لأول مرة يخضع خطاب الزعيم مصطفي كامل للبحث العلمي، في دراسة تقدمت بها الباحثة هدي عبدالغني باز لقسم اللغة العربية بكلية الألسن، جامعة عين شمس، للحصول علي درجة الدكتوراة وكانت دراستها بعنوان »تحليل الخطاب السياسي عند مصطفي كامل.. دراسة تطبيقية علي الخطب والمقالات« حاولت فيها الباحثة أن تبين أدوات الخطاب السياسي التي وظفها مصطفي كامل ليحقق الهدف التأثيري والاقناعي من خطابه، ومن هنا أعتمد منهج دراستها، علي المنهج التداولي في تحليل الخطاب، فضلا عن افادتها من نظريات الأفعال الكلامية، والاتصال اللغوي ومعطياتها، واللغة المنطوقة، والمكتوبة. أشارت الباحثة إلي أن خطاب مصطفي كامل السياسي، لم يحظ باهتمام البحث اللغوي، علي الرغم من ثرائه، وقبوله لأن يخضع لغير موضوع من موضوعات البحث اللغوي والبلاغي. وكشفت الدراسة التطبيقية التي قامت بها عن أن خطاب مصطفي كامل، خطاب سياسي، إعلامي، شعبي، موجه للاستهلاك الداخلي والخارجي، وقد اختلفت استراتيجياته وفقا لاختلاف عناصر السياق الأخري: المرسل إليه، العلاقة بين المرسل والمرسل إليه قناة الاتصال، الوسيلة اللغوية للخطاب، المعرفة المشتركة بما يحقق هدفه من الاتصال. وبينت الباحثة أن مطالب خطاب مصطفي كامل التي ألقاها في مصر تختلف عن مطالع خطبه التي ألقاها بالخارج، ففي خطبه الموجهة للمصريين - خصوصا في باريس أو مصر - تظهر مشاعر الود تجاه المخاطبين والتضامن معهم، بينما تتسم خطبه التي ألقاها في جموع مختلطة من المصريين وغيرهم، بالرسمية. ومن بين النتائج التي توصلت إليها الباحثة توظيف مصطفي كامل وسائل لغوية معينة تشير إلي رغبته في التضامن مع المتلقي مثل: الاشاريات، الخطاب غير المباشر، الاعجاب، تأنيب الذات، المكاشفة، ألفاظ المعجم، انكار الذات، نفي توظيف مصطفي كامل للاشاريات ينتقل من وظيفتها النحوية إلي وظيفتها التداولية الدالة علي التضامن مع المتلقين والتقرب إليهم. توصلت الباحثة إلي أن السلطة في خطاب مصطفي كامل التوجيهي ليست سلطة بالمعني الرسمي والجاف، بل انها سلطة محبة وإكبار أو هيبة وولاء، فقد استمد مصطفي كامل سلطته من زعامته الشعبية، فهو الزعيم المحبوب لدي المتلقين الذي يحظي بحبهم وإكبارهم. وعددت الباحثة الوسائل اللغوية التي وظفها مصطفي كامل في خطابه السياسي، ولخصتها في: الأمر، التحذير، التوجيه المركب، العرض والتحضيض والتمني، ويعد (الأمر)، أكثر الاساليب شيوعا في خطاب مصطفي كامل التوجيهي، فيما يعد التمني والعرض من أقلها شيوعا. وظف مصطفي كامل في خطبه آليات بلاغية مثل الاستعارة والتشبيه، والمحسنات البديعية (الطباق، المقابلة، السجع (التوازي)، وقد أتي بها لفائدة خالية من التكلف. وفي مقالاته، تأثر مصطفي كامل بعبدالله النديم في مجلته (الاستاذ) حيث ضمن مقالاته محاورات وعددا من الموضوعات المتصلة موضوعا ومنفصلة شكلا، لكنه اختلف عنه في الاسلوب واللغة، فلم يستخدم اللغة العامية (وهي احدي المستويات الثلاثة التي كان يكتب بها النديم). جاءت الدراسة في ثلاثة أبواب: الأول خاص بالسياق المعاصر لخطاب مصطفي كامل السياسي، والثاني عن استراتيجيات خطاب مصطفي كامل والثالث والأخير عن وسائل تعديل القوة الانجازية في خطاب مصطفي كامل. وحرصت الباحثة علي أن تصدر أوراق رسالتها بقول مصطفي كامل: »نعم إنا لو تخطفنا الموت من هذه الديار واحدا بعد واحد، لكانت آخر كلماتنا لمن بعدنا: كونوا أسعد حظا منا، وليبارك الله فيكم ويجعل الفوز علي أيديكم«. مصطفي كامل في الاسكندرية عام 1907 أشرف علي الرسالة د. ايمان السعيد و د. محمد العبد