لو حسبنا المسألة بالمنطق سنتفق علي أن مصر تحتاج إلي معجزة ربانية وليس إلي انتخابات برلمانية ورئاسية. بمعني أدق لا يتصور أحد منا أن الأوضاع الحالية المؤلمة ستصبح أقل ألما في اليوم التالي لظهور نتيجة انتخابات الرئاسة, فما تعانيه مصر أكبر من كل المرشحين للرئاسة معا مثلما هو أكبر من المجلس العسكري وحكومة شرف معا. هذا ليس انتقاصا من أشخاص نجلهم ونقدرهم ونعلم ماضيهم وما يمكن أن ينتجه مستقبلهم بقدر ما هو إدراك لحجم ما تعانيه مصر وما يتم التعامل معه طبيا بالبتر وليس بالتضميد والحقن. لا يوجد مكان واحد في هذا البلد تستطيع وضع علامة( صح) أمامه, فإذا كان التعليم بايظ والصحة تسير علي كرسي متحرك, والاقتصاد والزراعة والصناعة و... و... والسياسة موش ولابد فكيف يمكن أن نطلب من رئيس مصر المقبل أن ينقل بلدا بهذا الوضع إلي وضع أفضل ولا أحد في المرشحين المحتملين للرئاسة يحمل عصا موسي؟. ومن سوء حظ هؤلاء المرشحين أن الفترة حين طالت ما بين ثورة يناير وانتخابات الرئاسة كشفت عن الإمكانات الحقيقية لكثير منهم التي لا تؤهلهم علي أفضل تقدير لعضوية البرلمان فما بالنا برئاسة بلد يحتاج إلي إعادة بناء من أول السطر واسمه مصر. نعم بعض هؤلاء المرشحين كان يتمتع بنوع من الكاريزما ولكن حين تصوره الشعب وهو رئيسا لم يحظ بالقبول. مصر إذن تحتاج إلي نائب برلماني ليست له علاقة شبه بنواب برلمانات السنوات الثلاثين الماضية. مصر إذن تحتاج إلي رئيس جمهورية ليست له علاقة شبه بكل المرشحين علي الساحة. مصر إذن تحتاج إلي شعب آخر ليست له علاقة شبه بالشعب الذي صبر علي حاكمه ثلاثين عاما وهو يدمر في وطنه. مصر إذن تعيش حالة مستحيلة لم تتكرر مع أي شعب في أي دولة. هذا ما تؤكده ظواهر الأمور, أما ما تكشف عنه القدرات الكامنة للمواطن المصري فهي وحدها التي تعطينا الأمل في قدرتنا علي إفراز نائب قادر علي الرقابة والتشريع ورئيس قادر علي الحكم والإنصاف وشعب قادر علي الهتاف من كل أعماقه: تحيا جمهورية مصر العربية. المزيد من مقالات عاطف حزين