عبد الناصر... نجومية رغم الرحيل (5) لم يكن مفاجئا لي أن أجد ترحيبا بما كتبته إيجابيا في حق جمال عبد الناصر مثلما لم يكن مفاجئا لي أن أجد امتعاضا عند البعض ممن يتمنون شطب هذه المرحلة من تاريخ مصر لأسبابهم الخاصة وحساباتهم الذاتية فتلك هي طبائع الأمور عند قراءة الأحداث الكبري من نوع ثورة 23 يوليو. والحقيقة أنه من الظلم للحقيقة أن يقال إن مصر كلها قد تحولت إلي معتقل كبير في ظل حكم الرئيس عبد الناصر لكن ذلك لا يعني- في ذات الوقت- إنكار وقوع تجاوزات وانتهاكات كانت نتاجا طبيعيا لطول فترة الشرعية الثورية. إن من الظلم الفادح أن يقال إن السياسات التصادمية لعبد الناصر وطموحاته التي امتدت إلي خارج حدود مصر هي التي أدت في النهاية إلي ما جري في 5 يونيو 1967 ومع ذلك فإن علامات استفهام كثيرة تشير إلي قصور الرؤية عند تقدير الموقف في هذا التوقيت وعدم الانتباه إلي خطط الاستدراج الخبيثة نحو الكمائن المنصوبة من جانب القوي الكبري الكارهة لمصر والمنزعجة من تأثيرات انتشار المد الثوري. إن التقويم الصحيح لمرحلة حكم جمال عبد الناصر لا يتحقق بمجرد إجراء جرد حساب للمكاسب والخسائر وإنما بالقراءة الصحيحة لجذور اندلاع ثورة23 يوليو. إن جمال عبد الناصر ورفاقه لم يقوموا بالثورة كرد فعل لحدث بعينه أو عصيانا وتمردا علي مظالم بعينها وإنما كانت هناك جذور أعمق وأوسع من الهزيمة في حرب فلسطين عام 1948 أو مهزلة انتخابات نادي الضباط عام 1951, فالثورة لم تكن حلما لفرد بعينه وإنما كانت حلما لشعب يرفض الاحتلال الأجنبي الذي كان يستمد القدرة علي بقائه فوق أرض مصر لأكثر من 70 عاما من شبكة الفساد الداخلي.. بدءا من فساد الملك وحاشيته ومرورا بفساد الحياة الحزبية بسبب الصراع علي السلطة ووصولا إلي فساد اجتماعي واقتصادي رهيب أوجد هوة واسعة بين غالبية مطحونة تعاني الفقر والجهل والمرض وفي المقابل أقلية محدودة تنعم بكل ثروات الوطن وخيراته. رحم الله رجلا يكفيه أنه قاد ثورة وطن وصحح مسار أمة مستكملا مسيرة زعماء عظام سبقوه علي درب الوطنية المصرية طلبا للاستقلال الوطني والعدل الاجتماعي! خير الكلام: عناصر النجاح ثلاثة... أن تجد شيئا تعمله وشيئا تحبه وأملا ترجو تحقيقه! [email protected]