الحكومة تقرر مد فترة التصالح في مخالفات البناء 6 أشهر    هاني الجفري: بريكس تواصل جهودها لتنفيذ استراتيجياتها لتقليص هيمنة الدولار    مسيرات للاحتلال تستهدف خزانات المياه بمستشفى كمال عدوان    دون صلاح..القائمة النهائية لجائزة أفضل لاعب إفريقي عن موسم 2023/24    "البيتزا اتحرقت".. حريق داخل مطعم بفيصل    بالأحمر الناري ... درة تخطف الأنظار في حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    الشيخ خالد الجندي: زيارة قبر الرسول تعزيزًا للإيمان وتجديد الولاء له    بروتوكول تعاون بين جامعة حلوان و"الصحفيين" لتقديم الخدمات الصحية لأعضاء النقابة    بنك مصر يرفع الفائدة على الودائع والحسابات الدولارية    أول ظهور لمحمود شاهين وزوجته بعد زفافهما في افتتاح الجونة السينمائي    بندوة علمية.. دار الكتب تحتفل بذكرى نصر أكتوبر    تشكيل روما الرسمي لمواجهة دينامو كييف في الدوري الأوروبي    شريف فتحي يؤكد عمق العلاقات الثنائية بين مصر وإيطاليا في مجال السياحة    السجن 6 سنوات لمتهم يتاجر في الترامادول    غادة عبدالرحيم تشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر السكان والصحة والتنمية    الجريدة الرسمية تنشر قرار إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية    جوائز كاف - ثنائي الأهلي وزيزو يتنافسون على جائزة أفضل لاعب داخل القارة 2024    نهائي السوبر المصري.. محمد عبدالمنعم يوجه رسالة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الزمالك    "حياة كريمة" تحذر من إعلانات ترويجية لمسابقات وجوائز نقدية خاصة بها    تعرف علي توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية    القبض علي منتحل صفة ضابط شرطة للنصب علي المواطنين بأوسيم    انقلاب سيارة نقل "تريلا" بطريق الإسماعيلية القاهرة الصحراوي    مدبولي يستقبل الشوربجي: نحرص على تذليل التحديات أمام المؤسسات الصحفية    نحو شمولية أكاديمية، أسبوع دمج ذوي الإعاقة في جامعة عين شمس    عارضة أزياء تتهم دونالد ترامب بالاعتداء عليها جنسيا    وزير الخارجية الأمريكي: ناقشت مع نظيري القطري إعادة الإعمار بقطاع غزة    عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل برغم القانون ل إيمان العاصى الليلة على on    الاحتلال يشن غارة على موقع علمات جبيل جنوب لبنان    رئيس جامعة الأزهر يتفقد الإسكان الطلابي بدمياط    تقدم 3670 مشاركا للمنافسات المؤهلة لمسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم    البابا تواضروس يستقبل وزيري الثقافة والأوقاف.. تفاصيل التعاون المقبل    وزير الأوقاف: مصر تهتم بالمرأة في شتى مناحي الحياة    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    مرسال عضو التحالف الوطني: 187 ألف حالة مسجلة على قوائمنا من الفئات الأولى بالرعاية خلال 10 سنوات    رئيس هيئة الدواء: مصر تطوي صفحة النواقص ومخزون وطني لتأمين أدوية الضغط    مولر عن خسارة البايرن برباعية ضد برشلونة: افتقدنا للثقة    انتهاء التوقيت الصيفي.. موعد وطريقة تغيير الساعة في مصر 2024    بوتافوجو يقسو على بينارول بخماسية ... اتلتيكو مينيرو يضع قدما بنهائي كوبا ليبرتادوريس بفوزه على ريفر بليت بثلاثية نظيفة    هالاند يسجل أغرب هدف قد تشاهده فى تاريخ دوري أبطال أوروبا    الابن العاق بالشرقية.. حرق مخزن والده لطرده من المنزل    "إيتيدا" و"القومى للاتصالات" يختتمان برنامج التدريب الصيفى 2024 لتأهيل الطلاب    الضربة الإسرائيلية لإيران.. أستاذ علوم سياسية تتوقع سيناريوهات المواجهة    توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2024.. تجنب الأفكار السلبية وتقبل النصائح    المشدد 5 سنوات لعاطلين شرعا في قتل سائق "توك توك" وسرقته بالمطرية    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    الرئيس الصيني: سنعمل على انضمام دول أكثر من الجنوب العالمي ل«بريكس»    جامعة بني سويف تحتل المرتبة 11 محليًّا و1081 عالميًّا بتصنيف ليدن المفتوح    لمياء زايد: كنت أحلم بدخول دار الأوبرا.. فأصبحت رئيسة لها    اليوم.. افتتاح الدورة السابعة من مهرجان الجونة بحضور نجوم الفن    الطقس اليوم.. استمرار الرياح على البلاد وأمطار تضرب هذه المناطق بعد ساعات    سيميوني: ركلة جزاء غير صحيحة منحت ليل الفوز على أتلتيكو    عباس صابر يبحث مع رئيس بتروجت مطالب العاملين بالشركة    سول تصف قوات كوريا الشمالية في روسيا بالمرتزقة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة في المعاهد الصحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    أول إجراء من الزمالك ضد مؤسسات إعلامية بسبب أزمة الإمارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. كمال الدين عيد: حصاد عمر الأديب كتبه لا مناصبه
بعد حصوله علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 07 - 2018

أب حريص علي أن يتعلم أولاده، وعالِم حريص لتلامذته أن يدركوا أبوته. هو من يعمل علي أن تكون كتبه التي زادت علي الثلاثين؛ في أبهي ثوب جماليّ، بعد سهر ليالي العمر؛ لتكون في أبهي ثوب، ليهبها مجانًا لتلامذته في زمن عزّت فيه المجانيّة واحتلت الماديّة كثيرًا من السُطُوح.
هو رشيق العبارةً والطلة. هو الرمز المسرحيّّ المصري والعربي؛ حتي أن المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت أطلق اسمه علي القاعة التي قام بالتدريس فيها ثلاث سنوات. هو عضو لجنة التقديرية في الفنون 2014 و2016.
هو أحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولد بالقاهرة عام 1931، وتخرج في المعهد العالي لفن التمثيل عام 1952، وبدأ حياته العملية بالعمل كمفتش للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ثم انتقل للعمل كمفتش للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون.
وكانت فرصته الذهبية لصقل موهبته حينما سافر للمجر، حيث نال بكالوريوس أكاديمية الفنون المسرحية، وماجستير الآداب الدرامية، ودكتوراه في فلسفة الآداب الدرامية.
وبعد عودته من البعثة عين مخرجا بالمؤسسة المصرية للمسرح والموسيقي (البيت الفني للمسرح حاليا)، كما عين عام 1988 وكيلا للمعهد العالي للفنون المسرحية.
شارك في بطولة أعماله المسرحية نخبة كبيرة من ممثلي ونجوم المسرح من بينهم: أمينة رزق، زوزو حمدي الحكيم، توفيق الدقن، سعيد أبو بكر، محمد السبع، إبراهيم الشامي، عزت العلايلي، كمال يس، محسنة توفيق، محمود عزمي، نجيب سرور، محمد الدفراوي، رشدي المهدي، عبد الرحمن أبو زهرة، عبد السلام محمد، عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سلوي محمود، سميرة محسن، عبد المنعم مدبولي، وحيد سيف، محمود القلعاوي، سهير الباروني.
هو العالِم الجليل الأستاذ الدكتور كمال الدين عيد، الحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب هذا العام.
استقبلني مع قرينته الفنانة التشكيلية القديرة مديحة متولي - بكرمهما المعتاد، في بيتهما العامر، وقبل أن أبادره بالتساؤلات، قال لي: حصاد عمر الأديب هو كتبه، وليس مناصبه؛ والأمثلة علي ذلك: عميد الأدب العربي طه حسين الذي كان وزيرًا للمعارف، والأديب الوزير يوسف السباعي، والأديب يوسف إدريس الذي كان مدير عام هيئة المسرح.
