال باعتبارها قرينة معززة للأدلة الأخري, كما أن التصوير بالمحمول وغيره عن طريق بعض المواطنين يمكن الاعتماد علي بعضها بعد الفحص, الا ان المتظاهر السلمي لا لوم عليه مادام لايعيق مؤسسات الدولة عن أداء عملها فهو يمارس حقه الدستوري مادام لاتؤدي التظاهرات للاعتداء علي حقوق الآخرين, ويجب تطبيق نصوص القوانين بحزم, حيث يوجد ترسنة من النصوص التي تعاقب علي هذه الأفعال ومن المتعين فهمها الصحيح وتطبيق علي الأحداث الخارجة عن القانون بكل دقة وبلا تهاون, حتي تكون ردعا عاما لمن يفكر في ان يسلك نفس تلك الأفعال مستقبلا. ويشير الي ان السلطات المختصة يتعين عليها التصدي لهؤلاء البلطجية بكل حزم فهم ليسوا ثوارا ولابد من إجراء التحريات اللازمة للوصول الي الشركاء سواء بالتحريض أو المساعدة أو بالاتفاق مع هؤلاءمرتكبي هذه الجرائم والتحقيق معهم وتقديمهم للنيابة العامة مع الأدلة والقرائن التي تثبت تورطهم في ارتكاب مثل هذه الأفعال.