اختتم يوم السبت الماضي الموافق 30 إبريل فاعليات مهرجان الهند علي ضفاف النيل بالقاهرة بعرض للفنانة دونا جانجولي وفرقتها علي خشبة مسرح الجمهورية حيث قدموا عروض رقص الأوديسي الشهيرة، بينما استمرت باقي فاعليات المهرجان في مدن ومحافظات مصر الأخري ومن بينها: بورسعيد ، والإسماعلية والأسكندرية، وبني سويف حيث يختتم المهرجان فاعلياته يوم 7 مايو . تعتبر الفنانة دونا جانجولي من الراقصات الشهيرات في رقص الأوديسي، الذي يٌعرف أيضا باسم أوريسي- وهو أحد أشكال الرقص الكلاسيكي الثمانية في الهند، بل ووفقا للأدلة التاريخية، يعد رقص الأوديسي هو أقدم أشكال هذه الرقصات الكلاسيكية في الهند. وقد شهد يوم 30 إبريل أكثر من فاعلية، حيث افتتح سفير الهندبالقاهرة سانجاي باتاتشاريا والفنان المصري أشرف طلعت معرض "ألوان الحياة" للفنان هاران كومار والذي عرض من خلاله مجموعة من الصورة البديعة لاحتفال أبناء الشعب الهندي بعيد الألوان، حيث أعرب الفنان أشرف طلعت عن اعجابه الشديد بالصور وعن قدرة المصور علي الاقتراب من الناس في صوره لتخرج الصورة نابضة بالحياة. ولكن الأكثر إبهارا من تلك الصور هي قصة حياة هاران نفسه ، حيث هرب من منزله بينما كان في الحادية عشرة من عمره، وأقام بإحدي محطات السكة الحديد، حتي عثر عليه مسئولون من منظمة سالام بالاك ترست لرعاية أطفال الشوارع ليتغير مسار حياته بعد ذلك، وفي عام 2001، غيرت ورشة عمل دولية عن التصوير الفوتوغرافي مجري حياته ليقرر تعلم التصوير واحترافه، وهي أيضا قصة كفاح طويلة تغلب هاران من خلالها علي كثير من العقبات مدفوعا بإيمانه بهدفه، حيث كتب هاران علي يده عبارة "ثق بالرحلة"، فهو يثق أن إيمانك بهدفك سوف يقودك بلا شك إلي ما تريد. وخلال زياراته إلي مصر قام هاران بالتجول بين أرجاء القاهرة التاريخية وذكر أن مصر تشبه الهند كثيرا، وأعرب عن رغبته في زيارة القاهرة مرة آخري والتقاط المزيد من الصور بها. كما شارك هاران أيضا عقب الانتهاء من افتتاح المعرض بندوة "تمكين أطفال الشوارع"، التي أقيمت بالمجلس الأعلي للثقافة وأدارتها د.أمل الصبان الأمين العام للمجلس وبحضور سفير الهند، وكان من بين المتحدثين خلال الندوة أيضا من الهند سانجوي روي من مؤسسة "سالام بالاك" وكل من مايكل أيوب لوقا وسها عبد الله حامد من مؤسسة "أنا المصري" و إبراهيم وديع من مؤسسة "كاريتاس مصر". حيث تحدث مايكل لوقا عن مؤسسة "أنا المصري" وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 2008 بهدف تقديم أسلوب متكامل للتعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع والأطفال المعرضين للخطر، وتحدث سها عن أحد النماذج الحية لشاب تغيرت حياته تماما من خلال عمل المؤسسة ، بينما فضل إبراهيم وديع عرض جزء من فيلم عن قصة حياة محمد الذي تغيرت حياته أيضا من خلال فرصة عمل سعت المنظمة لتوفيرها له، وقد تأسست منظمة "كاريتاس مصر" في عام 1967 وتعمل في العديد من مشروعات التنمية الاجتماعية المهمة مع التركيز بصفة خاصة علي قضايا الفئات المهمشة. أما مؤسسة "سالام بالاك" الهندية فتهدف إلي توفير بيئة ملائمة لرعاية أطفال الشوارع والأطفال