رغم تصريحاته المتعددة لأصحاب الرأي، ولوسائل الإعلام، باحتفاظ جامعة القاهرة بمبني المكتبة المركزية القديمة، مكتبة تراثية، خاصة بالمخطوطات، وبكل ما هو تراثي.. إلا أن الدكتور حسام كامل، رئيس الجامعة، مصر علي أن تكون قراراته عكس تصريحاته! فما تشهده المكتبة الآن من إهمال إداري، ونظرة دونية لمكانة ودور المكتبة تؤكدها قرارات د. حسين خالد، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والمسئول المباشر عنها، والذي أصدر قرارا (بعد الحملة الإعلانية التي دارت حول اهمال المكتبة الآن) بعمل صيانة للمبني تمثل في بياض الجدران بدهان البلاستيك، تقوم به عدد من شركات المقاولات (المكتب الهندسي، الأخوة، يثرب)، بتكلفة تصل إلي نحو مليون جنيه، علي الرغم من وجود مبادرة من قبل الدكتورة دليلة الكرداني (أستاذ العمارة والتصميم العمراني بهندسة القاهرة، والاستشاري الرئيسي للمجلس الأعلي للآثار)، والتي أرسلتها للدكتور حسام كامل رئيس الجامعة بتاريخ 6/9/0102، وجاء في نصها »أعرض خدمات مكتبنا الاستشارية المعمارية لتصميم العرض المتحفي، والتخزين الوثائقي وإعادة تأهيل المبني العتيق للمكتبة المركزية لجامعة القاهرة، وذلك في حالة اتخاذ القرار بتحويلها إلي متحف أو دار للوثائق والمجموعات النادرة والخاصة، وذلك بالمجان ودون مقابل، مساهمة منا في هذا العمل الهام لما للجامعة من أفضال علينا..«. واذا كان هناك عرض بالمجان لترميم المكتبة من قبل استشاري متخصص في مثل هذه الأعمال، فما الضرر من قبول هذه المبادرة الطيبة من قبل أحد أبناء الجامعة الأوفياء؟! وفي السياق نفسه، قام مدير المكتبة العائد بحكم قضائي (استند فيه لخطأ اداري من قبل ادارة الجامعة)، بإعطاء الموظفين - المسئولين عن قاعات الاطلاع، والمخطوطات والدوريات - إجازة إجبارية لمدة أسبوعين، مما يعني توقف المكتبة عن تقديم خدماتها لطلاب وباحثي الجامعة، بدليل أن رئيس المكتبة أمر الموظفين بتغطية الكتب التراثية (بمشمع البلاستيك) مع إبقائها كما هي في أماكنها بين أيدي وأعين عمال الطلاء! فهل هذا هو التجديد والترميم المطلوب لمبني المكتبة، مجرد طلاء للجدران؟! ووفقا لدراسات تمت حول مبني المكتبة، فإنه هندسيا يتمتع بحالة إنشائية ممتازة، ومازال يحتفظ بعناصره وفراغاته الداخلية بشكل جيد، لكنه غير مكيف الهواء، ووفقا للقانون رقم 441 لسنة 6002 والقانون 911 لسنة 8002، يعتبر المبني تراثا ذا أهمية بالغة، الأمر الذي يستدعي المحافظة عليه كتراث معماري مصنف من الدرجة الأولي. وطبقا لمواثيق اليونسكو الخاصة بالحفاظ علي التراث المادي والمعنوي فإن المبني وأساليب العمل المتبعة داخله يشكلان وحدة واحدة يجب الحفاظ عليها، بمعني أن النظام المتبع داخل المكتبة، وعناصر الاتصال بين المخازن والقاعات، وكذلك حركة الكتب، وكافة العناصر المرتبطة بالعمل، تعد من مكونات التراث المكتبي الجامعي بجامعة القاهرة، والتي تشكل في مجموعها منظومة واحدة (مبني، مقتنيات، عناصر تشغيل). لقد تم تصميم هذا المبني خصيصا، ليكون مكتبة، ولايمكن أن يكون غير ذلك تاريخيا، وهندسيا!