أمين جديد لمجلس الآثار، لم يعد خبرا جديدا، تغيير الأمين العام أصبح شيئا عاديا داخل المجلس الأعلي للآثار الذي شهد خلال الشهور التسعة الماضية ما لم يشهده طوال تاريخه. يتندر أحدهم: إذا دخلت المجلس الآن لن يسألك أحد إلي أين تذهب فربما تكون الأمين الجديد! بشكل عام يعتبر قبول المناصب حاليا مغامرة غير محسوبة العواقب، وفي مجلس الآثار يشبه الأمر دخول مقبرة. لكن يبدو أن الأمين الجديد د.مصطفي الأمين لديه حسابات أخري، سألته لماذا قبلت هذا المنصب؟ قال:لن أقول كلاما مكررا ولكني فعلا لم أكن أتطلع لمنصب، وبصراحة شديدة قبلت لأن هذا الصرح الكبير كان علي وشك الانهيار، وصلت الأمور إلي طريق مسدود، وكان يجب أن يتدخل أحد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لا يدعي د.مصطفي أنه أفضل ممن سبقوه لكنه يملك ما لم يملكوه »لا أدعي انني أفضل من أحد، ولست مميزا عنهم، ولكني وصلت إلي اتفاق مع رئيس الحكومة ووصلت لحل نهائي لمشاكل الآثار وعلي رأسها مسألة التعيين، كلام عصام شرف معي كان مختلفا ولن أكشف التفاصيل الكاملة الآن«. في آخر أحاديثه معي قال محمد عبد الفتاح الأمين السابق أن الحكومة تخلت عن الآثار، يعلق: »هذا غير صحيح، وسيثبت العكس قريبا جدا، وحتي لو تخلت الدولة عن الآثار فنحن لن نتركها تضيع«. الأمين الجديد رفض الإفصاح عن تفاصيل اتفاقه مع عصام شرف، لكنه أرسل له خطابًا، الثلاثاء الماضي يطلب فيه الموافقة علي تثبيت 11000 عامل من العاملين في المجلس الأعلي للآثار، ومن المقرر بعد موافقة شرف أن تبدأ إجراءات التثبيت وفقا للأقدمية، »سيتم تثبيت 465 كدفعة أولي والباقي بحسب خطة معلنة«. في اليوم نفسه اجتمع أمين مع شباب خريجي كليات الآثار والآداب قسم الآثار ومعاهد الترميم، ممن تقدموا بطلبات للتعاقد مع المجلس الأعلي للآثار في شهر يوليو 2011 وأبلغهم أنه سيتم اتخاذ إجراءات التعاقد للمرحلة الثانية، وتشمل التعاقد مع 850 خريجاً، خلال أسبوعين، وفقاً لنظم ومعايير الاختيار التي تراعي تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وفقاً لأقدميات التخرج والتقدير. مؤكداً أنه تم تدبير الموارد المالية اللازمة للتعاقد من مخصصات المجلس الأعلي للآثار، مشيراً إلي أنه سيتم تعيين المرحلة الثالثة والرابعة وفقاً لجدول زمني بنفس المعايير السابقة. الأمين الجديد ينفي توقف المشروعات ويؤكد أنه التقي مع قيادات ورؤساء قطاعات المجلس وتمت مناقشتهم لوضع خطة عاجلة وآجلة للمشروعات الهامة والمشاكل التي تعوق العمل، ووضع الحلول المناسبة لها، مؤكداً علي أنه سيتم الاجتماع مرة أخري، اليوم الأحد، لمناقشة ما تم اتخاذه من خطوات تنفيذية في المشروعات الهامة لدي كل قطاع، مشيرا إلي أنه سيتم الاستفادة من المعينين الجدد، بعد إعدادهم، من خلال دورات تأهيلية، لإكسابهم المهارات اللازمة للمشاركة الفعالة لتنفيذ المشروعات والخطط المستقبلية في المجلس، بمختلف قطاعته. بشكل عام تغير وجه المجلس. من يدخل مجلس الآثار الآن ربما لن يعرفه، توتر ملحوظ علي وجوه العاملين، وحركة غير مستقرة، ومسؤول جديد كل أسبوع، فبعد شهر تقريبا من إبعاد حواس ورفض البنا جاء محمد عبد الفتاح أمينا للمجلس، شهر حاول خلاله د.محمد عبد المقصود تثبيت أقدامه في المجلس باعتباره الأولي بالمنصب والمعين رسميا من قبل الوزير السابق، لكن كلاهما لم يستمر فالأمين الأخير خرج كما خرج حواس من قبل: احتكاكات وسباب ثم استعانة بالشرطة العسكرية لتخليص الأمين العام من المتظاهرين. رحيل عبد الفتاح سبقته عودة المظاهرات والاعتصامات مجدداً إلي مبني هيئة الآثار وبعد أن وصف المتظاهرون الأمين العام بصاحب الأيدي المرتعشة، أصدرت حركة ثوار الآثار وائتلاف العاملين بالمجلس، بيانًا طالبا فيه بتثبيت العاملين بالعقود، وتحديد حد أدني للرواتب، وفقًا للقرار الذي صدر عن مجلس الوزارء بعد ثورة 25 يناير، ووضع حد أقصي لرواتب بعض العاملين الذين يحصلون علي أجور خيالية من أيام زاهي حواس، وتطهير المجلس من ذيول الفساد الذين ما يزالون يفسدون في الآثار، واستبعاد ذيول الوزير السابق زاهي حواس من المراكز القيادية والفاعلة في المجلس، وعلي رأسهم أعضاء المكتب الفني لحواس، والاستغناء عن المستشارين ولواءات الجيش والشرطة ممن تم تعيينهم كنوع من المجاملة في المجلس الأعلي للآثار بمبالغ كبيرة، وما يزالون يتقاضونها حتي بعد الثورة، وإنهاء التعاقد مع الشركة »لايف« الطبية التي تقوم بالتأمين الصحي للعاملين بالآثار، مشيرين إلي أنها غير جيدة، وتحصل منهم علي أموال ولا تقوم بدورها تجاههم. هل يخشي الأمين الجديد، الذي بدأ أيامه الأولي بمحاولات التهدئة، أن يخرج كما خرج سابقوه؟ يقول إن الأمر لا يعنيه وإنه مستعد للخروج في أي وقت »لكن إن تبقت دقيقة سأحاول فيها أن أقدم شيئاً للأثريين«!