مثلما انشغلت منظمة المؤتمر الإسلامي منذ عام2001 بظاهرة' الإسلاموفوبيا', بات يتعين عليها الآن ولسنوات مقبلة الانشغال بالرد علي تهمة' الديكتاتورية الإسلامية' التي يطلقها بعض المحللين الغربيين هذه الأيام. وأفضل ما يمكن أن تفعله المنظمة في هذا الصدد هو تحديد موقف واضح وحاسم وجريء تجاه موجة ثورات محتملة من' الربيع الإسلامي', تماما كما أعلنت موقفها واضحا من ثورات' الربيع العربي'. بداية, يجب الإشارة إلي أن مصطلح' الربيع الإسلامي' بدأ يتردد للمرة الأولي بعد أسابيع قليلة من هبوب رياح' الربيع العربي', وتحديدا عندما أراد المحللون الغربيون الإشارة إلي' النهاية الإسلامية المتوقعة' التي ستؤول إليها الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا, ومن بعدهما اليمن وسوريا, ومن قبلهما بكثير, الصومال. ولكن المصطلح نفسه بات يستخدم بشكل آخر للإشارة إلي ما يمكن أن يحدث لو امتدت موجة ثورات' الربيع العربي' إلي أنحاء أخري من العالم, وبخاصة دول آسيا الوسطي المسلمة, التي كانت سببا في تعمد بعض الكتاب الغربيين إلصاق تهمة الشمولية بالإسلام وبدء استخدامهم لمصطلح' الديكتاتورية الإسلامية', تماما مثلما سقطوا من قبل في مستنقع الربط بين الإسلام والإرهاب. مصطلح' الربيع الإسلامي' بمعناه الأول بدأ يتردد بعد أن بدأت أصوات التيار الإسلامي تعلو علي الساحة السياسية التونسية عقب ثورة' الياسمين' التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير الماضي, وبعد أن بدأت الحركات والجماعات الإسلامية وعلي رأسها' الإخوان المسلمون' تكشر عن أنيابها علي الساحة السياسية المصرية عقب ثورة' التحرير' التي أطاحت بنظام حسني مبارك, وأخيرا, بعد أن فاجأ المجلس الانتقالي الليبي الجميع بإعلانه بعد إسقاط نظام معمر القذافي أن الشريعة الإسلامية ستكون هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد. إسلاميو تونس لن تكون لهم الغلبة علي الأرجح في مقدرات البلاد خلال المرحلة المقبلة, بعكس الموقف بالنسبة لمصر أو ليبيا, أو حتي في اليمن, الذي يبدو فيه تنظيم القاعدة والجماعات الموالية له أو المتعاطفة له وكأنها تتربص سقوط نظام علي عبد الله صالح ليتحقق لها حلم فراغ السلطة الذي سيساعدها لتحقيق هدفها الأسمي في إقامة إمارة إسلامية علي غرار ما فعلته حركة' شباب المجاهدين' في الصومال. وأيضا إذا نظرنا إلي حالة كل من سوريا والأردن والمغرب والجزائر, وهي الدول المرشحة تباعا لأن تكون هدفا لموجات الربيع المقبلة, حتي ولو علي فترات متباعدة, فإننا سنجد بوضوح أن الصوت الإسلامي سيكون هو المهيمن في كل من هذه الدول. الولاياتالمتحدة والغرب لا يخفيان قلقهما من احتمالات وصول إسلاميين إلي الحكم في مصر, وربما يكون السبب الرئيسي وراء هذا القلق هو إسرائيل والخوف علي أمنها, ولكن الأمر وصل إلي درجة الشعور بالفزع مما تم إعلانه في ليبيا بشأن الشريعة الإسلامية, فالربيع العربي مرحب به من جانب الغرب بطبيعة الحال, ولكن هذا المشهد الختامي' الإسلامي' ليس مرحبا به علي طول الخط, مهما صدر من تصريحات دبلوماسية تؤكد الاستعداد للتعاون مع أي حكومة مقبلة, سواء في مصر أو في تونس أو في ليبيا. ولكن, ما يهمنا الآن هو الجانب الثاني من المصطلح, إذ إن بعض المحللين دأب علي إلصاق تهمة' الديكتاتورية' وأنظمة الحكم الفاسدة بدول العالم الإسلامي علي وجه التحديد, ومن هذا المنطلق بدأوا يبشرون بأن الربيع العربي سيمتد قريبا علي الأرجح إلي دول أخري إسلامية لم تعرف بعد طريق الديمقراطية الحقيقية, وخاصة دول آسيا الوسطي, التي يتوقع لها أن تكون هدف الموجة القادمة من التغيير, حتي قبل دول الخليج نفسها. فدول آسيا الوسطي بأوضاعها السياسية الحالية ما زالت في طي النسيان إلي حد ما بالنسبة للعالم الغربي, ربما من منطلق أن هذه المنطقة ظلت لعقود طويلة جزءا خاصا بسيادة الاتحاد السوفييتي السابق, وما زالت كذلك بعد انهيار الشيوعية وقيام أكثر من جمهورية مستقلة تقطنها أغلبيات مسلمة, ولكن تحكمها نظم سياسية ليست بأفضل حالا بكثير من الناحية الديممقراطية من حالة النظام' الديمقراطي' الروسي الذي يتبادل فيه رجلان اثنان فقط الأدوار منذ عام2000! فجمهورية قازاخستان الإسلامية مثلا يحكمها الرئيس السبعيني نور سلطان نزارباييف الذي يلقب ب'أبو القازاق', ويتزعم حزبا أعطاه جزءا من اسمه, هو حزب' نور وطن', وهو الحزب المهيمن علي البرلمان, وإلهام علييف يحكم أذربيجان منذ انقلاب عام2003, وإمام علي رحمانوف يحكم طاجيكستان منذ عام1992, وإسلام كريموف يحكم أوزباكستان منذ عام.1990 والاستثناء الأبرز هو جمهورية قيرغيزستان التي أطيح برئيسها كرمان بك باكاييف في انتفاضة شعبية عارمة عام2010, أي قبل ربيع العرب بعام كامل. والسؤال هنا: متي يهل الربيع الإسلامي علي آسيا الوسطي؟ وماذا سيكون موقف منظمة المؤتمر الإسلامي منه في حالة حدوثه؟