الحديث عن الدروس الخصوصية أصبح من الأحاديث المتكررة والمملة, لأن المجتمع لم يشعر, خلال السنوات الماضية, بتحسن في العملية التعليمية, لمواجهة هذه الآفة, التي أصابت الطالب بتصلب في الشرايين, ولم يعد قادرا علي ان يستخدم مهاراته, وأدواته في التعلم, وتظهر واضحة في الخريجين غير القادرين, علي التطوير وطرح الأفكار الجديدة وفاقدين أهم أدوات العصر, المتمثلة في اللغة والكمبيوتر والاختزال, والتعامل مع الآخرين, والتحاور واحترام الرأي الآخر وغيره. بعد مظاهرات للمعلمين, وإضرابات للمطالبة بتحقيق مطالبهم, أهمها تحسين الدخول, وبعد عدم انتظام للدراسة من اليوم الأول لها في جميع المحافظات, وخوف مستمر لأولياء الأمور علي أبنائهم, ووسط اعتراض من المجتمع علي عدم الاستقرار داخل البلاد; تولد لدي المجتمع إحساس جديد بأن مستقبل أولادهم أصبح في خطر أشد, خاصة مع تكرار المظاهرات من جانب المعلمين, فاتجهوا إلي تأمين مستقبل أولادهم التعليمي, بعمل مدرسة موازية أخري عن طريق الدروس الخصوصية, تحسبا لعدم انتظام الدراسة, خاصة في الشهادات العامة, ولم يعد يهمهم دور المدرسة أوانتظامها. وفي نفس الوقت, وبعد عودة المعلمين للمدارس, وفض الإضرابات, وجدوا الأسرة المصرية جاهزة, ومستعدة لفتح المدرسة الموازية, سواء في المنزال أو المراكز أو في الفترة المسائية لدروس أو مجموعات التقوية بالمدارس, بالرغم من أنها كانت مفتوحة منذ سنوات طويلة, ولكنها لم تكن في جميع المواد حتي الرسم والأنشطة, وبصراعات ومشاجرات بين المعلمين علي الفوز بأكبر عدد من الطلاب, وعلنا أمام الجميع, فاستغلت بعض المدارس والمعلمين هذه الأرضية بدلا من محاربتها بعد الحصول علي بعض الحقوق, ورفع شعارات في الإضرابات, خرجنا من أجل الدفاع عن الأسرة المصرية, ومحاربة الدروس الخصوصية. أعلن المسئولون في الوزارة والمديريات التعليمية بالمحافظات, رفضهم هذا وقيامهم بجولات مكوكية لمواجهة ظاهرة الصراعات والمشاجرات, ولكنه كلام للاستهلام, ولعودة الهدوء الاعلامي والمجتمعي, وترك الأمور تحل نفسها بنفسها, كما يحدث في كل قضايا التعليم, وليتحمل المجتمع سلبيات وأخطاء غير القادرين علي الاصلاح والتحديث, بالرغم من أنه أمامهم كل الحلول والمقترحات والنماذج السابقة. ستظل قضية التعليم والاصلاح في يد المعلم, والبداية الحقيقية لاتخاذ الاتجاه الصحيح نحو نظام تعليمي جديد ومتميز, لذلك لا نجد دورا أو تأثيرا لأكاديمية المعلمين, والمراكز التي تقوم بإعداد أبحاث تطبيقية داخل وزارة التربية والتعليم, لأن طرح المناهج الدراسية, وانتظام الطلاب بالمدارس, وتفعيل الأنشطة الطلابية, وإدارة العملية التعليمية, يحتاج فقط للمعلم وتطوير أدائه. ان صراع ومشاجرات المعلمين, علي خطف طالب للدروس الخصوصية تأكيد واضح ومؤشر علي أن العملية التعليمية, تتراجع أكثر, وأن القادم أشد خطورة علي مستقبل العملية التعليمية, والطلاب ونوعية الخريجين. المزيد من أعمدة محمد حبيب