لماذا لا ينتقل الكتاب بين أقطار العالم العربي بالشكل المرغوب فيه؟ هل هي مشكلة توزيع، انعدام الحماس، ضعف البنية التحتية للنشر العربي، ضعف المقروئية.؟.الخ ربما لكل هذه العوامل دور ما في ذلك شك، هناك أزمة تواصل بين الكُتاب العرب فيما بينهم فما بالك بوصول الكتاب من بلد لآخر، صحيح أن الأمور قد تبدو نسبية بين بلد كمصر أو لبنان وبلد كالجزائر أو المغرب، أو بلد في الخليج العربي، نسبية من حيث إن بعض الدول المهيمنة نشريا تقدر علي توصيل كتابها أكثر من بلدان ضعيفة في النشر ولهذا نجد الكتاب المصري أو اللبناني يصل للجزائر أكثر من الكتاب التونسي أو المغربي رغم أنهما يقعان بجوارنا، وهذا راجع بشكل كبير أن "المؤسسة النشرية" الخاصة والعامة في هذه البلدان لم ترق بعد أو ما تزال في بدايتها متعثرة كثيرا أو قليلا في مد جسورها لكافة أنحاء العالم العربي، وبالطبع الضحية هو الكاتب العربي الذي يطبع في دور النشر المحلية، التي قد لا تفتح له آفاقا واسعة من المقروئية ، ويظل الأمر نسبيا كذلك، من حيث أن ليس كل ما ينشر حتي في تلك الدول المركزية في النشر يصل أيضا إلي جميع الأقطار العربية، فالذي يصل أحيانا ويتوزع بشكل كبير هو الكتاب النافع تجاريا وليس بالضرورة الأهم معرفيا وجماليا، ويبدو أن المعادلة التجارية مهمة كثيرا في حسابات الناشر من المعادلة التعريفية والتثقيفية ولا يعاب الناشر طبعا علي ذلك فهو في النهاية يمارس تجارة ككل التجارات الأخري التي تخضع للعرض والطلب.. ولعل من أسوأ الأمور التي نعرفها اليوم أن الخلافات السياسية بين البلدان العربية تؤثر دائما بالسلب علي الحركة الثقافية العربية وتخلق مشاكل لا حصر لها، ولقد دأبنا علي القول أن كل شيء يجب أن يحل بإرادة سياسية موحدة أو علي الأقل تسير في هذا الاتجاه حتي نتمكن من حل مشاكلنا الكثيرة وليس توزيع الكتاب إلا جزء من كل يعيش حالة من البؤس والتخلف..وحالة من الركود، وللأسف إن الكتاب الذي يتنقل بسهولة في عالمنا العربي هو الكتاب الذي كم نتمني لو يبقي جاثما في مكانه ولا يتحرك بتاتا لأنه لا يقدمنا خطوة للأمام.. وفي هذا الواقع الأسود تبقي معارض الكتب هي الفرصة الوحيدة لتوصيل الكتب من بلد لآخر رغم ما تواجهه حتي المعارض من مشاكل كثيرة كالرقابة والبيروقراطية والتخلف المعروف عند دولنا والتي تحاصر هذا الاختراع العظيم في نقل المعرفة حتي عندما يتنقل، أو يسمح له بالتنقل، وأظن بأن الحل السحري غير موجود راهنا للخروج من هذه المشكلة ومع ذلك حاولنا نحن في منشورات الاختلاف بالجزائر فعل شيء آخر وهو القيام بتجربة النشر المشترك مع دار نشر لبنانية هي الدار العربية للعلوم لتمكين المؤلف الجزائري من الانتشار عربيا وتمكين الكاتب العربي من أن يقرأ جزائريا، أي ضرب عصفورين بحجر واحد علي أمل أن تتعمم مثل هذه الظاهرة فهي في نظري الإمكانية الوحيدة المتاحة حاليا لكي لا يحكم علي الكتاب أن يعيش ويموت محليا.