الذين يعيشون علي هامش المجتمع. كما تسعي المؤسسة كذلك إلي إزالة العقبات التي تحرم الأطفال من الحصول علي حقوقهم. وخلال الندوة ذكر سانجوي روي إن البعض يصف أطفال الشوارع بأنهم متشردين ومتسولين وبلطجية ولكنهم ليسوا كذلك هم فقط أطفال ، أما فيما عدا ذلك فهي مسئولية المجتمع الذي لم يوفر لهم الفرصة لحياة كريمة ، ومن جانبها أعربت د. أمل عن سعادتها بهذه الندوة المشتركة بين الجانبين وذكرت أن لكل طفل الحق في الطفولة وفي غد أفضل ، ودعت لتعاون الجمعيات غير الحكومية مع المجلس الأعلي للثقافة واستغلال حديقة الطفل بالسيدة زينب لتوفير فرص التدريب والتعليم للأطفال ، كما دعت لاستمرار التواصل مع الهند لنقل الخبرات، وقد اختتم سفير الهند الندوة بكلمة أكد فيها علي أهمية الإيمان بالطفل وبقدراته ، ومشيرا أن مسئوليتنا جميعا أن نضمن لهم الحياة التي يستحقونها. كما شهد اليوم أيضا مشاركة خبراء من الهند في اليوم العالمي للاستشفاء والتأمل الذي أقيم بحديقة الأزهر، وتأتي تلك الفاعلية في إطار سلسلة من الفاعليات حول نظم الطبالبديل واليوجا أقيمت علي مدار عدة أيام تحت عنوان "تمتع بالصحة والسعادة"، حيث استهلت الفاعليات بندوة حول الطب البديل يوم 28 إبريل في مقر المركز الثقافي الهندي، وشارك بها من مصر كل من د. نجلاء نجيب والتي تحدثت عن "العلاج الإدراكي القائم علي التأمل"، ود.هناء شمس التي المتخصصة في العلاج بالهميوباثي أو الطب التجانسي ، كما تحدث من الهند كل من السيد أنوراج سري وكيل وزارة الإيرفيدا واليوجا ويوناني وسيدهو وهيموباثي المعروفة باسم "أيوش"، ود.سوريندرا كومار شارما الذي تناول موضوع "تأثير ظاهرة تغير المناخ علي صحة الإنسان وحل هذه المشكلة من خلال الإيروفيدا" ، ود.بي.في .راو" الذي تحدث في موضوع " اليوجا من أجل صحة أفضل". كما تم تنظيم جلسة لليوجا في مركز الطفل للحضارة والإبداع في هليوبوليس، وآخري في مكتبة الأسكندرية. ومن المعروف أن جلسات العلاج باليوجا تساعد في تمكين المشاركين من التخلص من ضغوط الحياة اليومية من خلال التأمل في الطبيعة، حيث أن لدي عناصر الطبيعة قدرة خاصة تساعد علي استشفاء المرء. وربما تميز مهرجان هذا العام بالكثير من الفاعليات التي ربطت بين الجانبين المصري والهندي، وتبادل الخبرات بينها، حيث ذكر السيد سانجاي باتاتشاريا: إن مهرجان "الهند علي ضفاف النيل" يساهم في تحقيق التقارب بين أبناء الشعبين الهندي والمصري، ليفتح أفاقا جديدة لتبادل الخبرات، ويطرح فرصاً جديدة تستحق المزيد من البحث من الجانبين. وفي ظل سعي الهند و مصر للعمل سويا نحو إرساء شراكة جديدة في العصر الحالي، فإن مهرجان الهند علي ضفاف النيل يلعب دورا هاما في هذا الاتجاه بوصفه جسر يربط بين شعبي البلدين، ولاسيما الشباب بالإضافة إلي أنه يساعد في بناء أشكال جديدة من التعاون." حيث استهل المهرجان فاعلياته بحفل استقبال "نساء بارزات" الذي أقيم بمنزل سفير الهند واحتفي بعدد من النساء المصريات المتميزات في العديد من مجالات المجتمع، حيث تحدثت كل منهن عن رحلتها بينما ارتدين الساري الهندي وكان من بينهن السيدة/ شهيرة محرز، والفنانة ريم