بعد أن أتم عامه السادس والثمانين وباسترداد صحته من الوعكة الصحية الخطيرة ، تحاور الكاتب البرتغالي الحائز علي نوبل مع الكاتب الإسباني مانويل ريباس فكانت هذه المقابلة التي أعادة جريدة الباييس نشرها يوم رحيله. جوزيه ساراماجو كان دائماً أكثر من كاتب ."صبي" هي إجابته . وبهذا الوصف قدم نفسه أمام الأكاديمية السويدية عند تسلمه لجائزة نوبل للآداب ، التي لم يتسلمها قبله أي برتغالي ، وكان ذلك منذ عشر سنوات ." مايسترو ..المايسترو " يؤكد الناقد هارولد بلووم ، أكثر نقاد العالم صرامة ، ويري صاحب "القانون الغربي" أن ساراماجو الذي أتم عامه السادس والثمانين هو"الروائي الأكثر موهبة في العالم" . وهو أحد أواخر الجبابرة . لذلك كتب الجبار روايته الأخيرة "مسيرة الفيل " التي حقق فيها انتصاراً للغة والخيال والفكاهة بعد أن هرب من الموت. 1 "سأنظر لما حدث بالصمت الذي به تثقب جذور النباتات الأرض " ( مونجين واللي سيروت) ذات يوم من أيام كريسماس 2007 ، نظر ساراماجو إلي عينيه ، وكانتا هائلتين ، متسعتين حتي تتشابه مع الدوائر المركزية في وجهه . وكانتا تنظران إليه باستغراب ، بفضول ، بدهشة . كان يبدو أنهما تقولان له :"إذن أنت هنا ، لا زلت هنا " . هذا ليس جزءً من "الآخر مثلي" إحدي رواياته . لكن خلال فترة ما كان لساراماجو قريناً ، ساراماجو آخر ، شاهد علي كفاحه من أجل الخروج للحياة . وكان القرين رجلاً ناعماً .صحح له . لا ، عيناك ليستا واسعتين ، إنه اللحم والعظم هو الذي اختفي . لهذا حدث لجلدك ما يحدث للمومياوات ، انكمش والتصق بالعظم . هذا هو ما يوسع العينين ، لكنهما لا زالتا كما كانتا ، فقط المحيط هو ما تغير . كان القرين يعرفه جيداً . وكان سيضيف :" إنهما مثل نجمتين مضيئتين وسط الأطلال "، لكنه امتثل للأسلوب الأكثر دقة وشاعرية والأقل باروكية الخاص بساراماجو ، الذي عاد لينعش السرد المعاصر وليس السرد البرتغالي فقط ، عندما نشر روايته " العمي" . وكانت ثورته الأولي في السرد بروايته "ثورة الأرض" . - لقد فقدت 20 كيلو يا زي . دائماً كنت نحيفاً وهزيلاً ، مثل جدك جيرونيمو . لكن 20 كيلو كثير ، فطولك 180 سنتيمتر وكان وزنك 71 كيلو ، والآن صرت 51 فقط. فكّر في التفاح المشوي ، ما أوصتك به جوزيفا. كان القرين يعرف كل شيء . كان يعرف أن جده جيرونيمو ميرلينيو من قرية أزينهاجا ، زوج جوزيفا كايكسيا ، قد ودع الحياة بعد أن عانق كل شجرة من أشجار حديقته . جيرونيمو، الذي علّم حفيده حكي الحكايات عندما كان ينام بجواره في الصيف تحت شجرة التين ، سيظل في الذاكرة كرجل كلاسيكي ذُكر في خطاب نوبل . حينها بدأ ساراماجو خطابه هكذا :" أكثر رجل عرفته في حياتي حكمة كان لا يقرأ ولا يكتب " . نعم ، كان القرين يعرف ذلك جيداً . كما كان يعرف ما قالته جوزيفا ، إن الحياة جميلة جداً والموت يسبب لي الحسرة . يعاني جوزيه منذ عدة سنوات من وعكات صحية .زوبعة لا تنتهي أضعفته ، لكن التفاح المشوي كان يقويه . لم يتوقف عن الكتابة كجبار ولم يتوقف عن التجول في العالم معلناً رفضه للعولمة التي هي :"شمولية جديدة " . ويستشهد ب "العائلة المقدسة" لكارل ماركس :"لو كانت الظروف هي التي تشكل الإنسان ، فمن الضروري حينئذ تشكيل الظروف لتكون إنسانية ".يقول الحمقاء إنها أشياء ساراماجو . في عام 2005 كتب "تقطعات الموت" لم تكن كذلك تجريداً ، فقد حضر الموت فسيولوجياً وأمكن لمسه ،"الكاتب خالق شخصياته وفي نفس الوقت إحدي مخلوقاتها " . انتقلت شخصية