فجر المترجم بشير السباعي مفاجأة عندما تقدم ببلاغ من منصة المجلس الأعلي للثقافة للدكتور عبدالمجيد محمود، النائب العام المصري، يتضمن واقعة ذكرها المفكر البريطاني ثيموني ميتشل في كتابه »حكم الخبراء مصر، التكنو - سياسية، الحداثة« اذ زعم ميتشل أن الدكتورة ليلي تكلا، عضو مجلس الشعب سابقا، حصلت علي رشوة مقدارها مليون دولار من شركة لوكهيد الأمريكية عام 0991، حيث استخدمت نفوذها السياسي لاقناع قيادات في الدولة بشراء ثلاث طائرات نقل من طراز هركوليز سي 031 التي تنتجها الشركة. وتعتبر د. ليلي تكلا أستاذ القانون والادارة، وهي عضو مجلس ادارة حركة سوزان مبارك للسلام ورئيس صندوق الاممالمتحدة التطوعي للتعاون الفني في مجال حقوق الانسان ورئيس الاتحاد المصري للمحاميات وعضو مجلس ادارة مكتبة الاسكندرية وعضو المفوضية الدولية للثقافية والتنمية وعضو المجلس القومي للمرأة ومؤسس الجمعية المصرية الوطنية للحفاظ علي البيئة فضلا عن كونها استاذة القانون والادارة، ولها العديد من المؤلفات والدراسات والتقارير. وأضاف السباعي في الندوة التي أقيمت أمس بالمجلس الاعلي للثقافة لمناقشة كتاب ميتشل. النيابة الأمريكية حققت في الموضوع، لافتا إلي أن مراقبي الحسابات بالبنتاجون اكتشفوا الرشوة وتعهدت الشركة بعدم دفعها، لكنها قامت بعد ذلك بسنة بدفعها وفقا للنيابة الأمريكية تحت غطاء رسوم تخليص. وأكد أحد القانونيين أنه لا يمكن تحريك دعوي او التحقيق في الأمر لمرور أكثر من عشرين عاما علي الواقعة حتي لو ثبتت علي تكلا. شارك في مناقشة الكتاب الدكتور خالد فهمي رئيس قسم التاريخ بالجامعة الامريكية، والدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، وتحدث الدكتور خالد فهمي قائلا: إن هذا الكتاب يعد أهم كتاب ظهر في حقل الدراسات بالشرق الأوسط، ولا أظن أنه لا يوجد شخص في جيلي من الأساتذة، لديه القدرة علي التحليل والتنظير والكتابة بشكل سلسل مثل »تيموثي ميتشيل«. وأشار فهمي : لن أبالغ اذا قلت أن تكويني الثقافي والفكري لعب فيه ميتشيل دورا كبيرا، مثل غيري من المؤرخين، والعاملين في العلوم الاجتماعية، وأعني تحديدا كتابه الأول »استعمار مصر« الذي قام بترجمته »أحمد حسان« و »بشير السباعي« وقال فهمي: القيمة الحقيقية في كتاب ميتشيل الاول »استعمار مصر« أن ميتشيل يحثنا علي أهمية التحليل الأكاديمي، حيث يتحدث كتابه عن أساليب التحليل، وآليات التفكير، وأكد فهمي علي غياب مفهوم إنتاج المعرفة عن الحياة الأكاديمية في مصر، حتي عن الجامعة الأمريكية، مشيرا إلي أن ذلك يشكل ثغرة في معرفتنا عن التعريف. وتحدث الدكتور مصطفي كامل السيد، مشيرا إلي أن ميتشيل يركز نقده علي مدرسة الحداثة، ومنها مفاهيم العقلانية والعلم والاستنارة، والاقتصاد، ومفهوم الطب الحديث والتكنولوجيا، حيث ان الحداثة تتضح تجلياتها في كل هذه المفاهيم، فميتشيل حاول معرفة هذه الاتجاهات، ومعرفة اثر العقلانية الاقتصادية، علي المجتمع، ومن ذلك فقر عدد كبير من الفلاحين، وخروجهم من الاكتفاء الذاتي. ورأي د. شريف يونس أن ميتشيل يكسر التصورات النمطية حول علاقة الباحث بالعالم المادي وظواهره التي يفصخها وقال ان ميتشيل في حديثه عن الفساد في النظام الاقتصادي لم يكن يهدف إلي فضح الفساد. وإنما اعادة النظر في الكيفية التي نقرأ بها الظواهر المتعلقة بالاقتصاد فهو يتكلم عن الاقتصاد كاستراتيجية لبناء الواقع. وأضاف يونس ان ميتشيل يتساءل عن الطبيعة والمجتمع والأفعال الإنسانية التي تحاول استخدام الطبيعة ويكسر طبيعة العلاقة بين ما هو انساني وما هو طبيعي وقال إن النظريات أو المسلمات التي لدينا عن طبيعة تصوراتنا للعالم هي عبارة عن فعل في الواقع وليس استقراء له ومن ثم فهي ليست حقائق مطلقة ويمكن إعادة التفكير فيها.