فاجأتني رسالة من سيدة تحمل كل أسباب المعاناة واليأس من خلال بحثها عن فرصة عمل في إحدي شركات وزارة الكهرباء التي تتيح فرص العمل لخريجي الدبلومات, وتضمنت الرسالة جميع الخطوات التي قامت بها هذه السيدة للحصول علي الوظيفة, من خلال المرور بالاختبارات اللازمة والتقدم بالأوراق المطلوبة مرارا وتكرارا دون جدوي, وعلي الرغم من الالحاح في الطلب وتوفر الشروط المطلوبة فإن الباب ما زال مغلقا, وقد هالني ما قرأته من الظروف المؤلمة لهذه السيدة المعيلة, والتي تمثل لها الوظيفة البسيطة طوق النجاة لها ولأبنائها من واقعها الأليم ولكن كانت المفاجأة الأكبر هي تقدمها بشهادة تسمي شهادة الفقر تشير الي حالتها الاجتماعية المتردية وبسؤالي عن هذه الشهادة وأهميتها كانت الاجابة من كواليس الوزارات والهيئات الحكومية انها ما زالت مطلوبة في العديد من الوظائف, ولذلك فانني أري أنه لابد لنا من وقفة مهمة نطالب فيها بضرورة الغاء مثل هذه الشهادة المهينة لانسانية المواطن, ولابد من تحقيق الثورة الادارية التي تشمل هذا الالغاء وتزيد عليه بتحديد معايير للقبول في الوظائف والاعلان عن الأعداد المطلوبة وعن الموعد النهائي للاختيار بكل الشفافية والوضوح وبدون ان ندفع المواطنين لعرض معاناتهم الشخصية أمام الجميع كسند رسمي للحصول علي وظيفة هي في حقيقتها حق مشروع من الوطن لأبنائه وليست منة أو تفضلا عليهم. وفي هذا التوقيت الصعب الذي تمر به البلاد قد ننسي الكثير والكثير من مثل هذه الأمور, ونتصور أن ثورة25 يناير ثورة سياسية فقط يقتصر دورها حاليا علي نجاح رموزها في الوصول الي البرلمان والعمل علي اتساع مساحة الديمقراطية والاهتمام بمحاكمة ومحاسبة رموز النظام البائد, ولكن علي الجميع أن يعلم أن هناك شرائح واسعة في المجتمع تعاني اقتصاديا ومعيشيا, ولا يمكنها الانتظار حتي يتم تشكيل البرلمان, أو اعداد دستور جديد للبلاد أو اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية, وانما هي تطالب بثورة فورية لادارة شئون الحياة اليومية دون تأجيل أو تبرير بأي شيء ودون مطالبتها بما يثبت معاناتها المستمرة, ولكن المهم الاستجابة لمطالبها والالتفات لمصالحها ودون انتظار لصوتها الانتخابي اليوم قبل الغد. المزيد من أعمدة نهال شكري