ما الذي يحدث في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا !؟ ربيع أوروبي مثل سابقه العربي!! أم بحسابات نظرية المؤامرة تقف قوي محورية أخري وراء تلك الأحداث. في رأيي... السبب هو التغيرات الديموغرافية – أي التغيرات التي حدثت عبر سنوات طوال في التركيب السكاني لهذه الدول. بمعني هجرة ملايين البشر من بلاد العرب والإسلام وإفريقيا إليها منذ سنوات وسنوات. والسبب في هذه الهجرات الكبيرة أن المجتمعات الأوروبية تعاني من نسب وفيات أكبر من نسب المواليد..... وبالتالي تعاني هذه الدول من نقص خطير في القوي العاملة يؤثر سلباً علي اقتصاداتها ويؤدي إلي هجرة الكثير من الصناعات منها.. لذلك فتحت الأبواب لهذه الهجرات – وخاصة من فئة العمال – من أجل تغطية عجز سوق العمل بها. المشكلة أن هذه الفئات العمالية من الجنسيات المهاجرة، في نسبة كبيرة منها – وليس كلها طبعا ً– من طبقات اجتماعية ذات خصائص معينة، ودرجات نفسية معقدة، ومستويات علمية ضعيفة، وخلفيات دينية جامدة في معظم الأحوال. لذلك لم تستطع هذه الفئات من أن تنصهر مع المجتمعات الأوروبية ولا أن تتسامح معها. ولا استطاعت المجتمعات الأوروبية هي الأخري، التعامل مع المهاجرين من هذه النوعية بارتياح، لأسباب – منها أنها تعلم أن كثيرا من هؤلاء المهاجرين يكفرون المجتمع الأوروبي، وفي قرارة أنفسهم يستحلون أرضه باعتبار الهوية الدينية لا الهوية الوطنية. هذا الوضع الديمجرافي الخطير – حينما لا تأتي السفن بما لا يشتهيه مجتمع المهاجرين – يصبح وضعاً منفجراً خطيراً. وهو في تقديري ما حدث... انفجر التركيب الديمجرافي لأن ثقافته لا تجاري تلك الأوروبية... انفجر وأثر علي وحرك مجموعات أخري من الفرنسيين، ولكنهم جميعاً لم يثوروا، فللثورات قواعد وحسابات أخري. ومعلوم أن الأوضاع الاقتصادية للمواطن الأوروبي صعبة من قديم الأزل.. فهو مواطن ذو مستوي معيشي مرتفع، إنما يدفع غالباً ثمن كل ما يقدم إليه من خدمات بسعر السوق الحر، بحسابات المكسب والخسارة. وهو مواطن بحكم ثقافته يفهم ويعي معني تحمله غلاء ما يقدم له، ويعمل دائماً علي التعلم والتدرب لتحسين مستواه الاقتصادي... عكس المهاجر الذي لا يتفهم في كثير من الأحوال، أهمية أن يعادل ما يجابهه من غلاء بالحد من الاستهلاك وترشيده، وتقليص الإنجاب، وضبط إيقاع الحياة، والأخذ بأسباب التطور في المؤهلات. إنه انفجار وليس ثورة... لذلك سوف تُحل المسألة من خلال تفاوض اقتصادي، ولكن مع ممارسة كثير من القوة والحزم أمام عنف المتظاهرين. وستلحق الخسارة بمستقبل الهجرة إلي هذه الدول، وستتبع أوروبا معايير جديدة... وسوف تنظر لجنسيات أخري بديلة عن هذه الجنسيات المنفجرة بطبعها. وستنهج الدول الأوروبية سياسة جديدة، تؤدي مع الوقت لتقليص أعداد المهاجرين من الطبقات العمالية من هذه الجنسيات إلي أراضيها.