اختارت مملكة البحرين أن تحتفل باليوم العالمي لحرية للصحافة يوم الثالث من مايو الماضي بمنح جائزة البحرين لحرية الصحافة في دورتها الأولي في مجال العمود الصحفي وقيمتها مائة ألف دولار للكاتب المصري د.خالد منتصر، الذي تسلمها من الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، والشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة والاعلام البحرينية، في احتفالية ضخمة شهدتها الصالة الثقافية بالمنامة في حضور عدد من الوزراء وسفراء العالم العربي المعتمدين في مملكة البحرين، ونخبة من ألمع المبدعين ورجال الإعلام كان في مقدمتهم: الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، وجهاد الخازن، وبيار أبو صعب، وعبدو وازن، وتركي السديري، والدكتور محمد الرميحلي، وليلي العثمان، وياسين عدنان، وماضي الخميس، والناقد د.صلاح فضل، عضو مجلس أمناء الجائزة، الذي رأس في نفس اليوم إحدي الجلسات البحثية التي صاحبت منح الجائزة، وكان موضوعها (الصحافة والفضائيات ... صراع أم تعاون؟) وتحدث فيها: الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وياسين عدنان، ومصطفي عبد الله، الذي اختار لورقته عنواناً هو "العلاقة النفعية بين الصحافة والفضائيات" استهلها قائلاً: " تشهد الساحة الإعلامية العربية نقلة نوعية جديدة في الكم والكيف، كان لنا علي أثرها لقاء مع ساحة مغايرة، تضخ لنا كل ساعة ما يفوق طاقة الاستقبال لدي الجماهير العربية، التي لم تكتف بهذه الفضائيات العربية، بل أضافتها إلي قائمة فضائيات أخري، من أقمار غريبة، باتت تزاحم حياتنا اليوم بتأثيرها. ولعل الناظر إلي دخولنا عصر الفضائيات يظن أننا تركنا إلي الأبد عصور وسائل الإعلام الأخري، التي تبدأ بالكتاب، وتمر بالصحيفة والمجلة والإذاعة ولا تنتهي إلا عند حدود الإنترنت. ولكن بعض الظن إثم! فالحقيقة أن الفضائيات العربية كانت حريصة أشد الحرص علي أن تربط بين حضورها الفضائي وحضورها الورقي. ولا يفترض أن يكون هذا الكم مثاليا من ناحية الكيف، ومن هنا ظهرت الحاجة إلي مساءلة، وقراءة للمحتوي، دون أن نصل للحد الذي وصل إليه البعض من تحريم (شرعي) لمشاهدة بعض هذه القنوات علي سبيل المثال، بدعوي أنها تسهل هيمنة سياسة غربية علي النواحي الدينية والسياسية والاجتماعية في العالم العربي. ومن هنا يجب أن نحدد الفضائية العربية التي نتناولها في الحديث هنا، بأنها المملوكة لرأس مال عربي، وليست قناة توجهها مصالح مضادة للعالم العربي، كما في حال الفضائية العربية الإسرائيلية علي سبيل المثال. وقد أصبحت القنوات الفضائية العربية قوة إعلامية لا يستهان بها في تشكيل الرأي العام، ولها الفضل في تصعيد في وجهات النظر حول الأحداث الجارية، وتفسيرها، مما يؤسس لاتجاهات الأفكار السياسية والاجتماعية والثقافية وحتي الأيديولوجية لدرجة أن أصبح العديد من أصحاب القرار الدولي يثقون بقدرتها المسيطرة علي عقول الجماهير. في حين رأس الخازن أولي الجلسات التي ضمت تجارب أبو صعب ووازن، ورأست سوسن الشاعر ثالثها التي تحدث فيها د.حسن مدن، رئيس لجنة التحكيم في الدورة الأولي للجائزة، وكانت هذه الاحتفالية قد بدأت بكلمة الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة، ملك البحرين، التي حيا فيها هذه الجائزة، وأعلي من قيمة الصحافة التي يفخر بأنها شهدت ازدهاراً كبيراً في عهده، وفي كلمتها عبرت الشيخة مي عن حزنها العميق لفقد أمين عام هذه الجائزة منذ أيام قبل أن يجني ثمرتها الأولي، وأعلنت عن إنشاء جائزة أخري تحمل اسمه وتبلغ قيمتها مائة وخمسين ألف دولار، وهي جائزة محمد البنكي، التي تمنح في العام المقبل بالتزامن مع جائزة البحرين لحرية الصحافة. أعقبت ذلك كلمة ناصر عراق، منسق عام الجائزة، و فيها أوضح أن 92 متسابقاً من 15 دولة تقدموا لنيل الجائزة في دورتها الأولي، وأشار إلي أن مصر والبحرين حظيتا بأكبر نسبة من المتسابقين، وأشار عراق في كلمته إلي الدور الذي لعبته الصحافة في إخراج الشعوب والأمم من عصور الجهل والتخلف إلي آفاق التنوير، وأكد أن الصحافة العربية تمر اليوم بأزمة وصفها بالحرجة، ذلك أن نصيب أمتنا العربية من القنوات الفضائية زاد علي 500 قناة وفقاً لتقرير التنمية الثقافية الذي أطلقته مؤسسة الفكر العربي مؤخراً وهذه القنوات خطفت قارئ هذا الزمان كما سرقت المعانين الذين كانوا يدعمون الصحف مالياً بإعلاناتهم، الأمر الذي أدي إلي تراجع كبير في توزيع الصحف ليس في عالمنا العربي فحسب.. بل في العالم كله، أما الكاتب البحريني الدكتور حسن مدن، رئيس لجنة التحكيم، فقد كشف عن شدة التنافس بين المتسابقين مما صعب من مهمة المحكمين. ومما يجدر بالذكر أن هذه الجائزة هي الأعلي في مجال الصحافة علي مستوي الوطن العربي من حيث قيمتها، إذ تبلغ مائة ألف دولار.