احتلت سامية جمال مساحة عند المصريين لا تقل عن «كاريوكا» لدرجة أن البعض كان يحلوا له أن يشبه «كاريوكا» بفريق «برشلونة» وسامية جمال «ريال مدريد» لكل واحدة مريدين ومشجعين، سواء على مستوى الرقص أو النجومية السينمائية، خاصة أن سامية جمال نجحت فى تشكيل ثنائى فنى متميز مع الموسيقار فريد الأطرش، الذى ارتبط بها إنسانياً وفنياً لدرجة أنه توقف عن تقديم التابلوهات الراقصة فى أفلامه، بعد الانفصال الفنى بين الموسيقار والفراشة. أزمة دستورية لم يتحمل الملك فاروق أن يبقى في مدينة «دوفيل» الفرنسية وحيدًا، بدون راقصة مصر الأولى، سامية جمال، وهي التي كانت لا تفارقه قبل هذا السفر يوميًا، لم يتردد في إرسال طلب رسمي ملكي أن تسافر إليه فورًا راقصته المحببة، لكن وزير الداخلية فؤاد سراج الدين، رفض منحها تأشيرة السفر للخارج، رغم توسط كبار رجال القصر والحاشية، والذين اتصلوا بالملك وأبلغوه بموقف الوزير، وما إن سمع «فاروق» بذلك حتى رفع سماعة الهاتف وطلب «سراج» وهدده، لكن وزير الداخلية رفض الانصياع لرغبات الملك ورد عليه بأنه يحمي سمعة القصر فيما لو سافرت راقصة إلى ملك البلاد لتحيي لياليه. المفاجأة التي لم يتوقعها فؤاد سراج الدين إن «سامية» لجأت إلى القضاء الإداري، وأقامت دعوى ضد تعسف وزير الداخلية ورفضه سفرها وحرمانها من حقها الدستوري واعتدائه على حريتها الشخصية، وبالفعل حكمت لها المحكمة بالسفر. معركة المللك والأمير من أجل راقصة حكى الكاتب مصطفى أمين في كتابه «ليالي فاروق» عن علاقة غامضة ربطت بين سامية جمال وملك مصر، الذي تخلى عن تحية كاريوكا الراقصة الأولى للقصر، من أجل أن يضم سامية جمال إلى حاشيته عندًا في غريمه المطرب فريد الأطرش الذي كان يحظى بعدد كبير من المعجبات مما يثير الغيرة عند الملك المشهور عنه حب التملك، على المقابل نفى بعض من عاصروا هذه الحقبة التاريخية «التسعينيات» التي طاردت الملك فاروق بعد ثورة يوليو. الحقيقة الوحيدة المؤكدة إن سامية جمال قبلت أن تنضم للبلاط الملكي.. ردًا على إهانة فريد الأطرش لها بعد أن رفض الزواج منها لأسباب طبقية، من منطلق إنه أمير.. وهي تنتمي لطبقة الفلاحين، مما دفعها أيضًا لقبول أول عرض للزواج من متعهد حفلات أمريكي، ريتشارد كينج، الذي أشهر إسلامه مخصوص من أجل الزواج منها، الزواج الذي إستمر لمدة عام واحد وإنتهى بالطلاق. الرعب من الثعابين سمعت النجم نور الشريف يحكي مرة في أحد البرامج، إن في هوجة موضة الجينز، قام بشراء مجموعة من البنطلونات الجينز من بيروت، وكان أحد هذه البنطلونات مرسوم عليه ثعبان، وفي أحد الأيام تلقى عزومة غذاء في بيت الفنان رشدي أباظة، إرتدى هذا البنطلون، وهو لا يعلم إن في إنتظاره فضيحة مدوية، بعد أن أستقبلته الفنانة سامية جمال بالصريخ، لدرجة إنها أغمى عليها وإضطر رشدي أباظة إلى حملها إلى حجرة النوم، وبعد الإفاقة من الأغماء أخبرتهم إنها مصابة ب«فوبيا» من الثعابين، وإنها تخيلت الثعبان حقيقي على البنطلون.. يواصل نور