كنت أخشي دائما من أن ينظر الناخبون البسطاء للجماعات السياسية التي ترفع شعارات دينية نظرة مقدسة ويصوتون لهم في أي انتخابات, ليس قناعة ببرامجهم الانتخابية ولكن ظنا أن من يصوت لغيرهم يخالف شرع الله. وكنت أعتقد أن انتشار قناعات كتلك خاصة في الريف المصري( قليل الوعي بالدين والسياسة وكثيف التصويت) كفيل بوأد فكرة تناقل السلطة في المهد, ويعني استبدال ديكتاتورية بأخري أخطر لأنها تستمد سلطتها من صناديق الانتخاب.ثم جاء السلفيون فتبددت المخاوف. قبل الظهور الكثيف للسلفيين علي الساحة السياسية, كان الأخوان يقدمون أنفسهم باعتبارهم الحاملين للواء الفكر السياسي الإسلامي, وكان من السهل اقناع البسطاء تحت شعار( الإسلام هو الحل) بأنهم المسلمون حقا في مقابل تيارات أخري ذات توجهات مختلفة. ولكن ظهور السلفيين واختيارهم تكوين أحزاب سياسية بعيدا عن الإخوان كشف الحقيقة وهي أن هناك أكثر من فكر إسلامي علي الساحة وأن شعار الإخوان الحقيقي هو( الإسلام وفقا لرؤية الإخوان هو الحل) في مقابل رؤي إسلامية أخري تختلف مع فكر الإخوان وإلا لما فضلوا الاستقلال في حزب منفصل. وجود أكثر من حزب إسلامي علي الساحة أكد للجميع أن أفكار الجماعات التي ترفع شعارات دينية هي نتاج فكر بشري قابل للمناقشة والنقد والاعتراض وأنه ليس أبدا كلام الله سبحانه- المنزه عن الخطأ, وإلا لما تجرأ السلفيون وخالفوا فكر الإخوان... الإسلامي. أصبح أمام الناخب البسيط نوعان من الفكر الإسلامي يختار بينهما, ومجرد إداركه أنه يملك القدرة علي الاختيار, فإن قدسية الطرح السياسي الإسلامي لم يعد لها وجود وأصبحت الأحزاب التي تقدم هذا الطرح, تماما كغيرها. قد نختلف مع بعض افكار السلفيين ولكننا لابد أن نعترف بفضلهم في تصحيح صورة الأحزاب التي ترفع شعارات إسلامية حتي ولو كان ما قاموا به عن غير قصد. لم يعد مهما الآن من يفوز في الانتخابات القادمة لأن الناخب البسيط أصبح يدرك أن الجميع يطرحون رؤي وسياسات بشرية قابلة للمراجعة ومن الممكن إبعاد أي حزب عن السلطة في انتخابات قادمة دون أن يكون في ذلك خروجا عن الإسلام. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله