تجولنا في المعرض الأول لجماعة الفن المصري بمقر جمعية الفنون الجميلة بجاردن سيتي، ذات الاثنين والتسعين عاما من العراقة والجمال والاستمرار والازدهار. طفنا بإبداعات 43 فنانا عرضوا أجمل ما عندهم من لوحات، يمثلون مختلف الأجيال التشكيلية تلاقوا في منظومة جمالية واحدة، تجلت في الحرص علي التشبث بالجذور الأصيلة للإبداع المصري، وهي دعوة جمالية تستمر ومضاتها حتي التاسع عشر من هذا الشهر. يشارك في المعرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية تمثل أكثر من مدرسة وأكثر من جيل للفنانين: جورج البهجوري، محسن شعلان، عمر النجدي، نجوي العشري، الزعيم أحمد، عبدالعزيز الجندي، سمير فؤاد، طاهر عبد العظيم، عبد العال حسن، هند الفلافلي، إيهاب لطفي، خالد السماحي، آلاء حسن، فادية كوري، مصطفي سليم، شيرين بباوي، سامح إسماعيل، وغيرهم د. محمد صابر عرب وزير الثقافة أشاد بأهمية هذا المعرض الذي افتتحه قبل أيام، فقال إنه يشكل مجموعة من الأعمار والمدارس والاتجاهات الفنية المختلفة، كما كان لمشاركة كل فنان بلوحة فنية واحدة اثر جعله يشعر انه شاهد عددا كبيرا جداً من الفنانين في ذات الوقت.. وقد جاءت الأعمال علي مستوي راق وعال من الفنية والحرفية.. سواء علي مستوي الأعمال التي جاءت من جيل الشباب أو من جيل الأساتذة الكبار.. ووجه عرب الدعوة لكل المجتمع بزيارة المعرض لأهمية مشاهدة الجمهور لتلك الاعمال الفنية. ورأي ان القواسم المشتركة التي فرضت نفسها علي جميع الأعمال الفنية، كانت البيئة المصرية، والفولكلور المصري، والتراث المصري، نظرا لما تتمتع به البيئة المصرية والحياة المصرية بالثراء ، لذلك ظهر هذا الثراء كقاسم مشترك في جميع الأعمال، واكد عرب انه كمشاهد رأي ان المعرض مبهج وممتع وأعطاه المزيد من الطاقة. وتحدث د. أحمد نوار رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة عن نشاطات أقدم جمعية في تاريخ مصر، فأشار لصالون القاهرة الذي يقام منذ 92 عاما مع تاريخ جمعية محبي الفنون الجميلة، ومعرض الطلائع للشباب تحت ثلاثين عاما وهو ينظم علي مدار 51 عاماً، كما أشار لمسابقة النقد الفني لتشجيع الحركة النقدية الفنية في مصر التي تبدو في تراجع لعدم وجود نقاد. وأشاد بأهمية معرض جماعة المصريين الذي ضم حوالي 43 فنانا، لانه يضم اتجاهات فنية مختلفة لفنانين متنوعين منهم المهتم بالطبيعة، خاصة النيل والحياة علي شواطئه من اسوان حتي الأقصر، ومنهم من يعتبر التراث الشعبي مصدر إلهام لاعماله الجديدة، وهو جزء هام للحركة الفنية التشكيلية في مصر بشكل عام، ومنهم من يرتبط الصورة الشخصية (البورترية) الذي أعتبره في هذه الفترة بالذات للتأمل في الوجه لاكتشاف إبعاد التعبير عن الانسان، مؤكدا ان الجميل في هذا المعرض ان به لوحتين مهمتين جداً، واحدة لأدهم وانلي والثانية لحسين بيكار . ومن المشاركين في المعرض الفنان الكبير جورج البهجوري، الذي شارك بلوحة واحدة حيث قال:ان المعرض يعبر عن الوطن بكل ما فيه سواء من متغيرات أو تراث أو طبيعة، وشيء مفروغ منه ان يشارك بمعرض وطني حتي مع الهواة، ويمثل هذا شرفا كبيرا لأي فنان. ولفت انتباه د. أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق التنوع الذي ظهر بين الاجيال واساليب الفن التشكيلي، بالاضافة