الشريف كلامه قائلًا.. «وخوفًا أن تضيع العزومة.. خاصة إنها مكرونة يصنعها رشدي أباظة بنفسه، إضطررت إلى الذهاب إلى بيتي وتغير البنطلون.. قبل أن تطردني السيدة سامية جمال بسبب الثعبان». أنا كنت فاكرك ملاك إعترفت الراقصة سامية جمال في برنامج «أثنين على الهواء» الذي قدمه طارق حبيب، أن فريد الأطرش هو حب عمرها، مؤكدة أن هذا الحب بدأ عندما كانت طفلة تسمع صوته وأغانيه لكنها لم تلتقه إلا عندما عملت بالفن حيث التقت به وجها لوجه في كواليس مسرح بديعة، وأنها ما إن رأته حتى سقطت مغشيا عليها. وأضافت أن ليلة رأس السنة في 31 ديسمبر عام 1940 كانت البداية الحقيقية لعملها في مجال الرقص، وقدمت في هذا اليوم رقصاتها كممتهنة للرقص الشرقى لأول مرة في «كازينو الأوبرا» مع فرقة بديعة مصابني. واستكملت سامية، أنه عندما غنى فريد الأطرش أغنية «حبيب العمر» الذي عرض عام 1947، كانت هي المقصودة بها، كما أنه حين غنى أغنية «أنا كنت فاكرك ملاك، أتارى حبك هلاك» كان يوجه إليها عبارات تأنيب ولوم وتهكم، وأنه كان يوجه لها كلام الأغنية. الكبرياء فى مواجهة الخيانة تحملت الزواج من الفنان رشدي أباظة 17 عامًا، وهو الزواج الأطول في مشواره العاطفي، خلال هذا الزواج نجحت أن تكون بمثابة أم بديلة لإبنته «قسمت»، وكانت أكثر نضجًا في التعامل مع زواجه المفاجئ من المطربة صباح.. بعد أن وصل الخبر إليها عبر الصحافة اللبنانية إلتزمت الصمت تمامًا، وبقت في بيتها ترفض إجراء أي حوارات صحفية للتعليق على هذا الزواج، المفاجأة التي لم يتوقعها المحررين الفنيين.. إن بعد الطلاق من صباح وتسرب خبر وصول رشدي أباظة، فوجئ الجميع إن سامية جمال ترتدي أجمل فساتينها وتخرج للمطار لإستقبال زوجها العائد من بيروت، في المطار.. إكتفت بتعليق صحفي واحد.. (زوجي وراجع بيته.. إنتهت القصة)، هذا الموقف تحديدًا يكشف مساحة العقلانية التي تعاملت بها مع زواجها من رشدي أباظة.. بخلاف كاريوكا مثلًا الذي تعاملت بقسوة مع عشيقته الفرنسية، قسوة بنات البلد.. في هذه المواقف الساخنة.. وبمناسبة تردد اسم صباح.. «كاريوكا» انتحرت بتناول الحبوب المهدئة، لم تمتلك شجاعة سامية جمال ومساحة الغفران. الموت مافيهوش فنانة ولا غيره! رغم إن معظم الفنانين والفنانات تقريبًا يكرهوا حديث الموت ويعتبروه نذير شؤم.. حرصت الفنانة سامية جمال على شراء مقبرة في طريق السويس، وكانت تحرص على زيارتها كل فترة، في أحد المرات وجدت لوحة رخامية على المقبرة مكتوب عليها، قبر الفنانة سامية جمال غضبت بشدة وطلبت تغير هذه اللوحة وقالت للمسؤول عن المقبرة « الموت مافيهوش فنانة ولا غيره» شراء هذه المقبرة لا يعني إطلاقًا إنها كانت تعيش مرحلة من الإكتئاب النفسي، لإن حسب شهادة أصدقائها المقربين كانت الراقصة سامية جمال شخصية إجتماعية جدًا، وحتى قبل الرحيل كانت حريصة أن تزور أصدقائها، وبيتها مفتوح لأقاربها، وهذا ينفي إنها في أي لحظة تعرضت للإكتئاب، بل كانت شخصية متصالحة جدًا مع نفسها.. ومع المحيطين بها.