بعد تلك السنوات الطويلة التي قضيتها بين أحضان بيتي الآمن يجيء يوم أغبر يهوي بي إلي الشارع لم يكن في الحسبان أن أجرس هكذا أحس وأنا أنزل درجات السلم كأنني أهوي إلي بئر سحيقة بعيدة القرار ماذا ينتظرني خلف هذا الباب أقدم رجلا وأرد أخري انها الفضيحة مع الشيب تنوء أقدامي بحمل جسدي الثقيل السمين الذي يرتعش الآن عيناي زائغتان حلقي جاف مر وقلبي يدق بعنف ذاك هو الشارع إذن سيارات تتربص بالمارة هاهم ينسلون من جحورهم لقد تخيرت هذا الوقت المبكر جدا كي لا أري وجوههم أعرفكم كلكم مجرمين وقتلة سفلة حواة تسرقون الكحل من العين هذا الرجل الطويل ما له يحدق في هكذا لاشك انه يدبر مكيدة ما والبدين هذا القادم صوبي ينقل عينيه في أنحاء جسدي أعلي وأسفل يا لجرستي فوق ملابسي الداخلية ارتديت سروالا صوفيا طويلا وثوبا فضفاضا وآخر داكن اللون ثم ثوبي الأسود هذه المرأة تضع يدها في حقيبتها منديل مبلل بمخدر يوضع بغتة علي الأنف كان السائق مجنونا حين أردت انزل زلت قدمي وسقطت رحت في غيبوبة لأفيق بعد زمن فاجد رأسي في حجر امرأة واللبؤة تمسك بمنديل تفوح منه رائحة عطرة بالإجرام هكذا في وضح النهار انهم يضحكون أهناك شئ ما في هيئتي أو ملابسي ، لقد أطلت الوقوف أمام المرآة أتأمل ملابسي ، ووجهي وأحكم غطاء رأسي أدقق في التفاصيل الصغيرة الدقيقة أسد أي ثغرة يمكن لعيون الثعابين أن تنفذ من خلالها يارب أزل عني هذه الغمة، نجني من الكرب العظيم لا كان هذا اليوم ولا كان الخطاب الأصفر المشئوم ماطلت كثيرا ادعيت انشغالي بأمور مهمة فكرت أنيب عني أحد أقاربي ،بل وتمارضت حتي مرضت بالفعل ،وظننت أني قد نجوت حتي سمعت طرقات ملحاحة علي الباب لابد من حضورك شخصيا بذاتك وإلا ستتحملين جميع العواقب والتبعات ،عواقب ،تبعات غر في داهية يا نذير الشؤم وغراب البين اتركوني وشأني اقصروا عني شركم اذهبوا لغيري، نجنا من العواقب وشرورها يارب، يارب انا في هذه السن أجرس هكذا يهددونني بالعواقب ،والآن الأمر لك يارب يجب أن أعبر إلي الجانب الآخر تمرق السيارات كلحظات الطمأنينة في هذه الدنيا ،سيارات، سيارات بعدد أنفاس البشر، السعيد حقا من تكتب له النجاة ويعبر سالماً مثل هذا الشاب المتهور الذي راح يجري ويناور في خفة الأسفلت الأسود الا يرتوي ابدا ابن جارتي الذي صرعته سيارة وكنت أسمع نحيب أمه طوال الليل والكثيرين الذين لقوا مصارعهم تحت تلك العجلات التي لاتكف عن الدوران سأنتظر حتي تمر هذه السيارة الضخمة ثم أعبر، هيا الآن لابل أنتظر أنتظر حتي تمر السيارة القادمة هنالك أجل سأنتظر في التأني السلامة ،تساعدني، تساعد من أيها اللئيم؟ دع يدي انصرف عني انا اعرف ألاعيبكم تتجرأ وتمسك يدي أنا السيدة الكبيرة هذه أثار اصابعه علي جلدي الابيض ماذا تظنون بي أيها الانجاس المناكيد يارب كن معي يارب، اذهبوا عني بوجوهكم وأعينكم النفاذة إنهم يتكاثرون حولي يروحون ويجيئون لم أعد أحتمل الوقوف ،ولا أستطيع أن أترك الوهن يسير في جسدي أعبر الآن ،حذار، حذار كادت السيارة، آه الألم يشق صدري كنصل سكين، بالكاد أجد أنفاسي الدوار يعصف برأسي كل شيء يدور، السيارات تدور وتحلق بعيداً بعيداً في السماء، الشوارع تخلو رويداً من الضجيج، والرعب ووجوههم، أسير خفيفة سعيدة فيما يشمل السلام الكون بأسره.