نظم المحتجون المعتصمون منذ أسبوعين تقريبا قرب بورصة وول ستريت مسيرة باتجاه مقر قيادة الشرطة في مانهاتن بمدينة نيويورك, بسبب ما وصفوه برد الشرطة العنيف علي مظاهرة سابقة كانوا قد نظموها للمطالبة بالقضاء علي الفساد المالي في البلاد. وتحتج حركة احتلوا وول ستريت- التي توعد أعضاؤها بالبقاء حتي الشتاء- علي قضايا من بينها عمليات الانقاذ البنكية التي جرت في عام2008 وارتفاع معدل البطالة. وسار اكثر من ألف شخص أمام قاعة مجلس المدينة ووصلوا الي ميدان يقع خارج مقر الشرطة في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول- الجمعة- ورفع البعض لافتات تنتقد الشرطة, في حين هتف آخرون البنوك يتم انقاذها.. ونحن يتم بيعنا, ونحن نسبة التسعة والتسعين في المائة. وتابعت الشرطة المسيرة وجعلت المحتجين يسيرون علي الرصيف, ولكن لم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات. وقالت الشرطة انه لم يتم اعتقال احد قبل تفرق الاحتجاج سلميا صباح أمس, السبت. وجاء هذا الاحتجاج بعد اقل من اسبوع من اعتقال الشرطة80 شخصا اثناء مسيرة الي منطقة يونيون سكوير التجارية المزدحمة, وكان هذا اكبر عدد من الناس تقوم شرطة نيويورك باعتقاله خلال مظاهرة منذ اعتقال المئات خارج مؤتمر قومي للجمهوريين في عام.2004 واستخدم احد قادة الشرطة مسحوق الفلفل ضد اربع نساء خلال المسيرة التي جرت في مطلع الاسبوع الماضي, وانتشر شريط مصور بهذه الواقعة علي الانترنت, مما اثار غضب محتجين كثيرين توعدوا بمواصلة احتجاجاتهم لاجل غير مسمي. وزينت لافتات وشعارات مناهضة لوول ستريت مخيم الاعتصام في متنزه زوكوتي بوسط مانهاتن. وفي الوقت نفسه, سئل مايكل بلومبيرج رئيس بلدية نيويورك خلال برنامجه الاذاعي الاسبوعي عما اذا كان يمكن ان يبقي المعتصمون لأجل غير مسمي في ذلك المتنزه الخاص الذي يصفونه بأنهم قاعدتهم فقال سنري.. من حق الناس الاحتجاج.. ولكن علينا أيضا ان نتأكد من ان بوسع الناس الذين لا يريدون الاحتجاج السير في شارع دون مضايقات. ومع استمرار هذه المسيرات والاعتصامات, تحققت أمس أسوأ مخاوف الاقتصاديين الأمريكيين, بإعلان وزارة التجارة الأمريكية انخفاض دخل الأمريكيين في شهر أغسطس الماضي ب1,0% مقارنة بيوليو, في أول تراجع من نوعه منذ نحو عامين. ومع الإعلان الأمريكي, سجلت أسواق الأسهم في الولاياتالمتحدة وأوروبا انخفاضا حادا للمرة الثانية في تعاملات أمس الأول لتساهم بذلك بتحقيق أسوأ نسبة انخفاض تشهدها هذه الأسواق خلال ربع واحد من السنة منذ عام.2002 ويشكل إنفاق المستهلكين أكبر محرك للاقتصاد الأمريكي, حيث يمثل70% من النشاط الاقتصادي, والمعروف أنه عندما يتقلص دخل الناس فإنهم يخفضون إنفاقهم الاستهلاكي مما يبطئ النمو الاقتصادي برمته. وقد سجل الاقتصاد الأمريكي في النصف الأول من العام الجاري نسبة نمو لم تتجاوز9,0%, وهي أسوأ نسبة له منذ موجة التراجع التي ضربت البلاد قبل عامين. كما كشف استطلاع للرأي أجرته شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية أمس عن أن الغالبية العظمي من الأمريكيين يعتقدون بأن اقتصاد بلادهم لا يزال في حالة سيئة. وأظهر الاستطلاع الذي أجري بالتعاون مع مؤسسة أو.آر.سي المعنية بدراسات الجمهور أن90% من الشعب الأمريكي يعتقدون بأن الأوضاع الاقتصادية لا تزال سيئة, وهي أعلي نسبة منذ تولي الرئيس باراك أوباما السلطة. وعندما سئل المشاركون في الاستطلاع عن الإدارة الأمريكية المسئولة عن الأوضاع الاقتصادية المعقدة, أجاب52% منهم بأن اللوم يقع علي الإدارة الجمهورية السابقة برئاسة جورج بوش, بينما رأي32% منهم أن السبب هو أوباما والديمقراطيون. في هذه الأثناء, قدم المستثمر الامريكي الشهير جورج سوروس روشتة الخروج من كابوس الأزمة الاقتصادية في مقال كتبه في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية, حيث أكد أن سلوك أسواق المال يدفع العالم باتجاه ركود عظيم آخر, بعد أن فقدت السلطات المعنية خاصة في أوروبا السيطرة علي الأمر. وقال: إن علي المسئولين استعادة السيطرة المفقودة, وللقيام بهذه المهمة يجب عليها اتخاذ ثلاث خطوات جريئة أولها أن تتفق حكومات منطقة اليورو الاتفاق من حيث المبدأ علي إنشاء خزينة( وزارة مالية) مشتركة لمنطقة اليورو. وثانيا, يجب في الوقت ذاته وضع البنوك الرئيسية تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي مقابل توفير ضمانات مؤقتة ورؤوس أموال دائمة لها, والسماح لها بالحفاظ علي التزاماتها من خطوط ائتمان وقروض, بشرط فرض رقابة حثيثة عليها لتجنب المخاطر التي تحيط بحساباتها, وثالثا, يسمح البنك المركزي لدول منطقة اليورو خاصة إيطاليا وإسبانيا بتمويل نفسها مؤقتا ضمن حدود معينة وبكلفة منخفضة. وأكد سوروس أن هذه الخطوات ستهديء من روع الأسواق وتمنح أوروبا وقتا لتطوير استراتيجية نمو, وبدون ذلك ستظل مشكلة الديون قائمة دون حل.