في ظل انتهاكات واضحة لمهنة الصحافة وتباطؤ حكومي في إصدار القانون المنظم لهذه المهنة، هذا القانون الذي يتطابق مع مواد الدستور، تحتفل نقابة الصحفيين باليوبيل الماسي لها. 75 عاما مرت علي تقنين أوضاع مهنة الصحافة في مصر، خلالها خاضت الجماعة الصحفية معارك كثيرة، ليس من أجل أن يحصل الصحفيون علي مكاسب شخصية، بل من أجل أن تتسع دائرة الحريات، وفي أحيان تنجح الجماعة الصحفية وفي أحيان أخري تفشل!!. فعلي مدي تاريخها تقف النقابة مع أعضائها لمواجهة تغول السلطة، سواء السلطة بمعني النظام الحاكم، أو السلطة بمعني مالكي الصحف، الذين في أحيان يعتدون علي القانون من أجل الحفاظ علي مصالحهم، وقد خاضت النقابة العديد من المعارك، ضد السلطة بالمعنيين السابقين، فمن أمثلة نجاحها تصديها للقانون المشبوه الذي صدر في عام 1995 والمسمي بقانون 93، وكان وقتها نقيب الصحفيين الأستاذ إبراهيم نافع، وتحركت النقابة بكافة أجيالها، وتحولت إلي خلية نحل، وعقدت الكثير من المؤتمرات، التي تصدت لهذا القانون، حتي تم اسقاطه. وبداية النجاح عندما تم تأسيس هذه النقابة في مارس 1941، بعد محاولات كثيرة بدأت منذ مطلع القرن العشرين، وتوجت في عام 1941 بصدور القانون رقم 10 بتوقيع الملك فاروق الأول، وذلك بعد إقرار مجلسي الشيوخ والنواب للقانون الذي ينص علي إنشاء نقابة للصحفيين، مركزها القاهرة، ولا يكون عضوا فيها إلا من كان مقيدا بجداولها، وصدر القانون في 31 مادة، بخلاف مادتين انتقاليتين، وفي هذه المواد نجد تحديدا لعمل النقابة ومهامها. في هذه الأيام تحتفل النقابة بيوبيلها، وهناك عدد ربما يكون الأكبر من صحفييها خلال السنوات الماضية خلف السجون لأسباب مختلفة، وعدد لا بأس به منهم يسجن في مخالفة واضحة لأحكام الدستور، مثل حالة زميلي أحمد ناجي، وتحتفل النقابة- أيضاً- وهناك تجميد واضح للقانون الذي أشرفت علي إعداده، بمعاونة نخبة من القانونيين، وبعد استطلاع رأي الجماعة الصحفية، عقدت اللجنة المشكلة لذلك الكثير من الاجتماعات داخل مختلف المؤسسات الصحفية، وربما لم يحقق المشروع إجماعا، لكنه حقق أغلبية ورضا علي مختلف مواده، التي تنحاز إلي مجتمع حر، تحترم فيه الآراء المختلفة، وفي ذات الوقت توجد عقوبات لمن يرتكب مخالفات، منها عقوبة الغرامة، والحبس في حالات ثلاث محددة بدقة. إذن نحن أمام مشروع قانون متوازن يستمد شرعيته من اتساق مواده مع النظرة الشاملة للصحافة، بوصفها سلطة شعبية، كما يؤكد مشروع القانون علي حق الصحفي في الحصول علي المعلومات، من أجل إتاحتها للمجتمع، وهي العقبة الرئيسية التي تواجه كل من يبحث عن معلومة، فلا توجد حتي الآن أي ضمانة تتيح للصحفي الحصول علي المعلومات الصحيحة من مصادرها، وفي هذا اعتداء علي حق المعرفة للجميع. واضح أن النقابة وهي تحتفل باليوبيل الماسي.. عليها أن تتذكر أن المشوار مازال طويلاً، لنحتفل بقانون يحمي الصحافة، ويجعلها حرة، وفي ذلك حماية للمجتمع، وليس مكسبا لأشخاص.