حجاب، والسيدة/أمل فكري رئيسة جمعية النور والأمل، السيدة / داليا يوسف التي تشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة ريسك فري للاستشارات والمخاطر الأمنية ، وهي عضو بالمجلس المصري للشئون الخارجية وقد تم انتخابها مؤخرا كنائبة برلمانية ، ولبني مصطفي بطلة العالم في السباحة لذوي القدرات الخاصة، والمنتجة والمخرجة ماريان خوري، والسيدة/مني ذو الفقار المحامية والخبيرة القانونية، ومصممة الحلي ليلي نعمة الله، ودينا شريف الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "أهيد أوف ذا كيرف- ATC". كما استحدث عدد من الفاعليات هذا العام ، حيث تم تنظيم ندوة اقتصادية تحت عنوان "اصنع في الهند" التي شارك وفد من الاتحاد الهندي لغرف التجارة والصناعة، وهو برنامج رائد يهدف إلي تحويل الهند إلي مركز عالمي للتصميم والتصنيع لمنتجات مبتكرة ومنخفضة التكلفة وصديقة للبيئة وخالية تماما من عيوب التصنيع. وقد استهدفت الندوة تبادل الخبرات بين المشاركين فيها من الجانب الهندي مع نظرائهم من ممثلي الصناعة في مصر، وكذلك التواصل مع رجال الأعمال والمستثمرين المصريين وإطلاعهم علي فرص الاستثمار وإمكانيات السوق والموارد البشرية وسبل التعاون الاقتصادي الجديدة المتوافرة في الهند. ويعد البرنامج بمثابة دعوة قوية لحث رجال الأعمال والشركاء المحتملين والمستثمرين للقدوم للهند والاستثمار بها. وبخلاف ذلك أيضا استضافت سينما الهناجر عرض الفيلم الوثائقي "جنة النيل" وهو فيلم وثائقي للمخرجة الهندية أرتي كولكارني، التي تعتبر من كبار مُحرري الأخبار ومذيعة أخبار، وقد عملت كذلك كمخرجة و كاتبة في مجال الموضوعات المتعلقة بقضايا البيئة. ويركز الفيلم علي تأثير النهر علي البيئة والثقافة في مصر منذ أقدم العصور. كما يلقي الفيلم الضوء علي العلاقة القوية التي تربط النيل ومصر. ويعتبر النيل هو شريان الحياة بالنسبة لمصر، حيث قامت علي ضفتيه أول حضارة عرفها الإنسان علي وجه الأرض. وقد شاركت د.غادة جبارة عميد المعهد العالي للسينما في تدشين الفيلم في مصر، وذكرت في كلمتها أنه منذ أن وصل قطار لومير إلي محطته في الجراند كافية في باريس منذ 120 عام والسينما أصبحت هي أكثر الفنون رواجا واتصالا بالجماهير ، وقد بدأت السينما التسجيلية تنقل وتسجل الواقع الحياتي حتي أطلق علي أفلام لومير الأولي الوقائع الحياة ، ومنذ هذه اللحظة والسينما التسجيلية جزء لا يتجزأ من السينما ، وبشكل عام فهي التي تحافظ علي السلام المجتمعي وتعزز فيم التسامح والإخاء والمساهمة في بناء روح الإنسان ، وأضافت : أننا أمام فيلم تسجيلي سياحي دعائي عن النيل ومدته 45 دقيقة، وفي حقيقة الأمر قبل أن أشاهد الفيلم تخيلت أن يكون بمثابة بعض المناظر الجميلة التي تصور النيل ليلا ونهارا فقط من خلال عين سائح ، ولكن بعد مشاهدة الفيلم وجدت عين شخص محب وعاشق لمصر ونيلها الخلاب وليست مجرد عين سائح تنظر من بعيد ولكن عين متفحصة ومدققة في كل ما تري ، إلي جانب اللقطات الواسعة التي تصور جمال نيلنا العظيم وهو يتدفق، وجدت أيضا بعض اللقطات الكبيرة القريبة لتفاصيل صغيرة لا تراها إلا عين فنان عاشق لما