كيف تلقيت نبأ فوزك بجائزة الدولة التقديرية هذا العام؟
لم أنتظرها. أقول ذلك بكل تواضع بحسي الذي لا يكذب أبدًا، كان يجب أن أتقدم لنيل الجائزة التقديرية منذ زمن، ولكني انشغلت في تأليف خمسة وثلاثين كتابًا بعضها يقع في جزءين الجزء منها قد يتجاوز الثمانمائة صفحة من القطع الكبير.
يوم إعلان الجائزة اتصل بي في ليلة القدر الأستاذ الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، الذي كنت أراه في غاية الاجتهاد منذ كان معيدًا يقضي الساعات مع الطلاّب ليعينهم والآن غيّر بالاجتهاد الحروف، فصار المعيد عميدًا.
الجهة المرشحة لكم للحصول علي الجائزة كانت اتحاد الكتاب، فهل لذلك مدلول ما؟
الأستاذ الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد الكتاب، سبق أن قابلته في ليبيا لمدة ثلاث ساعات وطلب أن يدرس في أكاديمية المجر فقلت له: لكنك مهندس، وهو ما واجهني به رئيس أكاديمية العلوم المجري وهو ذو شأن كبير إذ يشرف علي ثمانين رسالة دكتوراه في مختلف التخصصات، فأجبته بما أجابني به د.علاء وهو: امتحنوه واحكموا؛ فوجدوه موسوعيًّا في العلم والأخلاق والموسيقي والفلسفة والدراما والدراماتورجيه، ووافقوا علي تسجيله رسالة الدكتوراه بل وشهدت أكاديمية العلوم المجرية أن رسالته التي كانت باللغة الإنجليزية أفضل رسالة قدمت للمجر عبر التاريخ من مصري، وهي بالفعل رائعة في نوعها الشعري الجميل. فأشكره كابني وصديقي وزميلي وكرمز لاتحاد الكتاب علي ترشيحي، وعلي أن الفائزين الثلاثة في تقديرية الآداب هم أعضاء في اتحاد الكتّاب.
لنعد بالذاكرة للوراء.. مابين اكتشاف الرائد زكي طليمات لمواهبكم الأدبية والمسرحية، واكتشافكم للنابه نور الشريف، ماهي القيم التي افتقدناها وأوقفت هذا السلسال الفني والأدبي والإنساني؟
زكي طليمات رحمة الله عليه، أستاذي الذي تعلمت منه سبع سنوات منذ 1945 تاريخ دخولي المعهد العالي لفن التمثيل العربي حتي 1952 تاريخ تخرّجي. والفنان نور الشريف هو أحد طلاّبي في مادة مناهج الإخراج المسرحي لمدة سنتين وتخرج عام 1967، وقد شاهدته لأول مرة في معسكر للفنون بالإسكندرية وهو طالب بالمعهد ولفت نظري بذكائه. زكي طليمات له تاريخ عظيم في المسرح المصري؛ سنة 1931 أنشأ المعهد العالي لفن التمثيل العربي، وكان من تلامذته روحية خالد ممثلة المسرح القومي، وصالح الكابلي. ولم يبق المعهد سوي سنة واحدة وأغلقه حلمي عيسي باشا وزير المعارف بادعاء أنه مجرد معهد للرقص. فبدأ زكي طليمات العائد من باريس ينحت في جسد المسرح المصري، فأنشأ 1942 قلعة غير مسبوقة هي المسرح المدرسي، وفي السنة التالية أنشأ قلعته الثانية لأول مرة هي المسرح الشعبي، وجاهد في إنشاء الفرقة المصرية القومية للتمثيل التي حولها أحمد حمروش عام 1956 إلي المسرح القومي. وأقول لأول مرة شيئين: الأول هو إن زكي طليمات أخذ نوعًا من الأداء المسرحي كنوع منتشر في المسارح الفرنسية والأوروبية، يسمي Over Acting أي زيادة الممثل في انفعاله وصوته وحركته المسرحية إن كثيرًا أو قليلًا، وهو أفضل بمراحل من قليل الإحساس بالكلمة والحركة المسرحية. الأمر الثاني أن زكي طليمات أدّي في فرنسا كل أدوار موليير، وكان يهتم بالشكل الفيزيقي Physique، فاختياره لسعيد أبو بكر في "البخيل" كان لأن جسمه قليل وكأنه بخيل في التواجد بجسمه نفسه، واختياره لبرلنتي عبد الحميد في أدوار التدلل لأنه وجد حركة خطواتها جميلة، وزميل دفعتي عدلي كاسب بقامته الفارعة وتركيزه في مِشيته ممسكًا بطنه الممتلئ فاكتشف الروح الكوميدية الكامنة فيه، وقدم سعد أردش بقامته الفارعة أيضًا في دور "الكاردينال ريشيليو" وعبد الرحيم الزرقاني المتوسط الطول في امتلاء اختاره أيضًا لدور مناسب في مسرحية مترجمة عن الفرنسية هي "في خدمة الملكة" في المسرح الحديث الذي أنشأه 1953، وهذا طبعًا بعد اقتناعه بفن الممثل الذي يراه مناسبًا.
