من المؤكد أن الأخ »قيس« لم يذق طعم القرع الثقافي الوزاري الحالي، ولم يشرب نقطة واحدة من الأونطة الفضائية ومع ذلك فقد عقله، وكذلك الأمر بالنسبة لقتيل الحب والغرام وفقيد الشباب »روميو ابن أم روميو« فلم يثبت أن »السنيوريتا جولييت« شكته في محكمة الأسرة هناك، المعروفة شعبيا هنا باسم: »محاكم الأسري«، ففي أيامه لم تظهر تلك المحاكم وملحقاتها، كمكاتب إنضاج منازعات الأزواج، التي ظهرت عندنا بكثرة، ومع ذلك قتل »روميو ابن ام روميو« نفسه، تبعا لما ورد بسجلات المحبين المفقودين وكشوف ضحايا الحب والغرام، وبرغم كل الغموض المحيط بالمآسي العاطفية القديمة والمعاصرة، لكن أصابع الاتهام لم توجه قط للطرف »الآخر« في أي علاقة عاطفية انتهت بمأساة، وإنما كانت الإدانة دائما من نصيب الضحايا وحدهم، فمثلا لم يقل أحد أن الحبوبة ليلي هي التي طيرت عقل الأخ »قيس«، وإنما يقال أن حبه لهاهو الذي فعلها، فتحول قيس من عاقل ورزين »عقله يوزن بلد« إلي مجنون رسمي عنده »الخمسة« المعروفة، أما السنيوريتا »جولييت« فلم يقم ضدها دليل اتهام واحد كقاتلة لمحبها »روميو«، وحتي في مأساة »ياسين وبهية«، فبرغم اعترافها الواضح عند سؤالها: »يابهية خبريني يابوي عن اللي قتل ياسين«، جاء ردها دون ان يهتز لها رمش: »قتلوه السود عيوني يابوي من فوق ظهر الهجين«، فقيدت الحادثة ضد مجهول، برغم اعتراف »الست بهية«، ولكن من أكثر تلك المآسي العاطفية غموضا، ما حدث بين »ريمة ومشكاح«، فالمعلم »مشكاح« تقدم للزواج من »الست ريمة« التي ترملت مرتين »ذوبت« خلالهما اثنين من الأزواج العتاولة ولكن »ريمة« كانت تأمل بالزواج من آخر، وفي نفس الوقت لاتستطيع البوح بأملها العاطفي، خشية تعرضها لانتقام المعلم »مشكاح«، ويؤكد الخبراء أن »ريمة« لجأت لحيلة عاطفية بارعة، فتعمدت تصويب حزمة قوية من ضربات رمشها الدباح نحو قلب »المعلم مشكاح«، وبدعم من ابتسامتها المذهلة، أوهمته بأنها واقعة في »دباديبه«، مع أن »المعلم مشكاح« بدون أي »دباديب«، اللهم إلا »مناخيره« الشبيهة بالعجورة الملوية، لكنه ظن أن »ريمة« واقعة في حبه »لشوشتها« مع انها فعلت نفس الشيء مع شخص آخر فظن هو أيضا بأنها »ميتة في حبه«، ثم رتبت بدهاء المواجهة الساخنة بين الاثنين فكانت نتيجتهاالمرجوة، إذ تخلصت »ريمة« من مشكاح« بأن صار نزيلا إلي الأبد في عمبوكة »ليمان طره«، بتهمة قتل غريمه الوهمي في حب »ريمة«، التي تزوجت بمن أحبته لتذوبه في »عرق العافية« مثلما ذوبت سابقيه. لكن الدراسة العلمية الحديثة، التي أجراها الباحث: »وليام روبسون«، تدق ناقوس الإنذار، اذ حددت العمر الافتراضي للحب بثلاث سنوات. وبذلك وجب علي المحبين اعادة النظر من جديد، في النظريات العاطفية التقليدية، كخطوة استباقية لوضع تلك النظريات علي الرف، قبل ان يوضعوا هم بنفس المكان، كضحايا لعمليات خداع استراتيجي عاطفي محكم، فكلام الحب العسلي، الذي رددته محبوباتهم كنشيد الصباح بالمدارس، عبارة عن شراك خداعية، كلاتي تنصبها بعض الحشرات لاصطياد فرائسها، فمن كان يصدق بان الحب يتآكل مع مرور الزمن، ثم ينتهي امره بعد ثلاث سنين من بدايته كحد اقصي، حسب نتيجة دراسة الباحث الأخ: »روبنسون«. ولكن هذه النتيجة تم التوصل إليها قبل ان تسحب »الميس هيلاري« الداية رجل الباحث »وليام« من بطن الوالدة، وهو ما يثبت أحقية المنظرين العاطفيين المحليين بالملكية الفكرية للاكتشاف، فموسيقار الأجيال أعلن نفس النتيجة قبل عشرات السنين، من خلال نظريته المدهشة المعروفة باسم: »أنا والعذاب وهواك« ونفس النتيجة تضمنتها نظرية رائعة اخري لفنان النهر الخالد يقول مطلعها المدهش لحنا وأداء وكلمات: »بفكر في اللي ناسيني«، ثم حاولت كوكب الشرق طمأنة المحبين، عندما اكتشفت نفس النتيجة المزعجة، فأعلنت بصوتها الشجي النادر: »انساك؟« وضمن روائعها المعروفة الأخري مثل »الأمل« و»رق الحبيب« و»جددت حبك«، وعلي نفس الوتيرة سار بقية باحثينا العطافيين العباقرة، فقال المنظر العاطفي الكبير: »فين حبيبي اللي رماني فاتني بين جنة الحب وناره«، ثم توالت نظريات التحذير العاطفي في الظهور تباعا، كالنظرية التحذيرية الرصينة المسماة »ابعد عن الحب وغني له«، و»قسوة حبايبي مغلباني أوعي يا قلبي تحب تاني«، ولكن مع كل النظريات، المنسوبة لمنظرين عاطفيين عباقرة، لايزال »الطرف الآخر«، يوقع بالمزيد من الضحايا في شراكه الخداعية ماركة: أحبك لآخر العمر، وللآن لم يتهم أحد الحبوبة ليلي بأنها جننت صديقنا قيس وجعلت عنده »خمسة«، وحتي الميس »جيجي«، لم تقم بقتل »روميو ابن ام روميو«، ولم توجه للست »بهية« تهمة ذبح »ياسين«، بعيونها السود، و»ريمة« أيضا، نجت من تهم تحريض »مشكاح« علي قتل غريمه الوهمي، فادخلت الأول »طره« والثاني قرافة المجاورين، لكن ينتظر من دراسة الباحث »روبسون«، ان تفك لنا اللغز، فنعرف من جنن صديقنا قيس، ومن قتل »روميو ابن أم روميو«.