الغموض سيد الموقف، هذه ليست ديباجة، هذه حقيقة. لا أحد من الناشرين العرب في معرض الكتاب بإمكانه التنبؤ حول إمكانية استمرار المعرض من عدمه. الجميع يترقبون الأحداث التي سيسفر عنها يوم 25 يناير. أحدهم يقول إنه لا يعرف إن كان الجناح سيظل موجودا غدا أم لا. يقول أسامة أبو طاعة من دار أزمنة الأردنية: "نحن نأمل خيراً. نتوقع أن يكون الإقبال كبيرا علي هذه الدورة من المعرض علي أساس إلغاء الدورة السابقة. القراء متعطشون للكتب والإصدارات الجديدة. بعض الناشرين العرب متخوفون مما سيحدث يوم 25 يناير". لا يمكن للناشر أن يتوقع ما سيحدث من أول يوم، ليس لأنه أول يوم فحسب، ولكن لأن حركة البيع الحقيقية ستبدأ يوم 26 يناير. بعد انتهاء إجازة المعرض بمناسبة ما يسمي "عيد الثورة". بالنسبة لمبيعات الكتب بشكل عام فالأوضاع سيئة في الأردن، يواصل أبو طاعة: "الربيع العربي أثر كثيرا علي الوضع الاقتصادي. كيف نطبع وليس هناك أي شيء واضح؟ يمكنني أن أصدر كتابا عن الثورة المصرية اليوم، فأفاجأ بأن سوريا قد دخلت في نطاق الاحتجاجات، وبالتالي يتحول اهتمام القارئ من مصر إلي سوريا، وهذا يعني أنني خسرت". علي عكسه يؤكد جميل الصالحي مدير إدارة المعارض بوزارة الثقافة اليمنية علي تفاؤله: "الوضع مشجع برغم الأزمة الاقتصادية والوضع الأمني. أستشف هذا من عدد القراء الذين سألونا اليوم عن العناوين الجديدة. ولكن الوضع سيصبح أكثر وضوحا بعد 25 يناير". الصالحي متفائل كذلك بوضع الكتاب في اليمن. برغم الاحتجاجات الشعبية الكبيرة هناك، المستمرة منذ سنة تقريبا، يؤكد أنه ليست هناك انحساراً في المبيعات بالنسبة لجميع العناوين، الثقافية منها والسياسية: "الوضع لا يبعث علي القلق". وليد أحوش من دار بيسان اللبنانية يؤكد أن الوضع في تراجع، ليس بسبب الثورات العربية بالتحديد إنما بسبب الأوضاع العامة في لبنان: "تجد دور نشر تصدر أعمالا كثيرة وفجأة تفلس. الوضع عندنا سيئ جدا. مع تطور الأحداث العامة في لبنان قل عدد الكتب المهتمة ببيع الكتب. أصبحت مكتبات للأوراق والأقلام.نحن ننتهج في الدار سياسة مختلفة. لا نبيع جرائد ولا كتباً أجنبية ولا ننشر كتبا عن السحر ولا الأبراج وغيرها. كل ما ننشره كتب نقدية وفكرية ودراسات وروايات. بالنسبة لمبيعات هذه الكتب عندنا فهي لم تتأثر بالربيع العربي". وعن توقعاته للمبيعات يقول ساخرا: "ليس هناك أي شيء واضح. نحن اليوم هنا وقد نكون غدا غير موجودين". الجناح التونسي في سراي الاستثمار يبادر الزائر ببوابة ضخمة مكتوب عليها "إذا الشعب يوما أراد الحياة" بعدها يطالع الزائر الكثير من الفوتوغرافيا التي تصور مشاهد الثورة التونسية. العناوين في الجناح تدور في جزء كبير منها كذلك حول الثورة، بالإضافة لمكتبة خاصة عن طه حسين أصدرتها عن دار المعارف منها عناوين "طه حسين مفكرا سياسيا"، "طه حسين وابن خلدون"، "ماذا يبقي من طه حسين"، طه حسين مطلوب حيا أو ميتا"، بالإضافة لروايات له منها "أديب" و"المعذبون في الأرض". نوري عبيد رئيس اتحاد الناشرين التوانسية يضيف: "بذلنا كل الجهد حتي يتواجد هنا جميع الكتّاب. نقيم هنا حوالي عشرين فعالية متنوعة. جئنا ببعض العناوين التي تتحدث عن الثورة، ولكن ليس كلها". وعن وضع النشر في تونس يقول: "المبيعات كلها موجهة الآن. الكتب التي تتحدث عن الثورة يهتم بها القراء ولكنهم لا يهتمون بالكتب العادية، وكذلك الحال بالنسبة للكتب الإسلامية. الحركة السياسية الإسلامية نشطت من جديد وتمت ترجمة هذا في سوق النشر".