وكثير من المخرجين الآن يفتقدون هذا، ويفتقدون تواصل الأجيال، بحيث عندما تتوسم في صاحب موهبة غير معروف تمنحه الفرصة لتتواصل الحياة المسرحية. فمثلاً اعتذر السيد بدير رئيس هيئة المسرح عن عدم إخراجه ل"روميو وچولييت"، وأبديت استعدادي لإخراجها فوافق زميلي حمدي غيث مدير المسرح العالمي؛ وصممت أن آتي باثنين من الفنانين غير المعروفين لتجديد شباب المسرح بموهوبين فاخترت نور الشريف، وسناء ماهر التي اكتشفتها حينما أشرفت علي الفنون المسرحية بجامعة القاهرة في ستينيات القرن الماضي، وكنت أدرّب الممثلين كلهم ثلاث ساعات ونور وسناء ثلاث ساعات إضافية، وأحطت البطليّن بكوكبة من كبار الممثلين كعبد الرحيم الزرقاني وعزيزة حلمي وأنور رستم وشوقي بركة، ولكن لم يسلّمني الديكور لا د.رمزي مصطفي ولا زميلي حسين جمعة. ومع ذلك سلّمت النقّاد العرض في مسرح الأزبكية ووصفت ما حدث بالتفصيل في كتابي "المعمل المسرحي"؛ فكأن العرض تم تقديمه لشريحة فقط من الجمهور هم النقّاد. وحينما كنت علي الهاتف في السنوات الأخيرة مع نور الشريف، اتصل بي مدير أعماله ذات مرة وأخبرني أن نور عندما علِم أن المكالمة مني وقف منفردًا بين مجالسيه احترامًا لي ولو بحضوري الصوتي، فألف رحمة الله علي روحك الطيبة يا حبيبي يا صديق العمر يا عزيز المقام، وعلي شهداء المسرح في بني سويف. فأين هذه النوعية من الأساتذة الذين ينجبون هؤلاء التلامذة.
ما الذي تذكره عن تجربتك في الدراسة لماچستير الآداب الدرامية بجامعة اتفش لوراند بالمجر عام 1970؟
بدأت في دراسة اللغة المجرية 1958، وفي عام 1962، انتهيت من بكالوريوس الإخراج المسرحي – قسم الإخراج المسرحي في جامعة الفنون بالمجر. في عام 1968 ذهبت إلي المجر لدراسة الماچستير والدكتوراه علي نفقتي الخاصة. في الماچستير كنت قد أجدت اللغة المجرية كما أفادتني إجادتي للغة الإنجليزية، في الرجوع للمراجع للبحث عن الأدبيّن المجري والعالمي، حيث إنها باللغتين المذكورتين، وتقويت أيضًا في اللغتين بفعل دراستي في الماچستير. ودرست في جامعة "اتفش لوراند" بالعاصمة "بودابست" في قسم الأدب العالمي برئاسة ناقد كبير، ودرست بمعهد السينما المجري لمدة سنة، درست السيناريو، واللقطات والقَطع، وكل ما هو مهم للسينما، لأني رجل مسرح بالدرجة الأولي ولم أدرس السينما من قبل. وكنت أدرس العلاقة بين المسرح والسينما، والتغيرات الدرامية والفنية فيهما، وقد أفادني ذلك كثيرًا في دراستي.
