في إطار متابعة الاتصالات واهتمامات القراء والعاملين في مجال السياحة بمقالنا25 فبراير الماضي عن السياحة الفاخرة والفنادق الفاخرة نواصل اليوم الكتابة في هذه القضية. ونقول من خلال قصة رحلة فاخرة في النيل سنحكي تفاصلها: ان تقضي اياما علي متن سفينة تبحر عبر النيل من اسوان حتي الاقصر تستمتع بنيل مصر ومناخها والأهم بآثارها الخالدة, حلم يداعب ملايين الاجانب المستعدين لبذل الغالي والنفيس حتي يصبح واقعا وحقيقة.. لكن في القصة التي نحكيها اليوم علي صفحات سياحة وسفر جانبان في غاية الأهمية الأول: الرغبة في زيارة مصر من جانب السياح الغربيين ومن بقية دول العالم وهي رغبة تصل إلي مرتبة الحلم نظرا للصورة المنطبعة عن مصر وتاريخها وحضارتها عند هؤلاء السياح لاسباب عديدة أهمها حالة الشغف العالمي المستمرة بمصر وحضارتها الفرعونية ولان التاريخ المصري القديم جزء لايتجزأ من المناهج الدراسية في معظم دول العالم.. أما الجانب الثاني ان هذه الرحلة الحلم تدخل في إطار ما يسمي بالسياحة الفاخرة أوluxurytourism وهي نوع شديد الاهمية من انواع السياحة تعطيه الدول أهمية كبيرة بسبب العائد المالي الكبير الذي يعود عليها نتيجة لذلك, فالسياحة الفاخرة تتعامل مع نوعية محددة من السياح مستعدة لانفاق المال في مقابل الحصول علي خدمة ليست جيدة فقط بل ممتازة. وبالنظر إلي التنافس الشديد بين الدول في مجال السياحة فان السياحة النيلية الفاخرة يمكن ان تكون فرصة مصر الواعدة لزيادة حصيلتها من السياحة, وبالطبع نقول, إن هذا النوع من السياحة موجود منذ عشرات السنين لكن هناك حاجة ملحة للاهتمام به واعطائه الاولوية حتي يمكن لمصر ان تحتل الصدارة في هذا المجال, من خلال حملات تسويقية وتنشيطية كبيرة! ورغم أهمية الدعاية والحملات الاعلانية عن مثل هذا النوع من السياحة, فانها لن تستطيع اقناع السياح بالسفر إلي مصر وتحقيق الحلم بنفس التأثير الذي يمكن ان يقوم به نشر مقال أو علي وجه الدقة تحقيق صحفي مطول يوم الأحد14 فبراير الماضي في العدد الاسبوعي لصحيفة هي الافضل والأكثر احتراما في العالم وهي صحيفة نيويورك تايمز ولذلك ننشره اليوم مترجما. وكاتبة التحقيق وعنوانه هذا ما شعرت به كليوباترا هي الصحفية جنيفر التي تسهم من وقت لاخر في ملحق السفر بصحيفة نيويورك تايمز وهي مقيمة حاليا في القاهرة. تبدأ جنيفر موضوعها بمقدمة شديدة الجمال والعاطفية فتقول: كانت السفينة النهرية تتهادي ببطء علي صفحة مياه النيل في يوم من اوائل شهر يناير الماضي, كنت مستمتعة بالمشهد امامي, احيانا استرخي علي كرسي هزاز أبيض اللون أو علي الأرائك المزدحمة بالأغراض, أسبح في حمام سباحة دافيء أو اقرأ, ارتشف المشروبات مع عشرات من الناس الذين التقيتهم في مراحل مختلفة من حياتي, علي يميني صديق طفولة يلتقط صورة له مع والد في مدرسة ابني وعلي يساري والدتي تتقاسم النكات مع احد اصدقائها, وعلي مقربة من ذلك تناقش اختي تاريخ مصر الفرعونية مع الاب الروحي لابنتي. في وقت متأخر من تلك الليلة, تستعيد الكاتبة شريط حياتها وهي تري علي متن السفينة وجوها مألوفة بالنسبة لها تتراوح اعمارها بين7 سنوات و77 عاما, ثم تستدرك قائلة: رغم انني امضيت الشهور العشرة الأخيرة في الاعداد والتنظيم لهذه الرحلة إلا انني مازلت غير قادرة علي تصور أن الحلم اصبح حقيقة. وتحكي قصة الرحلة منذ ولادتها فكرة إلي ان تحققت علي أرض الواقع, وتقول: في بداية2009 عندما تحدثت مع اسرتي واصدقاء لي عن امكانية استئجار سفينة نهرية للقيام برحلة خاصة في النيل, كان الرد السريع ذا شقين الأول: انها تبدو فكرة رائعة والثاني: هل انت مجنونة؟ كانت الفكرة ان تكون الرحلة4 ايام مع التوقف لرؤية المعابد والمقابر الفرعونية وبعض المواقع الخالدة, ولكن حتي عندما اكتشفت انه بالامكان الحصول علي سعر جيد من شركة ابركرومبي اند كنت25% تخفيضا عن السعر المعتاد اذا تم شغل السفينة باكملها إلا ان الشكوك كانت مازالت قائمة بشأن تحقيق الحلم. لكن الكاتبة بدأت مع زوجها بخطة بسيطة بعد ان ابلغتهما شركة ابركرومبي اند كنت ان لديها سفينة تتسع ل36 شخصا, الخطة كما تقول هي ملء السفينة بافراد الاسرة والاصدقاء وكثير منهم لم يقم بزيارة مصر مطلقا وسوف يكون سعيدا لرؤية القاهرة التي انتقلنا انا وزوجي دانيل واطفالي الثلاثة للإقامة بها لكن سرعان ما جاء خبر سييء الا وهو ان تلك السفينة جري حجزها وان الشركة لديها بديل اخر وهو سفينة تتسع ل80 شخصا واذا كانت هناك رغبة في استئجارها في يناير فلابد من دفع100 الف دولار بغض النظر عن عدد الاشخاص الذين سيكونون فيها. وتواصل الكاتبة: نظرت إلي زوجي متمتمة بأن هذا هو نهاية الحلم لكنني ذهلت عند سماعه يقول حاولي ان تسألي عما اذا كان بامكانهم اعطاءنا مهلة عدة اسابيع. ومن هنا بدأت رحلة البحث عن مشاركين في الرحلة من خلال الرسائل الالكترونية للاصدقاء واصدقاء الاصدقاء وزملاء الدراسة الذين لم نرهم منذ سنوات ويعيشون الآن في كل مكان من واشنطن حتي باريس. ورغم الصعوبات وتداعيات الركود الاقتصادي العالمي تمكنت الكاتبة من اتمام الرحلة التي كانت هي بمثابة وكيل السفر ومنظم الرحلة والمشرفة علي كل شيء تقريبا بالنسبة لها ومع ذلك فانها كما تقول لم تفقد رشدها رغم ذلك! وتتساءل جنيفر: كيف فعلناها؟ وتجيب لقد تبين انني امتلك تلك المهارات اللازمة لانجاح مثل هذا النوع من المغامرات, وأهم هذه المهارات القدرة التنظيمية التي اكتسبتها من تنقلاتها خلال العشرين عاما الماضية من واشنطن إلي لندن إلي بروكسل إلي باريس ثم العودة إلي لندن قبل المجيء إلي القاهرة. وتنقل الكتابة عن كاثرين بونر المدير التنفيذي لشركةtauckcruising للرحلات: ان المفتاح الرئيسي لعمل رحلة نهرية خاصة هو التنظيم, نفس الكلمات التي رددها عمرو بدر المدير التنفيذي لشركة ابركرومبي اند كنت في مصر والشرق الأوسط الذي رأي اعدادا لاحصر لها من حفلات الزواج واعياد الميلاد ولم شمل الاسر علي متن مثل هذه الرحلات. ويقول عمرو بدر: للقيام بهذا النوع من الرحلات هناك حاجة لخطة تنظيم تتابع كل شيء خطوة بخطوة وتضع الامور في نصابها الصحيح وتبني علي ما تقدم. ثم تقدم الكتابة نصائحها لمن يود ان ينظم رحلة خاصة بحرية أو نهرية دون ان يضطر للسفر مع غرباء, الأمر الذي قد يؤدي إلي انتهاك الخصوصية أو يقلل من البهجة التي يسعي إليها الراغبون في هذا الرحلات. أولا: التخطيط المبكر ويؤكد عمرو بدر انه عند اختيار السفينة لابد من التأكد من انها تستوفي كل متطلبات السلامة وأن تكون بالمستوي المطلوب. ثانيا: التفاوض حول السعر فمن المهم الحصول علي تخفيض كبير, وقد انتهي الأمر بأن الشخص في هذه الرحلة تكلف1200 دولار فقط شاملة الرحلات الداخلية. ثالثا: دعوة اكبر عدد ممكن من الناس للقيام بالرحلة وكما قال بدر للكاتبة لابد في البداية من دعوة ضعف العدد المطلوب للسفر علي السفينة حتي لاتقع مشكلة في حالة اعتذار البعض منهم وهو أمر يتكرر كثيرا. رابعا: اختيار مسئول عن الأمور المالية وتكون لديه دراية كبيرة. خامسا: ايجاد بعض الإثارة قبل القيام بالرحلة من خلال استخدام الفيس بوك وتعريف المسافرين بمصر ودعوة عالم في علم المصريات للحديث إلي بعض افراد المجموعة المسافرة عن الحضارة المصرية. سادسا: ما ان تبدأ الرحلة استمتع بكل شيء, وينصح عمرو بدر كما تقول الكاتبة بترك كل المسئوليات للخبراء فور الصعود علي ظهر السفينة ويواصل: هؤلاء الخبراء محترفون ويعرفون ماذا يقدمون وماذا يحتاج السياح والخدمة24 ساعة ولذلك وجه جهودك كلها للاستمتاع بالرحلة وبجمال مصر وحضارتها. * شكرا للكاتبة الأمريكية التي اسهمت بمقالها الرائع في صحيفة دولية محترمة ذائعة الصيت بنيويورك تايمز في الدعوة إلي السياحة الفاخرة في مصر.. فهو بالتأكيد له تأثير أكبر من بكثير من حملات التنشيط المباشر. مرة اخري شكرا للكاتبة جنيفر كونلن علي مقالها.. وعلي حبها للنيل.. ومصر.