لم تمر أكثر من ست سنوات علي إعادة افتتاح مبني دار الكتب العريق بباب الخلق، الذي تكلف ملايين.. فقد سبق أن خضعت الدار العريقة لترميمات، استمرت لسنوات، لتتحول بعد ذلك لتكون متحفا لأندر المخطوطات، وتم نقل الكتب والمراجع الأخري لدار الكتب بكورنيش النيل، كما احتضن المبني بباب الخلق منذ ما يقرب من العامين معرض الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وضم مقتنياته الشخصية وكتاباته، ولم يقع لفتارين العرض التي تحتويه أي سوء. دار الكتب بباب الخلق افتتحت عام 1904، وكانت المكان الذي ارتبط به كبار المثقفين والأدباء، كما ترأسها نخبة من المفكرين، واستمرت تؤدي دورها باعتبارها " المكتبة الوطنية" حتي أغلقت أبوابها في عام 2004، لتبدأ عملية ترميم شامل لهذا المبني التاريخي، وبعد الانتهاء منه، تم افتتاحه مجددا في 2007، واختصرت مهام وظيفته ليكون متحفا لأندر المخطوطات في مختلف المجالات، ولكن بعد هذا الحادث الإجرامي، ستغلق الدار أبوابها مرة أخري، وربما يستمر ذلك لسنوات، فالمبلغ المبدئي لإعادة الترميم يبلغ 50 مليون جنيه، حسب تصريحات د. صابرعرب وزير الثقافة، كما تم نقل محتويات الدار، حتي يتم الترميم. هذا المبني، الذي يجرد اليوم من محتوياته، يضم مجموعة كبيرة من المصاحف المملوكية، التي جئ بها من المساجد والمدارس، التي أنشأها المماليك، ومن هذه المصاحف جزء من مصحف منسوب للخطاط أبو علي محمد بن مقلة، وفرغ من كتابته عام 308ه، وهو مجلد مخطوط بقلم نسخ والغلاف مطرز بالذهب، فضلا عن مجموعة من المخطوطات في العلوم الدينية منها: " الجامع في الحديث النبوي" لأبي محمد بن عبد الله، الذي توفي 197ه ، وهو مرتب علي طريقة المحدثين والفقهاء، ويشتمل علي كتاب الأنساب، وكتاب الصمت، وكتاب الختم، وهو يعد الكتاب العربي الوحيد الذي وصل إلينا علي البردي، وكشف عنه عام 1922 في حفائر كان يجريها المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة في إدفو بصعيد مصر، وفي الأدب نجد مجموعة من المصادر الهامة منها: مقامات الحريري التي تعود لعام 516 ه، وكتاب الأغاني، للأصفهاني، المتوفي 356 ه، ويعد من أحد أهم مصادر الأدب العربي المبكر، والموجود ثلاثة أجزاء من نسخه بأول كل منها منمنمة نادرة ملونة بماء الذهب واللازورد والحمرة، وفي مجال الجغرافيا نجد " عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للقزويني، المتوفي 682 ه، وهو كتاب من قسمين، الأول يتناول الحديث علي الأجرام السماوية وسكان ذلك العالم أي الملائكة، والثاني يتناول الأرض وظواهرها، كما توجد في هذه الدار- قبل التدمير- النسخ الأصلية من كليلة ودمنة، والشاهنامة. ومن جهة أخري، ولتوثيق ما فعله الحادث الإجرامي بمقتنيات الدار، أقامت وزارة الثقافة مساء الأربعاء الماضي معرضا توثيقيا، يضم 25 لوحة تبين المبني قبل وبعد الدمار.