وما الذي تذكرونه عن تجربتكم في الدراسة للحصول علي دكتوراه الفلسفة في الآداب الدرامية بأكاديمية العلوم المجرية عام 1974؟
بحثت لمدة أربع سنوات للدكتوراه (1970-1974) بأكاديمية العلوم المجرية التي تقع في مبني منذ القرن السابع عشر وهي قلعة من القلاع العلمية الأوروبية، وكتبت الرسالة باللغة الإنجليزية كما ترجمتها إلي العربية وطبعتها ليبيا ككتاب قيّم في لبنان أتمني تقديمه، وتناولت كل مسرحيات الكتاّب المسرحيين المصريين الذين عملوا علي قيم الدراما الاشتراكية التي كانت منارة لي ولزملائي في عصر الراحل العظيم جمال عبد الناصر، كتّاب من أمثال نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي، وعنوان موضوع الدكتوراه هو: المشاكل المتعلقة بانبثاق وتطور الدراما الاشتراكية المصرية.
ونظام التصويت علي الدكتوراه هناك هو أن يتم التراسل مع كافة الجامعات في كل مدن المجر بإرسال الرسالة إليهم وميعاد ومكان المناقشة قبلها، فتخيّل مثلًا أن كل جامعات مصر في كل المدن كالإسكندرية والإسماعيلية والمنيا وأسوان وغيرها يكون مسموحًا لها بإثراء مناقشة الدكتوراه بإبداء الملاحظات؛ فياليت ذلك يكون لدينا. ثم يتواجد علي المنصة سبعة محكمين، وجلست بين الجمهور بالقاعة من غير سند بالمنصة وهي تجربة رائعة. وجري التصويت بأن تم تسليم كل محكم ورقة في حجم كف اليد يسهل فصل نصفيّها بغير وفي كل ورقة يخرج نصف نعم ونصف لا، ومرت السكرتيرة لجمع الأوراق وتم إعلان النتيجة فورًا، ووافق ستة منهم ورفض واحد، وكان يكفي موافقة أربعة، ولكن التقدير يزداد بازدياد الموافقين.
لماذا اخترت المجر؟ هل لها خصوصية عن بقية دول أوروبا من جهة الأدب والفن المسرحيين؟
بالتأكيد، فقد ظهر في كل أوروبا مؤلفون دراميون ومؤلفون أوبراليون. ميزة المجر أن الأساتذة الثلاثة الذين درست عليهم كلهم تعلموا في خارج المجر. أستاذي نادشتي كالمان رحمة الله عليه، هو أستاذي في الإخراج - الجانب النظري، كان قد درس في إيطاليا ثم عاد إلي المجر وأخرج أوبرات إيطاليّة عديدة. أما مايور توماش رحمة الله عليه أستاذي في الإخراج – الجانب العملي، فقد درس في باريس. الثالث هو مارتون أندرا، فقد درس بمعهد ماكس راينهاردت بالنمسا، وهو أستاذي في الإخراج أيضًا. وبذلك تجمّع لي في المجر توليفة أدبية وفنية، إيطالية – فرنسية – نمساوية – مجرية. وهنا أشير إلي أن المسرح المجري استند علي جهد دراما شعرية أبدعها شعراء عديدون ذاع صيتهم أيضًا خارج المجر، وقد ترجمت أعمالهم إلي لغات عديدة، وللأسف ما ترجم من ذلك إلي العربية قليل جدًا، ونلمس تقديم زكي طليمات دراما شعرية لعزيز أباظة باشا وأحمد شوقي وعلي أحمد باكثير وصلاح عبد الصبور، وهم شعراء عظماء؛ فأين ذلك من ضعف المسرح الشِعري الآن، بما يستطيع منحه من ثراء أدبي لغوي وإنساني وتربوي.
كنت أول من قام بمنح دكتوراه في المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر بقسم التمثيل والإخراج..
