* محمد شحاتة: تعطيل منشآت الدولة أعمال مجرمة فى قانون العقوبات * أسامة الحلو: تصرفات غير مسئولة هدفها إرهاق الاقتصاد وتعطيل التنمية تزايدت فى الآونة الأخيرة ظاهرة قطع الطرق والمواصلات الحيوية والسكة الحديد ومترو الأنفاق وغلق منشآت عامة بالقوة الجبرية، وظهرت دعوات علنية لتصعيد هذه الأعمال بزعم أنها إحدى أدوات التظاهر السلمى. من جانبهم، وصف الخبراء هذه الأعمال بأنها مجرمة قانونا، مطالبين بتفعيل القوانين وتطبيق العقوبات، وقالوا هناك سوء فهم لآليات الاحتجاج، مؤكدين أن هذا الجرم ليس آلية للتعبير عن الرأى؛ لأنه يضر بالاقتصاد وبمصالح المواطنين. كان الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، قد أفتى بتحريم قطع الطرق شرعا، كما أصدر الأزهر الشريف وثيقة تدعو إلى نبذ العنف. ورغم ذلك شهدت المظاهرات خلال الأسابيع الماضية أعمال عنف، وطالبت ما سمى "جمعة محاكمة النظام" بقطع الطرق وتعطيل حركة المواصلات وغلق بعض المؤسسات والوزارات وإيقاف حركة المترو، كما قام عدد من المتظاهرين من أهالى شبرا بقطع شارعى شبرا خلوصى. بورسعيد وفى بورسعيد، تواصل قطع الطريق الوحيد المؤدى إلى معديات وميناء (شرق التفريعة)، مع السماح بمرور النساء والحالات الصحية الحرجة فقط، واحتشدت عشرات الشاحنات والحاويات القادمة من شمال سيناء أمام الحاجز، الذى أقامه المحتجون، كما أدى قطع الطريق إلى عجز عمال ميناء شرق بورسعيد عن الوصول إلى الميناء وتوقف العمل فى الميناء. وقال مصدر بشركة قناة السويس للحاويات -التى تدير ميناء شرق بورسعيد-: إن الخسائر اليومية للميناء تصل إلى 15 مليون دولار. وفى المنصورة، تسببت "جمعة محاكمة النظام " فى حدوث شلل مرورى بالمدينة بسبب قطع الطرق؛ حيث توقفت حركة السيارات بشارع الجيش وقناة السويس والجمهورية، وهى شوارع رئيسية تؤدى إلى مبنى المحافظة. كما شهدت المظاهرات اقتحام مترو الأنفاق وغلق مجمع التحرير بالقوة الجبرية أربعة أيام متتالية. قانون العقوبات من جانبه طالب د. محمد شحاتة -أستاذ القانون الجنائى بجامعة الإسكندرية- بتفعيل وتطبيق قانون العقوبات، التى لا تحتاج إلى تغليظ، مؤكدا أن دعوات أو تنفيذ أعمال قطع الطرق "برية أو بحرية أو جوية وبينها قطع مترو الأنفاق والسكة الحديد والطرق الزراعية والصحراوية وغيرها وتعطيل منشآت الدولة وعمل الموظف العام" أعمال مجرمة بقانون العقوبات الذى يجرمها ويعتبرها جناية أقل عقوبة لها السجن من ثلاث إلى خمس سنوات وقد تصل إلى المؤبد. وقال إن العصيان المدنى صورة من صور مناهضة نظام حاكم مستبد لا نظام منتخب فى أعقاب ثورة، موضحا أن هناك سوء فهم للعصيان المدنى، فهو اعتراض سلمى؛ بحيث لا يتعامل الشخص مع المرافق العامة للدولة طواعية دون أن يؤثر على غيره بأى ضرر، ولكن إذا تجاوز تأثيره بالإجبار أو المنع أو تعطيل متعمد لموظف عام أو منشأة أو مصالح المواطنين فهذه جناية، وليست شكلا من أشكال التظاهر السلمى. وأشار شحاتة إلى خطورة واقعة غلق مجمع التحرير بالقوة الجبرية أو غيره من المصالح أو التهديد بتكرارها، موضحا أن إجبار الموظف العام على الامتناع عن العمل أو إجباره على قرار معين، جريمة