بعد 107 عاما من تأسيس كلية الفنون الجميلة، تتولي منصب "العميد" امرأة.. بعد أن كان هذا المنصب محجوز "للرجال فقط" بدءا من عام الانشاء 1908 وحتي تولي د.صفية القباني هذا المنصب، الذي توالي عليه 24 عميدا بدءا من العميد الأول "فاليوم لابلان" وحتي د.سيد قنديل. د.صفية تخرجت في قسم التصوير بفنون المنيا ومكثت هناك لفترة، ثم قدمت لكلية الفنون بالقاهرة لتتدرج في مناصبها المختلفة، حتي وصلت لمنصب العميدة. تعتبرين العميد رقم 25 في تاريخ الكلية ولكنك أول سيدة تتقلد هذا المنصب الرفيع بعد مرور 107سنوات علي انشاء الكلية.. ما شعورك بعد هذا الاختيار؟ إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً - فأنا لا أسعي إلي منصب ولكني أخدم المكان الذي صنعني فقد اجتهدت من أول يوم عملي بالإدارة وعندما اتيت لمنصب وكيل الكلية لخدمة المجتمع لم تكن لدي أي خبرة سابقة ولكنني اجتهدت ونجحت في تغيير مفهوم خدمة المجتمع في كليات الفنون وجامعة حلوان بشكل عام ويشهد بذلك القائمون عليها فأنا ابتغي وجه الله في عملي وبدأت في وضع الكلية في المكانة التي تستحقها في خدمة المجتمع فكان من الطبيعي بعد جهد استمر 6 سنوات في وكالة الكلية ومن قبل ذلك رئيساً لقسم التصوير.. فالحمد لله فقد اكتشفت في نفسي حب القيادة وحب الناس. انت خريجة قسم التصوير بالكلية .. هذا القسم الذي تخرج منه عمالقة الفن المصري.. كيف التحقت بالكلية ومتي ظهرت موهبة الرسم؟ كنت أحب الرسم منذ صغري وكنت أهوي تقليد الرسوم الموجودة بمجلات الأطفال مثل مجلات ميكي وسمير، وقد وجدت نفسي أجيد في هذا وبعد انتهائي من الثانوية العامة حيث كنت «أدبي» حصلت علي مجموع عال أهلني لدخول كلية التجارة الخارجية طبقاً لترشيح مكتب التنسيق ولكني تمردت علي ذلك وبحثت بنفسي عن مدير مكتب التنسيق لدرجة انني ذهبت إلي منزله عن طريق أحد الأقارب وطلبت منه تغيير الرغبة لكلية الفنون الجميلة وقد وافق علي ذلك والحمد لله. من هم الأساتذة والفنانون الذين تتلمذت علي يديهم ومن منهم تدينين له بالفضل.. ومن تنبأ لك بالنجاح؟ تتلمذت علي يد الفنان الكبير زكريا الزيني الذي كنت أعشق فنه وانسانيته فهو مدرسة في فن الجداريات ومصور مرموق.. وقد قال لي في إحدي المرات أن ضربة فرشتك في اللوحة ليست ضربة انثي ولكنني اشعر ان فنانا رجلا يرسم .. فنان كبير كنا نذهب إلي مرسمه في سطح إحدي عمارات رمسيس لنشاهده ونتعلم منه ومن فنه. كما تتلمذت علي يد الفنان الكبير حامد ندا الذي علمني كيف أرسم المناظر وخاصة مناظر القاهرة الجميلة وكان فناناً كريماً فقد كان دائماً يقوم بعمل عزومات خاصة لنا في الحسين ليطلعنا علي جمال القاهرة القديمة ويعلمنا فن رسم الاسكتشات هناك، أما الفنان أحمد نبيل يتوقع دائما نجاحي وقال لي بالحرف » أنت ستكونين أول رئيسة جامعة في مصر« وهذا الفنان تتلمذت علي يده في البكالوريوس والماجستير وايضا الدكتوراه، وكان دائماً ينصحني ويوجهني فهو أستاذ وصديق رغم فارق السن فهذا الأستاذ يعد أيقونة خاصة في حياتي. كما انني ادين بالفضل للاستاذ الفنان مأمون الشيخ الذي رشحني للتعيين كمعيدة في بداية عملي بفنون المنيا. ومن المواقف التي قابلتني في حياتي انه قد تم الغاء مناقشة الدكتوراه صباح يوم المناقشة دون سبب مقنع ولكن كان الله يقدر لي الخير دائماً كما قالت لي صديقتي دكتورة عبلة الكحلاوي عندما رأتني وأنا منهارة وقد جاءتني تأشيرة الحج في ذلك الوقت فقالت لي »لقب يسبق لقب« أي ان الله أراد لي ان احصل علي لقب »حاجة« قبل »دكتورة«. انت دائماً متهمة بأنك طموحة وليس لطموحك حدود ما هو تعليقك علي ذلك؟ الطموح مشروع مادامت لاتتعدي حدودك وتسير في الطريق الصحيح فأنا أبذل قصاري جهدي في عملي واخلص في أدائه حتي يكون علي الوجه المطلوب فعندما انتقلت للعمل بفنون القاهرة كنت أول من يأتي في سن 29سنة كمدرس في الكلية وكانت علاقتي بالطلبة ليس لها حدود فقد كنا نعمل ونجتهد ونحصد في نهاية العام كما علمنا أساتذتنا الكبار.. وأنا والحمد لله لا أجيد فن تصفية الحسابات فأنا صاحبة قلب طيب وخدومة دائماً لصالح عملي وكليتي التي اتمني أن تكون في مصاف الكليات المماثلة المتقدمة في العالم. ما صفات الشخصية القيادية من وجهة نظرك؟ انكار الذات والعمل لصالح المكان وليس للصالح الشخصي ويجب ان تعمل لوجه الله وباختصار كما قال رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم «إذا عمل احدكم عملاً فليتقنه». أخر أعمالك الفنية وما أهم لوحاتك؟ أقمت معارض عديدة فأنا فنانة في الجداريات .. أما أهم أعمالي الفنية فقد قمت بعمل جدارية كبيرة علي إحدي العمارات بمنطقة المهندسين وبالتحديد في شارع شهاب فقد نفذت جدارية يكسوها حروف اللغة العربية واستغرقت مني ما يقرب من تسعة أشهر وأنا اعتز بهذا العمل جداً. رأيك في الأجيال الجديدة من الفنانين وهل المواهب ندرت..؟ الفنون الجميلة دائماً ولادة فالمواهب دائماً تخرج من جدران هذا الصرح والتاريخ شاهد علي ذلك ولدينا الآن مواهب كثيرة وقريباً سيكون لهم شأن في مصر بإذن الله. ما هو أول قرار اتخذتيه بعد قرار تعيينك عميداً للكلية؟ كان قراري تعيين الدكتورة رانيا الحصري في منصب وكيل الكلية للدراسات العليا فهي تستحق هذا المنصب وأكثر. هل أنت مع نظام الانتخاب أم نظام التكليف في تعيين عمداء الكليات؟ الانتخابات نظام سييء في هذا النطاق حيث يعتمد علي التربيطات والشللية وأنا لا أجيد هذا ولا أحبذه وأنا أحيي المسئولين علي ذلك حيث انهم استبعدوا نظام الانتخاب وأيضا نظام الاختيار ولكنهم فعلوا نظام الترشح والذي يجعلك تقدم اوراقك مدعمة بخطة للتطوير ثم تقوم بدراسة الملفات واختيار الانسب. ماذا عن الاعتماد والجودة؟ وهل بالفعل تسعي الكلية تحت قيادتك بأن تكون الاولي في الشرق الأوسط؟ نعم بالفعل قد قطعنا شوطاً كبيراً في ذلك وطورنا معظم أركان الكلية ولدينا اصرار علي اعتماد الكلية لتكون أول كلية فنون جميلة معتمدة في الشرق الأوسط ونحن الآن نقوم برفع كفاءة الكلية من جميع الجوانب التي وضعتها هيئة الاعتماد والجودة بالإضافة لتطوير اللوائح واضافة المناهج المستحدثة وتجديد الحدائق والمداخل والقاعات. وقريباً سنقوم بتفعيل اتفاقية مع شركة كمبيوتر كبري متخصصة في تدريب الطلاب واعطائهم أحدث البرامج التي ستفيدهم بعد تخرجهم وهذا من شأنه رفع قدرة الطلاب. لماذا لم يتم التنسيق مع الحكومة والكليات الفنية المتخصصة في علاج التلوث البصري الموجود في معظم شوارعنا ومياديننا ؟ نحن علي استعداد للعمل مع أي جهة وبالفعل نحن نقوم حالياً بتجميل صالة 2 بمطار القاهرة بتكليف من الحكومة ونعمل علي قدم وساق في أن تكون واجهة مشرفة لمصر ان شاء الله. وماذا عن متحف الكلية؟ نحن بصدد الانتهاء من تجديد متحف الكلية الذي سيفتتح قريباً جداً والذي يعتبر متحف العمالقة من فناني مصر العظام فهذا المتحف يضم بين اركانه اعمالا نادرة لفنانين كبار مثل محمود سعيد وصلاح عبد الكريم وصلاح طاهر وحامد عويس وكثيرين ممن تركوا بصمة في الفن التشكيلي.س