ارتبطت مهنة الرقص، في الأذهان هذه الأيام، بالمبتذلة، وأصبحت مصدر لبيع الجسد من أجل المال، وأصبحت تحمل كل معانى الانتقاص لاحترام المرأة وكرامتها، ولكن وعند النظر إلى تاريخ الرقص، ومهنة الرقص الشرقي، نجد من قدسه، فكان هناك رائدات للرقص الشرقي عبر التاريخ أغلبهن مصريات، وغير مصريات. الرقص عند الفراعنةلم ينظر المصريون القدماء، لرقص المرأة باعتباره “ابتذال” لأن جسد المرأة “مقدس”، ولم يكن عيبًا أو حرامًا، أو وسيلة استغلالية لجسد المرأة جنسيًا لإثارة الرجال، بل هو عبادة وطقوس دينية، ومع كل التطورات التى طرأت عليه خلال هذه الحقبة، ظل الرقص طقسًا روحانيًا يقدم في المعابد إرضاءً للإلهة وينبع ذلك من القدسية التى كانت عليها المرأة وقتذاك، فالمرأة كانت إلهة، ملكة، رمزًا للخصوبة التي هي السبب في الحياة، وتتدلل عليه النقوش على جدران المعابد.وتكشف كافة الشواهد الأثرية المصرية، العلاقة الوثيقة بين الرقص والعقائد الدينية، وكيف تطور الرقص عبر تاريخ مصر القديمة، ومنذ قبل الميلاد، تحول الرقص، من فعل ذو بعد ديني، إلى تقليد يمارس فى المناسبات الاحتفالية ومن أجل الترفيه، وتدريجيًا انتقل الرقص من جنائزي إلى احتفالي، كونه يمارس، إلى فعل يحقق السرور، وهناك أدلة من النصوص المصرية القديمة تشير إلى ظاهرة رقص فرق المتجولين فى المهرجانات الكبرى، من الإناث والذكور معًا، مستخدمين الرقص والغناء لنشر البهجة. الغوازيومن أبرز صور الرقص الشرقي التي عرفها المصريون على مر التاريخ، ما سمي ب «رقص الغوازي»، وأصل الغوازى أو راقصات الشارع، يرجع إلى نساء الغجر المنتشرين فى جميع أنحاء العالم، وكان معروفًا عنهن الرقص.والغجر ذوى أصول هندية، هاجروا من الهند قبل 1500 عام، وبدأوا حياة الترحال، حتى وصلوا العراق، ومن ثم الشام، ثم بلغوا مصر، وانصهرت طقوس الرقص لدى نسائهم في طقوس وتقاليد الرقص المحلي لدينا فظهر ما يعرف برقص “الغوازي”. الرقص الشرق الأصيلشهدت مصر منذ القرن ال19، ليالي الرقص الشرقي الأصيل، وظهرت رائدات للرقص الشرقي، منهم مصريات وغير مصريات، الراقصة شوقوتعتبر الراقصة شوق، الوحيدة المسموح لها بالرقص في حفلات الخديوي اسماعيل، في القرن ال19، وكانت شوق وراء.اكتشاف الراقصة ”شفيقة القبطية”، وهى من ابتكر رقصة “الفنيار” وهو الشمعدان المضاء بالشموع وفى يديها الساجات.. بديعة مصابني أما “بديعة مصابني” فتعد إحدى رائدات الفن الاستعراضي، لبنانية سورية، جاءت إلى مصر عام 1919، بدأت تغنى وترقص ثم مثلت فيما بعد. أسست كازينو باسمها، وكان رواده البشاوات وكبار رجال الدولة، وكان بمثابة مدرسة فنية، أعدت وأخرجت العديد من الراقصات والفنانين، على رأسهم تحية كاريوكا وسامية جمال، وكانت رائدة الحركة النسائية هدى شعراوي تحرص على حضور عروض “بديعة مصابنى". تحية كاريوكا اكتسبت لقبها من الرقصة العالمية الشهيرة “كاريوكا” عندما قدمتها فى أحد العروض على مسرح كازينو بديعة، كما تميزت تحية كاريوكا بمدرسة متفردة فى الرقص الشرقي، وحققت نجاح ذاع صيته، على مستوى الوطن العربي.سامية جمال وأضافت “سامية جمال”، للرقص الشرقي طابعًا مميزًا بالمزج الذي حققته بين الرقص الشرقي والغربي. ومر على مصر راقصات في هذا الزمن الجميل، مثل نعيمة عاكف، وكيتى، وزوز محمد وزينات علوى ونجوى فؤاد وزيزى مصطفى وسهير زكى.فيفي عبده واقتحمت الساحة وبقوة الراقصة “فيفي عبده” والتي كانت علامة فارقة فى تاريخ الرقص الشرقي، لا نها بدأت أولى خطواتها معتمدة على “الجلباب” كبدلة رقص، وتربعت “فيفي عبده” على عرش الرقص الشرقي لأكثر من 30 عاما. وفي التسعينيات حدث انسحاب كبيرً للراقصات، ولم يكن يتردد سوى ثلاثة أسماء فقط هن فيفي عبده، ولوسي، ودينا، ولم يتبقى منهن حتى الاَن سوى واحدة هي “دينا”.الغزو الاجنبي والرقص المبتذل وظل حال الرقص كما هو حتى حدث غزو اجنبي، وطلت علينا الراقصات الأجنبيات، وحققن انتشارا، في ظل فراغ الساحة والأكثر نجاحًا بينهن فى الفترة الحالية، هى الراقصة القادمة من أوكرانيا “صافيناز”. ومع غزو الراقصات الأجانب للرقص الشرقي في مصر انتهت أسطورة الراقصات المصريات “الفنانات” على شاكلة “كاريوكا” و”سامية جمال"، ووداعا لليالى الرقص الشرقي الأصيل. وظهرت الراقصة برديس، واليسار، وغيرهم وظهرت المنافسة الشرسة بينهم، وفضائح، وغيرها من الأمور، التي دفعت هذه المهنة، إلى الابتذال.