ما نحتاج إليه هو موزعون - سأسميهم موزعين محترفين - يمكنهم إحداث طفرة في سوق الكتاب الورقي. موزعون يستطيعون توفير إصدارات دور نشر عديدة للمكتبات، بحيث تكون تلك الإصدارات متوافرة وبكميات متناسبة مع الطلب عليها، وأن يستطيعوا تزويد المزيد منها عند نفاد الكميات. وكذلك أن يقوموا بتوصيلها للمكتبات بكفاءة وسرعة وبنسبة خصم مقبولة. فالأهم من عدد الموزعين كفاءتهم في القيام بكل ذلك. هناك موزعون كبار مثل الأهرام والأخبار والهيئة العامة للكتاب. وهم يقومون بالتوزيع بشكل أفضل من أغلبية دور النشر من ناحية التغطية الجغرافية وعدد منافذ البيع، ولكن، يقتصر اعتماد المكتبات عليهم في شراء إصداراتهم أو إصدارات دور محددة يمثلونها ويوزعون لها دونًا عن غيرها من العناوين. وهناك موزعون لدور نشر عربية محددة. ولكن الأقرب من حيث توفير عناوين متنوعة بالشكل الذي يجب أن يوفره الموزع المحترف - هي المكتبات. لكن حتي المكتبات لا يكون لديها الكميات التي يجب أن تتوافر لدي موزع محترف إلا لعدد محدود نسبيًا من العناوين. واهتمام المكتبات الأكبر غالبًا لا يكون في التوزيع لمكتبات أخري بقدر اهتمامها بتوفير الكتب لعملائها. من التحديات التي تواجه قيام موزع محترف صعوبة وتأخر التحصيل لاعتياد سوق الكتاب المصري علي نظام الأمانات. ولكن هذا الأمر تبدو فيه بوادر للتحسن مع ازدياد تطور التعامل ليصبح نقدياً أو آجلاً. ومع توفر بدائل مختلفة للدفع. ومن الإيجابيات الأخري تطور آليات الحسابات ومتابعة المخزون في دور نشر عديدة. الموزع المحترف الموجود في أسواق خارجية أخري غير موجود بصورة متطورة في مصر والعالم العربي بعد. ووجوده مهم سواء علي المستوي المحلي أو علي مستوي العالم العربي لتطوير سوق الكتاب وليصل الكتاب لجميع القراء ويصل محتواه لمن يريده ومن يحتاج إليه. من المشاريع المؤجلة والهامة تضافر الجهود والتعاون لانشاء شركة توزيع كبري ومحترفة. لكن تراجع العمل في المكتبات في الفترة الأخيرة، إلي جانب التغيرات الكثيرة والكبيرة التي شهدتها وتعاصرها المنطقة العربية وانتشار الكتاب المزور والنسخ الإلكترونية غير المرخصة ربما تسببت في تأجيل مثل هذا المشروع حتي الآن. غني عن القول إن الكتب لا تصل بشكل كافٍ للأقاليم، ومن أسباب هذا: الناشر يحتاج لتسويق جيد ونشط للتعريف بإصداراته ولخلق اهتمام ورغبة في شرائها في كل مكان بما فيها الأقاليم. وهي مهمة ليست سهلة. عدد المكتبات ليس كبيرًا والقائم منها غير محصور بدقة حسب حجمه واهتماماته. هناك صعوبة في المتابعة والتحصيل إلا إذا كان الدفع نقدياً أو آجلاً. تتحمل المكتبة تكلفة الشحن - ومهما كانت التكلفة بسيطة فهو أمر غير مشجع للمكتبات. وجود موزعين محترفين قد يسهل انشاء مكتبات جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية لأنه سيسهل التعامل مع سوق النشر ويبسط عملية الشراء والدفع بحيث تكون أغلب المشتريات من خلال عدد محدود من الموزعين علي الأقل في بداية عمل المكتبات. مما يؤمن لهم نسبة خصم معقولة غير التعامل مع كل ناشر علي حدة بنسب خصم قليلة وتكلفة عالية للمتابعة. الكتاب الإلكتروني يحل الكثير من هذه المشاكل وخصوصًا فيما يخص التحصيل والتوصيل ولكن يبقي للكتاب الورقي أهميته وأهمية وصوله. بشكل عام وليس فقط بالنسبة للأقاليم: التزوير والتداول غير المصرح به عبر الأنترنت يهددان سوق النشر وكذلك عدم الوعي بأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية. من جهة أخري هناك مشكلات تنشأ بين الموزعين وأصحاب المكتبات، منها: تأخر المكتبة في الدفع، وتأخر الموزع في تسليم الطلبات حسب المواعيد المتفق عليها، وعدم وصول الكتاب لكل المكتبات في نفس الوقت عند إصداره، وعدم إخطار المكتبة بالتغييرات التي قد تطرأ علي الأسعار.