أشارت صحيفة الأهرام في عددها الصادر يوم (18 مايو 2011) وفي نهاية الصفحة الثالثة حول تعويضات العمال المصريين, إلي تصريح السيد أحمد البرعي وزير القوي العاملة والهجرة بأن تأخر صرف الحوالة البالغة (480) مليون دولار (الحوالات الصفراء) والتي يستفيد منها الآن (736) ألف مصري, كان سبب إصرار الحكومة المصرية علي ربط تلك المستحقات بالديون المستحقة علي العراق! أود هنا أن ألفت عناية السيد الوزير الكريم بأن سبب تأخر صرف تلك المستحقات كان إصرار الحكومة المصرية علي تسهيل إقامة اللاجئين العراقيين وتجاهل طلب حكومة العراق التي يرأسها السيد (نور) المالكي في حجب الإقامة علي العراقيين لأنهم أزلام النظام, وبالفعل وضعت العراقيل منذ أكتوبر 2005 أماما العراقيين بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ اللجوء السياسي, فقد سحبت الإقامة حتي من الطلبة العراقيين الذين كانوا في سنوات متقدمة من الدراسة في مصر ووضعت إزاء ذلك شروطا تعجيزية لكل ما في الكلمة من معني ومن هذه الشروط الإصرار علي أن يمتلك كل طالب إقامة عراقي مسكنا لا تقل قيمته عن (50) ألف دولار, وليت الأمر وقف عند هذا الحد! فقد أردف بتعليمات تنص علي أن يكون هذا السكن مسجلا في الشهر العقاري. والمعروف أن أكثر من 90 بالمائة من الشقق والمساكن في مصر غير مسجلة في الشهر العقاري, تم فرض شرط من أغرب ما عرفته الأعراف التي تعني بشئون اللاجئين, وهو ضرورة تجميد مبلغ 50 (خمسون ألف دولار) من حساب طالب الإقامة (اللاجيء السياسي العراقي) ولم يقف ذلك عند هذا الحد, فسرعان ما صدرت تعليمات بدون أي سابق إنذار بإلغاء هذا الشرط! وبذلك قطعت كل السبل لإيجاد جو للاجيء العراقي ليعيش عيشة كريمة في مصر الحبيبة. ثم عادت صحيفتكم الغراء فنشرت في عددها الصادر في (19 مايو) في الصفحة الثالثة (هذه المرة في أعلي الصفحة) خبرا بعنوان لجنة فنية مشتركة للإسراع بسداد مستحقات المصريين بالعراق مشفعا بصورة يظهر فيها السيد رئيس الوزراء والسيد وزير القوي العاملة, يتوسطهما السيد نصر الربيعي وزير العمل العراقي, وهو يجلس بكل وقار وبكل ثقة, وهو علي ما أعتقد كان يشير (في لحظة التقاط الصورة) إلي أن العراق يمر بأزمة اقتصادية وذلك في معرض اعتراضه واعتذاره عن إمكانية تسديد كامل (الحوالة الصفراء) بعد أن تضاف الفوائد المستحقة ومبلغها (544) مليون دولار, وهو ما جعل العراق (بعد إضافة- الفوائد المشروعة بكل تأكيد) مدينا ب(952) مليون دولار. أكد السيد الوزير العراقي بثقة أصحاب المليارات! بأن الجزئية المتعلقة بدفع الفوائد تحتاج إلي حوار بين البلدين والاتفاق علي جوانب فنية معينة! والسيد الوزير العراقي يعني علي ما أثق الطلب من الحكومة المصرية بالتنازل عن حقها المشروع في المطالبة بالفوائد! والحق أني قرأت عبارة الوزير العراقي مرة بعد مرة, ولم أصدق عيني (باديء ذي بدء) بأن الوزير العراقي قال أن العراق يمر بأزمة اقتصادية! وأقول للسيد الوزير العراقي بأن هناك معلومات مؤكدة تشير إلي: أولا: أن دخل العراق من البترول منذ عام 2003 إلي حد الآن تجاوز نصف تريليون (نعم 550 مليار دولار). ثانيا: إذا كان السيد الوزير العراقي يعني بقوله أن العراق ممنوع من التصدير في فترة ماقبل 2003, فهذا أمر مردود, فإن العراق لم يمنع من تصدير النفط وأن الأمر كان لا يعدو أن يكون تأخرا من الجانب العراقي في الاستجابة إلي مانصت عليه شروط قرار (النفط مقابل الغذاء). ثالثا: أن العراق يمتلك إمكانات اقتصادية هائلة وأنه يمكن بكل سهولة أن يدفع هذه المستحقات كاملة غير منقوصة ويضمنها الفوائد المشروعة بسبب تأخر العراق عن الدفع بالرغم من إمكاناته الاقتصادية المشار إليها, سواء قبل أو بعد 2003 رابعا: توصلت الجهات الأمريكية والعراقية المعنية بشئون تدقيق حسابات الدولة إلي أن حوالي 80 (ثمانين مليار دولار) ليس هناك ما يعزز أوجه صرفها علي الإطلاق, أكد ذلك السيد رئيس مجلس النواب العراقي ووعد بإجراء التحقيق حول مصير هذا المبلغ. خامسا: أن هذه الأموال والمبالغ الضخمة تدر طبعا فوائد وأرباحا خيالية, وأعتقد أن فوائد يوم واحد سوف يكون أكثر من كاف لتسديد المستحقات التي ينتظرها منذ أكثر من 20 عاما, هؤلاء المصريون الذي أدوا للعراق خدمات جليلة لا يمكن أن ينساها الشعب العراقي. كم كنت أتمني أن يبادر الوزير العراقي بإلقاء نظرة علي الصفحة الأولي من صحيفتكم الغراء الصادرة يوم 22/5/2011 لكي يقارن بين موقف السعودية وقائدها خادم الحرمين الشريفين الذي خصص ثلاثة مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري, انطلاقا من شهامته العربية والإسلامية, ولم يتحجج بأي ضائقة اقتصادية, أو يختلق عذرايتنصل به من هذا الوجب الإنساني العربي الإسلامي كما فعلتم, وبالرغم من أن المطالب المصرية مشروعة وأن هذه المبالغ واجبة الدفع من قبلكم ودون تسويف أو حجج واهية كاذبة. وأخيرا.. وافقت الحكومة المصرية علي تسلم مبلغ الحوالات الصفراء دون فوائدها المشروعة!.