واحدة من الروايات المثيرة للاهتمام التي صدرت مؤخراً في إسرائيل هي رواية "صديق الروح" للكاتب آري إيتان، وهي عمله الأول. تدور الرواية في أجواء مستوطنة لتوانية مهمة بالقدس، وتكشف عن عالم اليهود المتدينين، هؤلاء الذين لا يتم الحديث عنهم في الروايات التي تنتمي للتيار المركزي في إسرائيل. ليس هذا فقط، فالرواية تدور حول شاب متدين من أصل شرقي، يرغب في الانضمام إلي مستوطنة ينتمي أغلب أعضائها لليهود الغربيين. أي أنها لا تكشف فقط عن ثنائية"علماني/ متدين" في الواقع الإسرائيلي، بل تكشف أيضاً عن ثنائية "يهودي غربي/ يهودي شرقي"، والاضطهاد الواقع علي الشرقيين، حتي بين عالم المتدينين اليهود. حدثان مركزيان تنشغل بهما حبكة الرواية: الأول هو شجار يندلع في المستوطنة بعد صراع بين رئس المستوطنة وبين حاخام آخر يريد أن يحل محله. الشباب المتدينون ينقسمون إلي حزبين ويديرون معركة عاصفة حول هوية قائدهم الحقيقي. في المقابل، فالبطل ينشغل بتوصيفه كشخص سفارادي (يهودي شرقي). في مستوطنة إشكنازية (غربية). يمتنع سائر الشباب عن صداقته، لأن أصله يدل عليه باعتباره أدني من الناحية الروحية والفكرية. وهذا حتي يصادقه شاب آخر من أصل شرقي. مثلاً، بعد الإهانات العنصرية التي يلصقها الشباب المتدين الإشكنازي بالبطل وبصديقه وعلي رأسها، تشبيه "الفرانكيم" (وهي تسمية عنصرية تقال ضد اليهودي الشرقي) بالعرب (وهم جنس أدني في الوعي العام لدي المتدينين اليهود بإسرائيل)، يكتب البطل في يومياته أن: "نحن الفرانكيم لا نقل عنهم شيئاً.. نحن أيضاً أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب، ونحن أيضا يمكننا أن نكون أبناء توراة حقيقيين مثلهم". الرواية كتب عنها عومري هرتسوج بصحيفة هاآرتس. ألقي نبذة عن عالم الأدب الحريدي، وهو الأدب الذي يكتبه يهود متدينون، قائلاً: "أغلب النثر العبري الحديث الذي يصف عالم الحريديم (اليهود المتدينين) ينحصر دوره في أن يكون تلصصاً زاعقاً. الخبير في عالم الحريديم غير مخول له كتابة السرد العلماني، ولذا فإن الأدباء (والأديبات بالتحديد) الذين يصفون الحياة الأرثوذكسية يستخدمون منظومة معدة سلفاً من التوقعات والافتراضات المسبقة ويميلون لكتاب قصص أخلاقية تعليمية أو ميلودراما إيروتيكية عاطفية مقنعة. الأديبة الحريدية الممتازة حنا بت شَحَر هي استثناء. ولكن أدبها يؤكد القاعدة: الجماعة الحريدية تصبح هي "الآخر" غير المعروف والذي يهدد الثقافة الإسرائيلية، والتوجه الأدبي لها، وكذلك السياسي، يتم عبر الإكليشيهات والأنماط المسبقة".