لم يكن تفجير مديرية أمن القاهرة حادثاً عادياً في إطار معركة الارهاب ضد ؛الأمن" وضد المصريين، ولكن قنابل الإرهاب امتدت إلي "التاريخ" والذاكرة، تدمير يستهدف الذاكرة. الدكتور عبدالناصر حسن، رئيس مجلس ادارة دار الكتب والوثائق القومية، يكشف لأخبار الأدب، تداعيات هذا الحدث الجلل علي كنوز الدار، والخطة المستقبلية، لاعادة المقتنيات لمكانها في دار الكتب بمنطقة باب الخلق. في البداية أوضح د. عبدالناصر أثر الحادث علي المبنيين: قائلاً: إن مبني المتحف الاسلامي هو الدور الأول من مبني دار الكتب، وأن مدخل المتحف مواجه لمكان التفجير، ومن هنا كان الدمار به شديدا، وعندما أعلنت اليونسكو عن تخصيص مبلغ مائة ألف دولار لترميم المتحف، كان التخصيص للمبني كله أي "المتحف ودار الكتب"، كما يجب الاشارة إلي أن الخسائر المبدئية في الدار تقدر بنحو 50 مليون جنيه كما أعلن، ومن ثم تم تشكيل لجنة تضم عددا من المتخصصين برئاسة الدكتور علي عبدالرحمن، محافظ الجيزة، بوصفه أستاذا للعمارة، وكان عميدا لهندسة القاهرة سابقا، وقامت اللجنة بمعاينة المكان، وكتبت تقريرا أقرت فيه بسلامة مبني الدار وسلامة أساس المباني. وحول المبلغ الذي خصصته اليونسكو، والمبلغ المطلوب توفيره لاعادة المكان علي وضعه فيما سبق، قال د. عبدالناصر: المائة ألف دولار التي خصصتها اليونسكو غير كافية لأعمال الصيانة المطلوبة للمبني ككل، ونحن في انتظار فتح باب التبرعات التي تمثل عاملاً مهماً في مثل هذا الموقف، إلا أن مجلس الادارة لم يفتح حسابا للتبرع، وسوف نعلنه في القريب العاجل حتي نستمر في مرحلة اعادة الحياة للمبني كما كان دون توقف بسبب نقص الموارد المالية المطلوبة. وعن حجم التدمير الذي لحق بمبني دار الكتب ومحتوياته أشار د. عبدالناصر إلي أن التدمير أصاب الحجر الهاشمي لواجهة المبني، وهو حجر نادر يمثل طابع البناء الاسلامي، كما تم تدمير النوافذ ذات الطراز الاسلامي، والتي تعكس روعة الطابع الهندسي، والتي قد يصل أطوال بعضها إلي سبعة أمتار، وبلغت نسبة التدمير فيها أكثر من 90٪، كما وجدنا تدمير اً شاملاً للأبواب بأنواعها المختلفة، وبلغت نسبة التدمير فيها 90٪، كما تم تدمير القواطع الزجاجية بجميع محيط المبني، كما شمل التدمير فتارين العرض المتحفي والمصممة علي أحدث الأساليب العلمية للحفظ، كما وجدنا تدميرا شاملا لتوصيلات المياه والكهرباء ومعدات الاطفاء التي دمرت بالكامل. وماذا عن التدمير الداخلي؟ التدمير الداخلي شمل منطقة البهو كاملة، وقاعة ViP مجهزة بأحدث الوسائل السمعية والبصرية، أجهزة التكييف المواجهة لمديرية الأمن، مناطق التجميل للاضاءة الموجودة بالسطح، لحق التدمير - أيضا - بقاعات الاطلاع الالكتروني بكاملها كما لحق التدمير مخازن الميكروفيلم بكاملها، دون إلحاق أي ضرر بالميكروفيلم نفسه. وماذا عن حجم الأضرار التي أصابت المقتنيات؟ متحف دار الكتب يضم مجموعة قيمة من أندر المقتنيات التراثية أهمها مخطوطات نادرة في الدين والطب، الفلك، الأدب، اللغة، مكتوبة باللغات، العربية، التركية، الفارسية، العبرية، فضلا عن مجموعة مصاحف شريفة، وبعض الوثائق والفرمانات. أحدث الانفجار التي تم، تلفيات بصنبور المياه أصاب بعض نوادر الدار، ومنها برديتان بالخط العربي، الأولي عبارة عن وثيقة عتق جارية في مصر وبردية أخري تسجل أمر تولية الخلافة في بغداد في العصر العباسي، وهاتان البرديتان تم تجفيفهما سريعا من المياه بمعامل الترميم بدار الكتب، وأصبحتا سليمتين تماما، ومن حسن الحظ أن الأحبار المستخدمة فيهما لم تتأثر تأثرا كبيرا. وماذا عن المخطوطات الموجودة في الفتارين؟ تعرضت، سبع مخطوطات للتلف بسبب المياه التي أغرقت المكان، وقد تم معالجتها في الحال، واطمأن المرممون علي حالتها، عدا مخطوط واحد وهو (ريحانة الروح في رسم الساعات علي مستوي السطوح) لابن معروف تقي الدين محمد (مخطوط باللغة العربية، بخط المؤلف)، مكان وتاريخ النسخ في القاهرة، سنة 975ه، 1567 ميلادية حدث به ملل مائي سبب دمارا في الكتابة. وماذا عن متحف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟ وهل سيتم نقله أم لا؟ متحف الرئيس جمال عبدالناصر حدث به بعض الخدوش أصابت فتارين العرض، ويمكن معالجتها، ونحمد الله أن مقتنياته سليمة، نظرا لأن مكان عرضها كان بعيدا عن منطقة تفريغ الانفجار، أما فيما يخص نقله أم لا، فإن ذلك يعود إلي تقرير اللجنة الخاصة بعملية الصيانة، اذا أمرت بنقله فسوف يتم ذلك، وكما تعلمين أن الدار تستضيف متحف الزعيم الراحل لحين الانتهاء من اعداد منزل عبدالناصر كمتحف مفتوح ويتم نقل مقتنياته اليه ليكتمل المتحف بكل مقتنيات الزعيم. وهل هذا الحدث سيؤدي إلي استراتيجيات جديدة تتعلق بالأمن وحفظ هذه المقتنيات؟ لأكثر من مرة طلبت من جهات معينة ضرورة التأمين علي دار الكتب والوثائق القومية، بفرعيها، ولكن أحدا لم يستجب!! فدار الكتب بباب الخلق تم تطويرها بأكثر من مائة مليون جنيه، كانت معظمها منح او مساعدات، وميزانياتنا اليوم لاتسمح بتوفير هذه الموارد، ولا أخفي عليك أن فتارين العرض التي تحطمت كانت علي أحدث طراز، وقد استوردناها من أوروبا، وأملنا أن نعيد هذا العرض المتحفي كما كان، خاصة وأنه كان علي مستوي رفيع من العرض وكما قلت لك إنني نقلت جميع المخطوطات إلي مبني الدار بالكورنيش وكافة المعروضات، هنا في المخازن، ونحن لنا خطة معينة في العرض، إننا نعرض عددا من المخطوطات، وبعد ستة أشهر أو سنة، يتم تغييرها وهكذا، فضلا عن أن الدار تحتفظ بنسخة من المخطوطات في صورة ميكروفيلم.