الي مقتنيات كبار الرواد مثل بيكار ووانلي مع الشباب علي جدار واحد، ويري أن تنوع الاجيال وتلاحم مدارس الفن التشكيلي المصرية وتطورها من جيل الاساتذة الي جيل الشباب يعطي ثراءً للمعرض. أما الفنانة د. فادية كوري المشاركة في المعرض فتري أن مشاركة كل فنان بلوحة واحدة شيء جيد ، حتي يشعر المتلقي بطعم كل فنان، مؤكدة علي ضرورة دوام انشطة جمعية محبي الفنون الجميلة طول العام، حتي يكون لدينا معارض للرواد الأوائل . وقال الفنان رضا عبدالرحمن أمين عام الجمعية والمشارك بالمعرض ان الجمعية، وإن كانت قديمة منذ عام 1922 إلا أن هذا المعرض هو الاول لجماعة الفن المصري، مشيرا الي أن الهدف من انشاء هذا المعرض هو التنوع الذي يعطي للشباب الفرصة للتلقي والتعلم من الرواد. وقال الفنان التشكيلي عبدالعال حسن إن المعرض حمل العديد من المفاجآت بتميز الأداء لبعض الفنانين وتطورهم مع المتغيرات، وألقي الضوء علي ابداعات الشباب المتميزة. كما شارك فنان البورترية فرحات زكي بالمعرض ، اشاد بأن الجميع قدموا أجمل ما عندهم.. مضيفا ان معني اختيار هذا الوقت بالذات لإقامة هذا المعرض في هذا الجو الذي تدهس فيه الثقافة والفنون والحريات وتشن حربا شعواء علي الابداع، يتكاتف الفنانون ويقدمون أعمالهم الفنية بهذا الشكل ، وتمني فرحات أن يتضاعف نشاط فن الكاريكاتير والفنون التشكيلية والمسرح والسينما، ففي هذا التكاتف للفنون الآن معاً دلالة علي الحفاظ علي الثقافة، واذا ضاعت الثقافة سنقول علي الدنيا السلام. وأشاد رسام الكاريكاتير عبد الحليم طه كأحد الزائرين بالمعرض بالتواصل بين الأساتذة الكبار والشباب، متمنيا كثرة العروض الفنية للارتقاء بذوق المصريين. اما الفنان مصطفي رحمة وهو أحد المشاركين بالمعرض فقال إن تجربة المعرض ناجحة بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وانه لم يكن يتوقع ان معرض جماعة المصريين الأول سيحقق هذا الاقبال. أما الفنان جلال الحسيني الذي يستوحي لوحاته من الطبيعة واستخدم في لوحته المشارك بها في المعرض الألوان المائية، فقد أبدي اعجابه الشديد بالعلاقة بين الفنون والمكان وان العديد من اللوحات منحته شعورا فنيا فياضا بالطبيعة والتراث والثورة. وجاء الفنان هشام طه بلوحة كمبيوتر جرافيك، وبدلا من ان يستخدم الفرشاة لرسم لوحاته يستبدلها بالماوس وقام بتلوين لوحته مباشرة، مما يمثل لاختراق الزمن بإحساس مباشر مع استعمال التكنولوجيا وسهولة التعديل في اللوحة حتي طبعها، كما يقول. ومن جيل الشباب المشاركين كان الفنان رمضان عبد المعتز، الذي عبر في لوحته عن السياسة والثورة والمتغيرات والاحداث المجتمعية والنفسية، فأشار الي الهدف الكبير المتمثل في إحياء الفن المصري الذي يتعرض للتغريب، وهذه محاولة من الجمعية علي تأكيد الفن المصري بجميع أساليبه والمحافظة عليه. وشارك الفنان أحمد مصطفي بلوحة عن قرية القرنة بالأقصر التي تؤكد جماليات العمارة القديمة، وعبر عن المشاهد التي شدته واثرت فيه، مشيرا الي تداعيات هدم قرية القرنة ، الذي وصفه بالحادث المحزن لفناني الأقصر جميعاً، مؤكدا علي محاولته الفنية بتذكير الناس بقرية القرنة، لذا فإن المعرض أعطي له فرصة كبيرة وللشباب المشاركين بالاطلاع علي أعمال فنانين كبار ورواد للتعلم منهم والتواصل معهم.