أنت تعيدني إلي عام 1991 حينما أراد طالب لديّ اسمه عثمان عبد المعطي، عمل بفرقة طنطا المسرحية وبالمسرح المدرسي، أن يحصل علي درجة الدكتوراه بعد حصوله علي الماچستير، وكان أمرًا جديدًا أثار نقاشات حادة في قسم التمثيل والإخراج. واخترت الراحل العظيم سعد أردش والدكتور عبد الهادي الجوهري الذي كان مستشارًا ثقافيًا لمصر في العراق عام 1990 وقابلته في مؤتمر تطوير إعداد المناهج المسرحية بجامعات العراق في بغداد، ثم أتي إلي مصر كعميد معهد إعداد القادة. وكنت ذاهبًا للتدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت؛ فأردت مناقشة الطالب قبل الموعد بشهرين، فقال لي زميلي وصديقي وعزيزي أ.د. فوزي فهمي: سافر بسلامة الله، وإذا ما تمت السنتان تتم مناقشة الطالب؛ فأتيت في نوفمبر بعد شهرين من سفري لمناقشة الطالب. ويظل هذا تاريخًا مشرفًا لنا كتلامذة لزكي طليمات في معهد سيظل إلي ما شاء الله يثري ثقافتنا المسرحية بفناني التمثيل والإخراج والدراما والنقد المسرحيين وهندسة الديكور.
لك خبرة عريضة بتدريس الأدب والفن المسرحيين بعدة دول عربية منها ليبيا والكويت والعراق، ما الذي يمكن قوله عن تلك الفترة؟
عملت بليبيا ثلاثة عشر عامًا. أولاً منذ 1974 حتي 1977 كمستشار لوزارة الثقافة الليبية لشئون الهيئة العامة للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية. ثم انتقلت إلي جامعة الفاتح 1977 وأنشأت قسمًا جديدًا للفنون بعزم من العقيد معمر القذافي رحمة الله عليه مع زميلي الأستاذ الدكتور علي سعيد البلوشي؛ فأنشأنا كلية الفنون والإعلام، وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية. ويسعدني القول بأن ثمانين بالمائة من الدكاترة الحاصلين علي الدكتوراه بالمعاهد المذكورة قد أرسلت كثيرين منهم إلي المجر للحصول علي الماچستير والدكتوراه، بعد عدم اعتياد علي الشهادات العلمية الكبيرة. وفي العراق 1990 قمت بالتدريس في الدراسات العليا في بابل وبغداد والمستنصرية والديوانية، والآن رؤساء الأقسام المسرحية والعمداء لكليات الفنون الجميلة نصفهم علي الأقل من تلامذتي. وعلي الأقل عشرون من الأساتذة الدكاترة هم من تلامذتي، وأتواصل بسعادة معهم علي الهاتف. وأسعد بأن اثنان من تلامذتي صار كل منهما عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية هما أ.د.عبد الله الغيث وأ.د. فهد السليم، وكانا عميدين بقوة العلم الحديث النافع لدولة الكويت الشقيق؛ فشكرًا علي إطلاق اسمي المتواضع علي قاعة بمعهدها المسرحيّ قمت بالتدريس فيها ثلاث سنوات، مع قاعة باسم الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم رحمة الله عليه، الذي قام بالتدريس فيها عشرين سنة؛ فشكرًا للمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت عمداء وأساتذة وطلّابًا.
ما هي رسالتك التي توجهها للشباب فيما يتعلق بالأدب والفن المسرحيين خاصة، ثم فيما يتعلق بالأدب عموما؟
أقول للشباب عامةَ، وشباب أكاديمية الفنون بمعاهدها: الفنون المسرحية، والسينما، والموسيقي العربية والكونسرفتوار، والنقد الفني، والفنون الشعبية: افعلوا كما كنا نفعل لنتقوّي في الحلقات الدراسية، اهتموا بالدوريات الأدبية كأخبار الأدب؛ لتضمنوا جرعة أدبية ثقافية منتظمة تليق بكم كأدباء وفنانين عرب يقوم التقدم العربي المنشود علي وعيهم كشباب هم ذخيرة المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.