من أجل تهيئة المناخ لمحبي التراث القبطي لينهلوا من مصادره المختلفة، وتحقيقاً للتواصل الحضاري والثقافي عبر التاريخ، جاء إنشاء هذا المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي قبل ثلاث سنوات . وقد حرصنا يوم الثلاثاء الماضي، علي زيارته بدعوة من القس باسيليوس حنا، مقرر وحدة النشر به، في مناسبة الاحتفال بمرور عام علي رحيل نبيه كامل داود، الذي أهدي المركز مكتبته الشخصية النادرة. وقد أوضح لنا مضيفنا أنه يجري الآن الإعداد لعمل أول "كالتشراما" في الطابق الأول من هذا المركز تتكون من تسع شاشات عملاقة يعرض عليها بشكل تفاعلي التاريخ القبطي بمحطاته المختلفة وأهم ملامح الثقافة من القرن الأول الميلادي وحتي الآن، مع ضرب أمثلة لأهم الشخصيات التي تركت بصمات واضحة في تاريخ مصر مثل المهندس القبطي، سعيد بن كاتب الفراغاني، الذي عاش في القرن التاسع الميلادي، وصمم مقياس النيل بالروضة، وجامع أحمد بن طولون، الذي يعد آية فريدة في العمارة الإسلامية لأن تصميمه يعتمد علي ابتكار وهو إقامة المبني بأكمله علي عمودين إثنين فقط، فضلاً عن أنه صاحب فكرة عمل "الماكيت" في العمارة. ونحن نري أن من حق كل مواطن مصري أن يلم بالدور الذي لعبه الأقباط في صنع حضارة هذا الوطن ومجده، ومن هنا تكمن أهمية هذا المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي الذي تأسس في عام 2008 بهدف جمع تجليات التراث الحضاري القبطي الثري، وهو في تصميمه يجمع بين معالم الفن القبطي العريق وملامح العمارة الحديثة. وهو يضم مكتبة مارمرقس العامة التي تحتوي علي أكثر من ألف كتاب إسلامي في مقدمتها نسخ من القرآن الكريم وترجمات معانيه بعدة لغات، وتفاسيره، وكتب الحديث النبوي، وكتب الفلسفة الإسلامية، وكتب التاريخ الإسلامي، ومؤلفات أهم المفكرين المسلمين علي مر العصور، ويشير القس باسيليوس إلي أن هذه المكتبة قوامها أكثر من 62 ألف كتاب، وهي مكتبة عامة يقصدها أيضاً الباحثون الأجانب الذين يفدون إلي مصر لجمع المادة حول تاريخها وثقافتها، ويضم المركز أيضاً أرشيفاً للوثائق القبطية، ومعرضاً دائماً للمخطوطات، وقسماً للترميم. أما قاعة المؤتمرات فتتسع لأكثر من 500 شخص، ويمكن أن تنقسم إلي ثلاثة أقسام، يخصص كل قسم منها لندوة مختلفة في ذات الوقت، وهي مجهزة بشاشات للعرض وبأحدث التقنية السمعبصرية. كما تتوفر بهذه القاعات إمكانات الترجمة الفورية. وباعتباره مقرراً لوحدة النشر يوضح لنا القس باسيليوس حنا أن الوحدة تتولي نشر أفضل ما يقدم إليها من أبحاث تتعلق بالثقافة القبطية، وذلك دعماً للباحثين في علم "القبطولوجي"، وهو العلم الذي لا يدرس حتي الآن في أية جامعة في مصر، باستثناء الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وكذا يضم المركز ستوديو للإنتاج الفني التليفزيوني والبرامجي، وهو بصدد إنشاء مكتبة للطفل.