عقوبتها السجن من 5 إلى 15 سنة، وتتدرج العقوبة وفق طبيعة الموظف وحساسية عمله والإجراء المجبر عليه أو الممنوع عنه، وتغلظ العقوبة إذا تعلقت برئيس الدولة أو رئيس الوزراء. المواصلات العامة وأضاف أن هذه الجرائم منصوص عليها فى قانون العقوبات بالمواد من 133 إلى 137، لافتا إلى أن القانون ينص على أنه "من يعطل موظف عام أو يجبره أو يعطله عن أداء عمله يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على عدم أداء عمل من أعمال وظيفته أو عن الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده، فإذا بلغ مقصده تكون العقوبة مدة لا تزيد عن عشر سنوات، والعقوبة تكون بالسجن إذا كان الجانى يحمل سلاحا ولم يستعمله، وحدها الأدنى 3 سنوات، والأقصى عشر سنوات، وتكون عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لو أفضى السلاح لجرح أو ضرب". وأكد شحاتة أن قانون العقوبات يجرم تعطيل المواصلات العامة بالمواد من 163 إلى 170 وعقوبتها بالسجن وحدها الأدنى 3 سنوات، وتصل إلى 10 سنوات، وفى جميع الأحوال يلزم من فعل ذلك بالتعويض وإصلاح الخسائر، وإذا قطع وسائل نقل برية مثل القطارات والسكة الحديد عمدا كانت عقوبته السجن المشدد 15 سنة، وإذا نتج عنه موت يعاقب مرتكبها بالإعدام أو المؤبد حسب ظروف الواقعة طبقا للمادة 167، وتنص المادة 168 على أن تعطيل مواصلات بحرية أو جوية أو برية إذا ترتب عليه جروح تكون العقوبة السجن المشدد وينطبق ذلك على مترو الأنفاق. وكشف أنه لو ترتب على التعطيل موت أحد المواطنين، فعقوبتها الإعدام طبقا لقانون الجنايات، موضحا أنه إذا تم قطع طريق أو سكة حديد وبالقطار مريض يعانى أزمة قلبية وأدى تأخر إسعافه إلى موته، ففى هذه الحالة يعاقب قاطع الطريق بالإعدام. غير مسئولة ويرى أسامة الحلو -عضو المكتب التنفيذى لمركز سواسية لحقوق الإنسان- أن قطع الطرق والمواصلات وتعطيل المنشآت تصرفات غير مسئولة، الهدف منها منع عملية التحول الديمقراطى وتعافى الاقتصاد ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها، ومنع أى محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، مشيرا إلى أن هذه الأعمال تهدف إلى استحضار صورة ذهنية سلبية للعامة حول المؤسسات المنتخبة وتعويق جهودها. وشدد على أن التوصيف الصحيح لهذه الممارسات هو "جرائم جنائية" محل مساءلة وليست تظاهرات سلمية أو فئوية، لافتا إلى أن هناك حالات إجبار بالقوة على العاملين بمصالح حكومية لمنعهم من العمل. وأكد أنها جرائم تستوجب على المسئولين التدخل لمنعها أو معاقبة مرتكبيها؛ لأنها خروج عن السلمية والتعبير عن الرأى، مشددا على أن ثورة 25 يناير كانت سلمية تماما ولم يغلق فيها مجمع التحرير. وطالب الحلو جهاز الشرطة بالقيام بدوره للتصدى للأعمال التخريبية وإتلاف وتعطيل المنشآت العامة والخاصة كجرائم تتم تحت غطاء سياسى وبزعم "العصيان المدنى" أو باسم الثورة وهى منهم بريئة. وحذر من هدف خبيث لهذه التصرفات، يتمثل فى منع الاستقرار السياسى أو التنمية الاقتصادية، مؤكدا أن أصحابها يعرفون أنها تؤدى إلى هروب المستثمرين ومنع تعافى الاقتصاد والعودة إلى المربع صفر.