ما أكثر المناسبات التي تستدعي عندي ذكري مقال بديع للأستاذ يحيي حقي بعنوان أي حاجة.. وقبل أن أعدد المناسبات التي لا أشك في أنكم مثلي ترددون فيها المقولة ذاتها, دعوني ألخص لكم هذا المقال البديع.. يحكي العم يحيي عن يوم خرج فيه من العمارة فوجد أمامه البواب مبتسما ومرحبا به علي غير العادة.. لم تمر سوي لحظة حتي انكشف السر وراء هذا الترحاب الشديد ما عندكش بدلة قديمة تنفع لواحد زي حالاتي..انه ماشاء الله في طول النخلة وعرض الباب.. كيف يمكن أن يستفيد هذا العملاق من بدلتي القديمة وأنا رجل بالنسبة إليه كالنملة بالنسبة إلي فيل؟!..ونظر إلي الرجل ثم إلي الأرض وابتسم بحياء فلقطها العملاق وهي طايرة دي مش عشاني دي عشان الواد إبني.. جه من البلد امبارح بس, لجل يخش المدرسة, وسياتك ولا مؤاخذة عارف البير وغطاه,والناس هتاكل وشي لو الواد راح المدرسة من غير بدلة حلوة كده زي زملاته.. كلام معقول فإبنه قد تنفعه بدلة علي مقاسي.. حاضر يا سيدي بكرة تكون عندك البدلة.. سلامو عليكو.. ومشي العم يحيي وإذا به يسمع الأب وهو ينادي إبنه ويهنئه ويطلب منه أن يشكر البيه الكبير علي البدلة..نظر العم يحيي للإبن الذي جاء من البلد أمس فإذا به أطول وأعرض من أبيه.. البدلة للمحروس ده؟!.. آآآه.. وابتسم العم يحيي ابتسامته الحيية.. وتفتكر ممكن تيجي علي مقاسه؟!.. ورد البواب وهو يفرك يديه أهي أي حاجة.. أي حاجة منك حتبقي حلوة بالصلاة ع النبي يا باشا.... وضع البواب عمنا يحيي في خانة اليك فلم يجد مفرا من تأكيدالوعد بالبدلة, وليكن ما يكون, ومشي إلي المجلة.. وما إن دخل مكتبه حتي هل عليه أحد معارفه القدامي, وبعد السلامات الواد ابني مغلبني.. والنبي تشوف له شغلانة عندك هنا في المجلة.. زي إيه.؟.درس إيه ؟.. ينفع يشتغل إيه؟؟.. أي شغلانة.. أي حاجة.. مرة أخري أي حاجة.. ودق جرس التليفون يا أستاذ إلحقنا بمقال.. ولكن أنا يا ابني كتبت المقال بتاعي فعلا وقريت البروفة إمبارح.. انت نسيت وألا إيه ؟.. حصل يا استاذ بس المجلة ناقصة صفحة ولازم نسلم للمطبعة النهارده بالليل..اكتب لنا حاجة عشان نلحق.. اكتب إيه يابني بس ؟.. أنا موش محضر حاجة وما عنديش النهاردة أي فكرة تتكتب ؟.. أكتب لنا أي حاجة يا استاذ.. أي حاجة....ثالث أي حاجة.. وعصر الأستاذ ذهنه وكتب, وخرج إلي الشارع فمر بالمقهي فجاءه صوت عبد الحليم وهو يغني من خلال المذياع قوللي حاجة.. أي حاجة.. لا بقي.. دي مؤامرة..أربعة أي حاجة ع الصبح!!.. كلهم متفقين يسمعوني نفس الكلمة اللي حتجنني!!.. اعذرني يا عمنا يحيي فالتلخيص قد أضر كثيرا بالبنيان البديع لمقالك, ولكني مضطر إلي ذلك, أو علي الأقل هكذا وعلي هذا النحو أحكيه لأصدقائي حين أبرر لهم حالة الضحك العبثي التي تنتابني وأنا أنظر معهم إلي ما حولنا وأقول.. أي حاجة.. أهي أي حاجة.. أقولها وأنا أمشي في شوارعنا التي لا يحكمها قانون.. لا أرصفة لأنها محتلة بباعة كل حاجة وأي حاجة,وأي رصيف في أي مكان معرض في أي وقت لسيارة تصعد فوقة وتركن,أو أي أحد يعمل عليه نصبة لشرب الشاي والشيشة,أو يرص حجرين ويضع بينهما وابور جاز ومن فوقه قدرة فول وكام رغيف وبقي عندنا مطعم.. صحف ومجلات وكتب وشرائط كاسيت وسيديهات وشماعات عليها بنطلونات وبلوفرات وطواقي وجزم وملابس خارجية وداخلية رجالي وحريمي.. وناس واقفين ساكتين زي الفلاسفة,وناس قاعدة بتكلم نفسها زي المجانين, وناس بتصلي ع الرصيف وناس بتتخانق مع دبان وشها.. زمر وجري وزعيق وشتائم وسفالة وقلة حياء وأي حد يمكنه أن يضرب أي حد بأي حاجة في أي حتة..لا احترام للإشارات لا أحمر ولا أصفر ولا أخضر ولا أي حاجة, لا حق للمشاةولا للراكبين, كله داخل في كله والشاطر اللي يعدي الأول بغض النظر عن أي علامات علي الأرض أو في السماءأو في أي حاجة.. أي حاجة..أقولها لنفسي وأنا أدفع صاغرا فواتير التليفون والكهرباء والغاز والماء والزبالة والمخالفات والعوائد والضرائب ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية و.. و..وكل حاجة وأي حاجة.. أقولها وأنا أشاهد البرامج الحوارية والمسلسلات والأفلام, وأنا أسمع الأغاني الجديدة, وأنا أقرأ الصحف والمجلات وأطالع العناوين والوجوه والتصريحات المتضاربة والأحزاب السياسية والفتاوي الدينية و...و....مولد وصاحبه غايب وأي حد بيقول أي حاجة.. أقولها أحيانا لزوجتي حين تسألني نعمل إيه النهارده علي الغدا وكثيرا ما أصهين وأتركها هي لترد علي نفسها بنفسها أي حاجة.. ناكل أي حاجة بلا دوشة ووجع قلب.. يا عم يحيي لقد أصبحت الكلمة التي ضايقتك زمان هي دستور حياتنا الآن.. يا عم يحيي لقد أصبحت كل حاجة.. أي حاجة.. والعوض علي الله فينا وفي بلدنا وسلام عليك في الخالدين.