اسمه كما ذكره هو نفسه في كتابه »المواهب الرحمانية والفتوح الربانية« عبد القادر بن موسي بن عبد الله بن الحسن المثني بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وكنيته أبو محمد، ولقبه محيي الدين. كما لقُب الشيخ عبد القادر بألقاب أخري عديدة منها: الغوث، والغوث الأعظم، وغوث الثقلين، وباز الله، وباز الله الأشهب. وذكر الشيخ عبد القادر لقبا آخر له، وهو "الباز الأشهب" في هذا البيت: "أنا بلبل الأفراح أملأ دوحها/ طربًا وفي العلياء باز أشهب". اشتهر الشيخ بعبد القادر الجيلي أو الجيلاني نسبة إلي جيلان، وهي مجموعة من القري من وراء طبرستان. وقد اعترف الشيخ بانتسابه إلي جيلان، وقال في إحدي الحكايات المروية عنه: "أنا متفقه من جيلان". كما ذكر بلدته جيلان في ديوانه، وقال محدثا نفسه: "أنت عبد ضعيف أمانته ثقيلة/ وأنا أحمل حملك يا محيي من بلدتي جيلان". ويقال إنه ولد في "نيف" بالقرب من جيلان، أو "بشتير" في ولاية جيلان في سنة 470 ه علي أرجح الأقوال. وتوفي في بغداد في سنة560 ه أو في سنة 561 ه بعمر يقرب من تسعين سنة. وقد جمع بعضهم سنوات ولادته ووفاته وعمره في هذا البيت: "إن باز الله سلطان الرجال/ جاء في عشق ومات في كمال". وذلك لأن كلمة عشق عددها بحساب الجمل تساوي 470 وهو تاريخ مولد الإمام وكلمة كمال تساوي 91، وهو عدد سنوات عمره، والكلمتان معا عددهما 561 وهو تاريخ الوفاة. ينتسب الشيخ عبد القادر إلي أسرة اشتهرت بالتقوي والورع، فقد كان أبوه رجلًا صالحًا، لكنه توفي بعد ولادته بقليل؛ فعاش في كنف جده لأمه السيد عبد الله الصومعي الزاهد العابد وأمه فاطمة التقية الورعة. سافر الشيخ عبد القادر إلي بغداد سنة 488 ه وهو في الثامنة عشرة من عمره، وتعلم العربية علي يد أبي زكريا التبريزي عام 502 ه. وسمع الحديث من أبي محمد جعفر السراج عام 509 ه وتفقه في مذهب الإمام أحمد بن حنبل علي أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الخطاب، وأبي الحسين محمد بن القاضي أبي يعلي، وأبي سعد المبارك بن علي المخرمي عام 528 ه. وكان يفتي علي المذهبين الحنفي والشافعي. ورفع إليه سؤال في رجل حلف بالطلاق الثلاث إنه لابد أن يعبد الله عز وجل عبادة ينفرد بها دون جميع الناس في وقت تلبسه بها. فماذا يفعل من العبادات؟ فأجاب: "يأتي مكة، ويخلي له المطاف، ويطوف سبعًا وحده، وينحل يمينه". وفي سنة 528 ه قام بالتدريس والوعظ والتذكير في مدرسة أستاذه أبي سعيد شيخ الحنابلة عام 513 ه، وكان يدرس ثلاثة عشر علمًا من العلوم الدينية. وصحب حماد الدباس عام 525 ه، وسلك الطريق الصوفي بإرشاده، وارتدي الخرقة علي يد أبي سعد المبارك المخرمي. حاز عبد القادر الجيلاني في التصوف مكانة كبيرة، وأصبح شيخًا من كبار مشايخ الصوفية، والتف حوله المريدون، وتاب علي يديه معظم أهل بغداد، وأسلم معظم اليهود والنصاري علي يديه، وصار قطب الوجود، ورويت عنه الكرامات. وانتشر مذهبه في بلاد الهند، ومعظم البلاد الإسلامية، وتنسب إليه الطريقة القادرية. ألف الشيخ عبد القادر الكثيرمن المؤلفات (30) في الفقه والتصوف، منها: (بشاير الخيرات علي صاحب الآيات البينات، ويليه ورد الجلالة للجيلاني، و طبع في الإسكندرية 1304 ه. وكتاب الغنية لطالبي طريق الحق أو غنية الطالبين لطريق الحق: في الأخلاق والتصوف والآداب الإسلامية، وطبع في مكةوالقاهرة. وكتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني وهو مجالس في الوعظ والإرشاد، وطبع في القاهرة. وكتاب فتوح الغيب: ويحتوي علي ثمان وسبعين مقالة في العقائد والتصوف والإرشاد، وطبع في اسطنبول. وكتاب الفيوضات الربانية في الأوراد القادرية، وطبع في مصر. وكتاب يواقيت الحكم. وكتاب جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر، ويشتمل علي أقوال الشيخ في مجالس وعظه. وكتاب الرسالة الغوثية وتوجد نسخة منها في مكتبة الأوقاف ببغداد. وكتاب سر الأسرار في التصوف، وتوجد نسخة منه في مكتبة جامعة اسطنبول، قاعة رضا باشا، بحث رقم 3616، ونسخة مخطوطة أخري في المكتبة القادرية ببغداد، وطبع في باكستان باللغتين العربية والأردية. وكتاب ملفوظات قادريه. وكتاب ملفوظات گيلاني. وأخيراً ديوان أشعار يعرف "بديوان غوث اعظم"، ويشتمل علي بعض الأشعار العرفانية والصوفية، مكتوب باللغة الفارسية، وتوجد نسخة خطية منه في مكتبة جامعة اسطنبول تحت رقم 1865". يبدو أن الشيخ عبد القادر نظم هذا الديوان في شيخوخته، فقد قال فيه: "صرت شيخًا بسبب غمك وأنا عبد مخلص لك منذ الشباب/ ألا ينبغي تحرير العبد الهرم في النهاية يا بني"، وأبدي أسفه وحسرته علي عمره الذي انقضي عبثًا بعد أن رأي رأسه وقد اشتعل شيباً، وقال: "لما رأي محيي البياض في شعره قال آه واأسفاه/ عندي كتاب أكثر سوادًا من الليل الحالك". وواسي نفسه قائلًا إن الله تعالي سوف يعينه بفضله، حتي إن انحني ظهره، وبلغ من الكبر عتياً؛"مادام فضلنا هو معينك أيها الشيخ/ فلماذا تحزن لو انحني ظهرك". وربما شعر الشيخ بقرب الرحيل، وشغلته فكرة الموت، فطلب الدعاء ممن يتذكره، أو يمر علي قبره، وقال: "لو تمر علي قبري أو أجول بخاطرك/ أدعو لي هذا الدعاء: يارب! ليكن قبره مفعًما بالنور". من ديوان (الغوث الأعظم) يصدر عن دار آفاق