لايزال مشروع أتوبيسات النقل الجماعي يواجه مصيرا مجهولا بعد أن تفاقمت مشكلاته, وأصبح يسير في طريق مسدود اشاراته حمراء.. فلماذا تفشل وسائل النقل الجماعي في مصر بشتي صورها؟ وما الحلول للخروج من هذا المأزق بداية فإن حجم الخسارة المالية من وراء تشغيل المشروع يتجاوز30% هذا هو ما يؤكده أصحاب شركات النقل الجماعي فهناك شركات عديدة متعثرة عن سداد النسبة المقررة لهيئة النقل العام وهناك شركات أخري متعثرة عن سداد مديونياتها للبنوك وهو الأمر الذي يهدد بالقضاء تدريجيا علي المشروع. هذا الأمر يلاحظه الموطنون أيضا من اختفاء نسبة ضخمة من سيارات المشروع من شوارع العاصمة فبعد أن كانت هناك1460 سيارة تجوب الشوارع أصبج الأمر الآن يقتصر علي400 سيارة فقط تعمل في المشروع, ناهيك عن أن ما يقرب من60% من السيارات متوقفة بسبب العجز الصارخ في أعداد السائقين. وهنا كان لابد من عرض الأمر علي هيئة النقل العام باعتبار أن هذه الشركات تعمل تحت مظلتها وتستمد الحماية منها لذا واجهنا المهندس صلاح فرج رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بهذه المشكلات فبدأ حديثه نافيا وجود أية مشكلات تتعلق بالمشروع قائلا إن عجز عدد السائقين هو مشكلة في سوق العمالة بشكل عام بل إن الهيئة نفسها تعاني منها أيضا وبنفس النسبة وهي30% وقد يرجع ذلك إلي مشكلة في قانون المرور القديم الذي تم تعديله في القانون الجديد المعمول به منذ أغسطس2008 والذي أعاد الاستثناء الممنوح لمراكز التدريب الحكومية فيما يتعلق بالمدد البينية بين الرخص المهنية حيث تم اختصارها من ثلاث سنوات إلي6 شهور وهي المتعلقة بفترة الخبرة بين رخصة إلي أخري فحينما كانت ثلاث سنوات كان هناك إحجام من قبل السائقين عن التقدم لمراكز هيئة النقل العام والعمل بها وبالفعل تضاءلت أعدادهم حتي وصل العجز إلي الرقم المشار إليه, ولكن الآن وبعد تعديل القانون ومرور عام ونصف العام علي تطبيقه فقد تراجعت نسبة العجز في السائقين إلي15% فقط أما فيما يتعلق بمشكلات المخالفات فنحن أيضا نعاني من تعنت بعض رجال المرور في تحرير المخالفات لسائقي النقل لعام, أما فيما يتعلق بتخصيص ساحات إنتظار لسيارات مشروع النقل الجماعي فهناك وعد بالفعل من محافظ القاهرة فيما يتعلق بذلك. وبالنسبة للتراجع الملحوظ في أعداد سيارات مشروع النقل الجماعي التي تجوب شوارع العاصمة الآن فإن مبررها يرجع إلي قيام بعض الشركات بسحب أعداد من سياراتها لتجديدها مع نهاية فترة السنوات الست للتشغيل كما هو مبرم بالعقد مع الشركات, وعلي أي الأحوال فإنه بنهاية هذه الفترة أيضا ستتم اعادة تقييم لأداء الشركات ليكون البقاء للأفضل. أين المنظومة؟! التفسير العلمي الدقيق للمشكلة يوضحه الدكتور سعد الدين عشماوي رئيس الجمعية العلمية والعربية للنقل وأستاذ تنظيم النقل أنه لا توجد في القاهرة الكبري منظومة نقل جماعي بالمعني الصحيح ومن المفترض أن تغطي هذه المنظومة القاهرة الكبري بالكامل. ولعل الخلل في هذه المنظومة يتجسد في محورين أساسيين أولهما عدم وجود وسائل نقل جماعي تراعي كرامة وآدمية المواطن وثانيهما أن النقل الجماعي بمختلف صوره غير موجود في الأماكن المتطرفة منها علي سبيل المثال6 أكتوبر والقاهرةالجديدة, فهو يكاد ينعدم تماما في ضواحي التجمع السكاني.. بل اننا لا نبالغ إذا قلنا أن20% ممن يمتلكون سيارات خاصة يلجأون إلي هذه الوسيلة لعدم وجود نقل جماعي, وبالتالي فهناك اضطرار لتملك سيارات خاصة للقيام برحلات العمل اليومية وعلي العكس من ذلك نجد أنه في لندن علي سبيل المثال فإن80% من المواطنين يستخدمون وسائل النقل الجماعي في رحلات العمل التي تمثل بدورها أوقات ذروة. لذلك فإن الحل من وجهة نظرنا كما يضيف د. سعد الدين عشماوي يتمثل في وجود ما يسمي بسلطة النقل في العاصمة وضواحيها( وهو الأمر المعمول به في خمس عواصم عالمية), وهذه السلطة تقوم بالتنسيق الكامل بين وسائل النقل واستخدام وسيلة النقل المناسبة في المكان المناسب, ونحن في القاهرة نستخدم مع الأسف أي وسيلة نقل في المكان غير المناسب لها. ومن بين الحلول أيضا الاعتماد بشكل كبير علي نقل الحركة تحت الأرض باستخدام مترو الأنفاق وهو ما يعني تفريغ170 ألف راكب في ساعات الذروة من التكدس المروري الذي تشهده الشوارع وهو ما يعني تخفيض حجم الحركة إلي صفر, فلابد إذن من اللجوء إلي الأتوبيسات التي ثبت أنها تقوم بتخفيض حجم الحركة إلي واحد علي عشرين من حجمها الحالي, وبعملية حسابية بسيطة فإذا كانت طاقة الاتوبيس هي60 راكبا وطاقةالسيارة الخاصة هي1.5 فإن ذلك يعني اننا نقوم برفع40 سيارة خاصة من الطريق.