طوال الأسابيع الخمسة الماضية تناولت مجموعة من القضايا التي رأيت أنها تمثل معارك كبري لقطاع الاتصالات, وقلت مرارا أن الكثرة الغالبة بالقطاع وشركاته ومسئولية تدور في فلك التهافت علي ريع التجارة والسمسرة في الأجهزة والمعدات والبرمجيات وليس الاشتباك مع قضايا المجتمع وأزماته الكبري وحلها بأساليب مبتكرة وجديدة تستند إلي ما تتيحه التكنولوجيا من إبداع, وقد أثبتت الأسابيع الخمس الماضية صحة هذه الفرضية إلي حد بعيد, فالكثرة الغالبة إما لم تهتم أصلا, أو رأت الأمر لا يعنيها أو أدركت مبكرا أن الخوض فيه يهدد مصالحها الشخصية القائمة علي قصر النظر, والذين اهتموا وتابعوا كانوا قلة قليلة نادرة, ممن عركتهم الحياة وكونوا خبرات جعلتهم من حملة الأفكار لا أصحاب الحرف والتجار. وبين هؤلاء ومعهم دارات نقاشات إما مباشرة أو عبر صفحة مجتمع تكنولوجيا المعلومات علي الفيس بوك, أو عبر ردود تلقيتها بالبريد الالكتروني, وكان الموضوع الأبرز الذي حظي بمناقشات كثيرة هو معركة تحويل مصلحة الأحوال المدنية إلي هيئة قومية مستقلة. في هذا الصدد قال الدكتور معتصم قداح الخبير المعروف ومؤسس ومدير واحدة من شركات تكنولوجيا المعلومات الكبري: هذه قضية مهمة ودورنا ان نتفهم الموضوع وتتفاعل معه وفق أسس علمية واقتصادية وقومية واضحة, ولي بعض الملاحظات أود أن اطرحها للنقاش: - أوافق علي أهمية السجل المدني وتأثيره وعلاقاته مع العديد من القضايا - قطاع تكنولوجيا المعلومات قطاع خدمي اولا وأخيرا... يدعم القضايا المهمة ولا يديرها. - ما طرحه جمال غيطاس من علاقات وروابط في مجالات عمل مختلفة تعطي أي مشروع يتم إعداده بعدا قوميا ويتطلب مداخلات قطاعات كثيرة بمستويات مختلفة وبالتالي فمسئولية تصميم واعتماد وتنفيذ هذه المشروعات يجب ان توكل إلي مستوي اعلي, واقصد بذلك رئاسة مجلس الوزراء او هيئة مستقلة لها صلاحيات التنسيق علي المستوي القومي, وفي هذا الإطار فان القطاع وعلي رأسه الوزارة لن يكون له مسئولية رئيسية ولكن له دور المساندة والتخطيط والدعم وتوفير اليات العمل والتنفيذ. - يجب ان نستفيد من التجارب السابقة محلية ودولية, كلنا نتذكر قضايا البطاقة الذكية وكيف تشرذمت القضية بسبب ما ارتآه السجل المدني واصراره علي القيام بدور احتكاري برغم محاولات جهات مثل وزارة التنمية الادارية,وبدلا من استخدام المواطن لبطاقة واحدة بها كافة الخدمات التي يتحصل عليها من سجل مدني, إلي خدمات صحية, إلي معاملات مع قطاعات الدولة المختلفة الخ, وأصرت كل جهة علي الاحتفاظ بمسئولية أعمالها وبدا التخطيط ونشر عدد من البطاقات بدون تنسيق بينها! - من موقع قطاع تكنولوجيا المعلومات واعتباره عاملا مشتركا مع كافة قطاعات الدولة فبإمكانه المبادرة بطرح مشروعات قومية وذلك بدراسات جدية, وأود أن أنوه هنا أنه في وجود مقترحات مشروعات جدية ولها دراسات جدوي فان التمويل. في السياق نفسه قال المهندس يحيي العطفي أحد الآباء المؤسسين لقاعدة بيانات الرقم القومي أن فكرة تحويل مصلحة الأحوال المدنية لهيئة قومية مستقلة يعد جزءا من التكامل بين قواعد البيانات القومية, وأنا متفق معاك ولكن أين المشروعات القومية الأخري والتي ذكرتها في المقالة وماذا بعد تحويل المصلحة؟ لابد من وجود خطة استراتيجة للمعلومات وإدارة قواعد البيانات, وهنا سوف نسمع الاصوات العالية ويقولون انها موجودة.. وانا متفق معهم انها موجودة قبل عام1999, وسوف انقل من المقالة: مسار يتعامل بخدمات الصحة والتعليم ومسكن المواطن والعقارات, والسؤال: أين التنفيذ المتكامل لأي مشروع؟ لابد اولا ان تكون هذه المشروعات علي مستوي مشروع الرقم القومي, وتقديري أن الكثير منها مشروعات تجريبية وفلسفية, والمطلوب أن كل وزارة كانت مسئولة عن مشروع تكمله, وهذه هي الخطوة الاولي لتبني الفكرة, ويجب مناقشة المشروعات التي لم تنفذ وليست تجريبية, ولابد من فض اشتباكات بين الوزارات والمسئوليات والعلماء. أما الدكتور عبدالرحمن الصاوي خبير الاتصالات المعروف فذكر أنه يتفق تماما في ان هناك قضايا كبري تخص القطاع في حاجة إلي رؤية وفكر وهي ملحة جدا, لكنه يختلف في تصنيف تحويل مصلحة الأحوال المدنية كقضية كبري للقطاع, لأنها نتيجة لقضية حقيقية وهي قضية تنظيم القطاع وما ادت اليه من تهميش دوره في الدولة. وهي قضية مركبة وادعوا جمعية اتصال ككيان وحيد قائم حالي للدعوة لاجتماع لمناقشتها قبل فوات الاوان. كانت هذه خلاصة لبعض المناقشات التي جرت حول هذه الفكرة علي صفحة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالفيس بوك, ومن ناحية أخري وصلني التعليق التالي من المهندس عمرو شوقي المتخصص في مجال البطاقات الذكية وإدارة المعارض والمؤتمرات المتخصصة وقال فيه: أسعدني فتح النقاش والحوار حول الدعوة لإنشاء هيئة قومية مستقلة للمعلومات المدنية, وأشارككم الرأي والرغبة الأكيدة في البدء في التوجه نحو دراسة كيفية التعامل مع الهوية الشخصية للمواطن المصري والحق المشروع للمواطن في الحفاظ علي سرية معلوماته وكيفية التعامل علي كل المستويات, وكما تعلم سيادتكم اهتمامنا البالغ بقضية الهوية الشخصية منذ عام2003, وقيامنا بتدارس العديد من الايجابيات والسلبيات في عدد غير قليل من المؤتمرات عالية التخصص والتي جمعت العديد من خبراء العالم, ولكن الحضور الحكومي المصري كان شحيحا وعلي استحياء شديد. وحرصا مني علي المشاركة في الحوار وإبداء الرأي أود أن أطرح بعض الأفكار المستنبطة من خبرات تم تنفيذها بالفعل بدول مختلفة بالعالم: 1 الرقم القومي المصري مشروع رائع ولكنه غير مكتمل لافتقاره للعديد من الاستخدامات التي تضيف الكثير لقاعدة البيانات العملاقة, البطاقة الحالية تعتبر بطاقة غير الكترونية ولا تحوي أي تطبيقات خلاف البيانات الشخصية الأساسية. التكنولوجيا المستخدمة قديمة وغير قابلة للتحديث حيث أن معظم دول العالم اليوم تستخدم البطاقات الذكية والدول الأكثر تقدما تستخدم البطاقات ذات وسائط تأمين ضوئية. 2 قاعدة البيانات الحالية لا تحتوي علي البصمة الخاصة بالمواطن سواء الأصابع أو الوجه أو الأعين وهذا نقص شديد لابد من إضافته إلي قاعدة البيانات من خلال الأجهزة المعدة لذلك. 3 البطاقة الحالية لا يمكن استخدامها في أي من التطبيقات الأخري مثل رخصة القيادةأو البطاقة الصحية أو حواز السفر أو أي من المستندات الإلكترونية. إن اقتصار ملكية المعلومات لمصلحة الأحوال المدنية لن يساعد علي إصدار وإضافة خدمات جديدة تسهل علي الدولة أمور كثيرة مثل الصحة والتعليم والملكية العقارية وغيرها من عشرات التطبيقات. هذا النقاش دائر في دول كبري تخوفا من سيطرة الأجهزة الأمنية علي قاعدة البيانات واستخدامها في الأمور الأمنية وخلافه. والاقتراح الخاص بإنشاء هيئة مستقلة للهوية الشخصية هو حلم كبير نأمل في تحقيقه علي أن يكون دور هذه الهيئة امتلاك قاعدة البيانات الخاصة بالهوية المصرية ووضع قواعد قانونية تحمي حقوق المواطن عند استخدام المعلومات بناء علي ميثاق عام يطرح علي الشعب للاستفتاء عليه, وفي حال إنشاء هذه الهيئة المستقلة بين رجال تكنولوجيا المعلومات ورجال القضاء لابد من إعادة النظر في منظومة الرقم القومي من حيث: البطاقة المستخدمة مراكز الإصدار وربطها إلكترونيا بعضا ببعض وبالهيئات المصرح لها بالاستخدام. الخدمات المضافة للبطاقة واحقية هيئات وإدارات استخدام والاطلاع علي البيانات مثل الشهر العقاري والقضاء والصحة والتعليم والتضامن الاجتماعي والمالية وغيرها. انشاء قاعدة بيانات البصمة الوراثية للمواطن المصري والذي سيعد نقلة حضارية هائلة في مجال الهوية الشخصية المصرية استخدم بطاقة الرقم القومي الكترونيا يسهل عملية التصويت والانتخاب لضمان الحيادية والشفافية ويدعم الديمقراطية بشكل حضاري وأمين الربط بين الهيئة المستحدثة وسفاراتنا بالخارج لضمان التواصل مع العاملين بالخارج وتوفير الخدمات المرتبطة بالهوية الشخصية مثل البطاقة الشخصية وجواز السفر وحق الانتخاب الالكتروني. ومما لا شك فيه أن مصر غنية بعلمائها وخبرائها القادرين علي وضع خطة طويلة المدي للحفاظ علي الهوية الشخصية المصرية وإنشاء هيئة قومية مستقلة للهوية الشخصية تعمل لصالح المواطن دون أن تكون سيفا مسلطا علي رقبته.