نشأ الصراع السياسى بين الرئيس أنور السادات و"مراكز القوى" عندما وجد فيهم عائقاً أمام سياسات حكمه، واسلوب إدارته التى رأى أنها الأنسب فى تلك الفترة ورغبتهم في تحويله إلى رئيس شرفي يملك ولا يحكم شأنه شأن ملكة انجلترا. وكان الصدام حتميا بعد صراع عنيف استمر عدة اشهر بين الرئيس الحالي ورجال الرئيس الراحل حتى تمكن السادات من حسم المعركة لصالحه وحظيت اجراءاته بتأييد شعبي ترجمته الهتافات الشهيرة افرم يا سادات . فى السطور التالية نتناول ذكرى القضية المعروفة إعلامياً بثورة التصحيح "15 مايو". الناصرية كأسلوب إدارة وحكم تعارضت مبادئها مع طريقة حكم السادات، ووجد أصحابها فى السادات نموذجاً معادياً ل عبد الناصر، قولا وفعلاً، الأمر الذى جعل السادات فى بداية حكمه أمام عائق عليه أن يتخطاه فى سبيل أن يصوب كل إمكانيات الدولة تجاه الحرب، والبعد كل البعد عن أى صراعات داخلية من شأنها عدول الدولة عن هدفها الرئيسى وهو عودة سيناء مرة أخرى. واللافت أنه بقراءة موازين القوى فى عموم القضية سيبدو ضعف كفة السادات، حيث يوجد فى جبهة معارضيه قيادات مفاصل الدولة، على رأسهم الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، ومحمد فائق وزير الإعلام، وشعراوى جمعة وزير الداخلية، بالإضافة إلى نائب رئيس الجمهورية على صبرى، وأمين تنظيم الاتحاد الإشتراكى، والدكتور لبيب شقير رئيس مجلس الأمة، وآخرين، وبالرغم من ذلك حسم السادات الصراع لصالحه، فى يوم 13 مايو 1971. يفسر محمد حسنين هيكل فى كتابه "خريف الغضب" حدة الصراع التى كانت موجودة وقتذلك قائلا: " أدى قبول السادات لاستقالة شعرواى جمعة يوم 13 مايو إلى أزمة مع بقية أفراد المجموعة، والذين قد خططوا ثم قرروا أن يواجهوه باستقالة جماعية يفاجئونه بها، وتهدده بما أسماه السادات نفسه "انهيار دستورى فى الدولة"، فقد سمع من الإذاعة نبأ استقالة مشتركة قدمها له كل من وزير الحربية ووزير رئاسة الجمهورية، ورئيس مجلس الأمة وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية العليا ومدير المخابرات العامة" ويضيف هيكل قائلا: " قبل السادات الاستقالات وعين آخرين فوراً، ولم يكن ما وراء ذلك كله ظاهرياً وهو اعلان الاستقالات فى الإذاعة قبل وصولها إلى يد رئيس الجمهورية سوى إجراء درامي قصد به دفع الأزمة إلى أقصى درجات الحدة" هذا وقد أبرزت جريدة "أخبار اليوم" في عددها الصادر يوم 13 مايو، لعام 1972، المؤامرة التي تعرضت لها مصر، في حقبة السبعينيات، عندما حاول بعض من كانوا في السلطة وقتها أن يغرقوا البلاد ويدفعوا بها إلي الصراع من أجل السيطرة علي السلطة، وأوضحت أن البداية جاءت عندما اتفق السادات، ورئيس ليبيا وقتها معمر القذافي، والرئيس السوري حافظ الأسد، في بني غازي، علي قيام دولة اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة، ولسبب ما عارض أحد قيادات الصف الثاني في مجلس قيادة الثورة المصرية علي صبري، قيام هذا الاتحاد، وتحدث خلال مناقشته في اللجنة التنفيذية العليا بأسلوب لا يمكن أن يقبله أحد، وخلال التصويت لم يوافق علي الاتفاق سوي السادات، ودكتور فوزي، وحسين الشافعي، وتم نقل مناقشة الاتفاق إلي اللجنة المركزية وانتقل معها الصراع علي رفض الاتفاق وسط أجواء من الفوضي والإثارة. تم كشف المؤامرة التى كانت تجرى فى ذلك الحين عندما وصل إلى السادات شريطي تسجيل، يحتويا على حديث هاتفى بين اثنين مسجل بواسطة الرقابة التي فرضها وزير الداخلية شعراوي جمعة، دون علم الرئيس، وكشف الشريط أن ما دار في اللجنة المركزية أثناء عرض مشروع دولة الاتحاد من هرج كان مرتبا له، وتحت علم مسئول الأمن والنظام شعراوي جمعة. وهذا ما جعل السادات يقبل استقالتهم جميعاً ويعين غيرهم فوراً، حتى لا تصير بلبلة بين الناس، وإحداث تصدع في الجبهة الداخلية، حتى أعلن الرئيس بيان يوم 14 مايو يوضح فيه كل ما دار فى الغرف المغلقة، وقبول الإستقالة، بعدها خرجت الجماهير في 15 مايو تعلن تأييدها لقرارات الرئيس، ووقوفها ورائه وهو يقود عملية تصحيح مسار الثورة.