يصوره. وربما كانت واحدة من الفاعليات الأكثر جذبا لجمهور الشباب والتي يتم تنظيمها كل عام هي "ورشة عمل رقصات بوليوود" يقدمها مصمم الرقصات الشهير جيل شويان ، والتي شهدت حشدا كبيرا من الشباب ، حيث يقول جيل: أشعر بأن الجمهور المصري متفاعل للغاية لدرجة أن هناك بعض الوجوه التي أشاهدها سنويا، وقد تعلم جيل شويان فنون الرقص الشعبي ورقص الجاز الحديث و الباليه وأساليب الرقص المعاصرة بالإضافة إلي أشكال الرقص الكلاسيكية الهندية، وقام بتصميم العديد من الرقصات للعديد من العروض المسرحية التي أخرجها مجموعة من أهم المخرجين الهنود.كذلك واصل المهرجان تقديم عرض عرض "بوليوود...قصة حب" بالملابس ذات الألوان الزاهية والاستعراضات المبهرة والتي استضافتها دار الأوبرا بالقاهرة. وحرصا من القائمون علي المهرجان علي تقديم كافة ألوان الموسيقي، بما في ذلك الموسيقي العصرية قدمت فرقة "إنديان أوشن" وهي إحدي فرق موسيقي الروك الهندية المعروفة علي مستوي العالم- عروضها خلال المهرجان. وتقوم الفرقة بمزج موسيقي الراجا (الألحان الموسيقية الهندية التقليدية) مع موسيقي الروك من خلال العزف علي الجيتار و الطبلة وفي بعض الأحيان تستعين الفرقة بالأغاني الهندية الفلكورية مما يعطي للعزف وقعا خاصا في النفس. ويصف نقاد الموسيقي و الفن أداء الفرقة بأنه عبارة عن "مزج بين الموسيقي الهندية مع موسيقي الروك وبعض إيقاعات موسيقي الجاز التي يتم خلالها الاستعانة ببعض العبارات الصوفية وترانيم من الملاحم والأساطير الهندية في إطار حوار موسيقي من نوع خاص يتماشي مع النزعة الثورية في عالم الموسيقي في العصر الحديث." كذلك تهتم الهند بالمطبخ كأحد المكونات الثقافية ، ومن هذا المنطلق يعتبر المطبخ واحدا من مكونات المهرجانات الأساسية، وفي إطار فاعليات مهرجان "الهند علي ضفاف النيل لعام 2016"، قام الشيف الهندي الشهير فيكرام أودايجيري بزيارة مصر للمشاركة في المهرجان، ويمتلك الشيف فيكرام أكثر من 10 سنوات من الخبرة، حيث سبق له العمل مع مجموعة "سواد للمطاعم" في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، وشركة "أورنج بيل فودز" الخاصة المحدودة، وشركة "نوفو إنديا فودز". تدرب الشيف فيكرام في فرنسا لمدة تزيد علي عامين بمطعم ميشلين الشهير، وعمل كذلك في كاليفورنيا تحت إشراف الشيف مات ولستون في مطعم "سوبر كلوب". إن مهرجان الهند علي ضفاف النيل قد استطاع عبر دوراته المتعاقبة ترسيخ مكانته في مصر ، وأصبح بمثابة النافذة التي يطل منها المصريون علي ثقافة الهند المتنوعة حيث يقول سانجوي كيه.روي مدير شركة تيم ورك: عندما سئلت لماذا تنظم مهرجانات، فإنني قلت أن هذه المهرجانات الثقافية تجعلنا نتعرف علي الآخر وهو ما يخلق التفاهم بين الشعوب، وحقيقة منذ المرة الأولي التي زرت فيها مصر وأنا أشعر أنني في بلدي الهند . وأضاف: إن مهرجان الهند علي ضفاف النيل يعكس أشكالا من الثقافة الهندية في أحسن صورة في مصر، وبوصف الهند ومصر من الدول صاحبة أقدم الحضارات في العالم، نجد أن هناك تفاهما مشتركا وعشقا خاصا للفنون بين أبنائهم، وهو الأمر الذي يساهم في النجاح الكبير لهذا المهرجان.