حقق أورهان باموك، أخيراً، حلما طال انتظاره بإفتتاح "متحف البراءة" المأخوذ عن أول رواية كتبها بعد حصوله علي نوبل بالعنوان نفسه، المتحف يضم مجموعة من المعروضات تعود لفترة زمنية تمتد خمسين عاما كما سجلها في الرواية الصادرة سنة 2008 . تكلف المتحف كثيراً، "قيمة نوبل لم تكف لتأسيسه"، حسبما قال في المؤتمر الصحفي المصاحب للإفتتاح، كما أوضح أورهان قائلا: " لم أضع في اعتباري إقامة متحف أثري خارق ، بل مجرد عرض لبعض الأشياء الحميمية المعتاد وجودها في الشوارع الخلفية، وتمثل الحياة اليومية العادية للمدينة"، هكذا تحرك صاحب نوبل التركي في تصميم متحفه الواقع داخل مبني بمنطقة كوكوركوما، بالعاصمة التركية أسطنبول. داخل متحف البراءة يستعرض باموك الحياة التركية العادية في الفترة بين عامي 1950 و2000، كنوع من التقدير و التكريم للرواية واسطنبول كذلك. "حياتنا اليومية مقدسة، وينبغي الحفاظ علي ما تحتويه من أشياء خاصة عزيزة علينا، ولا يتعلق ذلك بمجد الماضي، بل بالناس وأشيائهم ومدي تقديرنا لهم"، هكذا تحدث باموك عن المتحف، الذي ظل يحلم به طوال فترة كتابته للرواية، إلا أن ما أخره الإعداد والتكلفة فقط! المتحف والرواية يلتقيان علي أكثر من مستوي، حيث تتناول عالم "كمال" الذي لجأ لجمع أشياء عادية في سبيل البحث عن سعادة افتقدها لسوء الطالع بسبب علاقة عاطفية فاشلة، هكذا جمع كمال في متحفه الخيالي، مثلما فعل باموق في متحفه الواقعي، الحياة الحقيقية التي تضم مجموعة من الأشياء الغريبة المنبوذة، التي أهملها أصحابها. جمع باموك محتويات المتحف من متاجر الأشياء القديمة، وبعض ممتلكات العائلة وآخرين، من تماثيل صينية ومستلزمات حلاقة عفي عليها الزمن، وآلة بروجكتور بدائية للعرض السينمائي، حتي فرش الأسنان، بالإضافة إلي أشياء غريبة أخري منها 4213 عقب سيجارة! يعتبر الكاتب التركي أن هذه الأعقاب هي العرض الرئيسي للمتحف، حيث يراها مساهمات من أشخاص الرواية الحقيقيين، لهذا تمت أرشفتها ولصقها بالدبابيس علي لوحة ضخمة تحتل جدارا كاملا، تطلب "العرض الرئيسي" مهمة مضنية حيث تطلب وقتا لإخلائها من التبغ لتجنب جذبها للديدان! يؤكد باموك أن المتحف ليس شخصياً، "الكاتب ليس له ما يعرف بالسيرة الذاتية.. "كمال"، بطل الرواية، كان مشغولا بالحب، وقد أحاط نفسه بسياج عن الثورة الإجتماعية والسياسية حوله، فالرواية تدور في اسطنبول السبعينيات خلال عصر الإنقلابات العسكرية". أما الرواية التي أوحت له بفكرة المتحف، فقد احتلت فور صدورها المرتبة الأولي في قائمة أعلي المبيعات بجريدة النيويورك تايمز، كما ترجع أهميتها أنها أول أعماله بعد حصوله علي "نوبل" في 2006. ختاماً المتحف ليس آخر أعمال باموك، حيث يعكف الكاتب صاحب التاسعة والخمسين عاما، علي كتابة رواية جديدة حول الباحثين عن لقمة العيش في مدن الصفيح المحيطة بأسطنبول. كما يتم حاليا إعداد روايته الأولي"جودت بك وأولاده" الصادرة سنة 1982 كمسلسل تليفزيوني.