هذه صحيفة ضاحكة، مبشرة بالخير إن شاء الله ولاعجب فاسمها "البشري" وانه لاسم جميل سعيد ولست أيها القارئات والقراء أدعي لنفسي علما أو ذكاء أو نبوغا. انما الشيء الوحيد الذي أدعيه وأصر عليه، ويشهد لي به كثيرون، هو أني قادر علي أن أضحككم. وقد جعلت "للبشري" شعارا هو (اضحك) وكلمة "اضحك" فعل أمر، فأنا بما أكتبه لكم، آمركم بالضحك أمرا!! وليس لكم من طريق إلي العصيان. ستضحكون أردتم أو لم تريدوا وستضحكون ولو كنتم غارقين في بحار من الشواغل والأخطار وستضحكون شبانا كنتم أو شيوخا، أناثا أو ذكورا، متعلمين أو غير متعلمين، وفديين أو دستوريين أو سعديين أو كتليين أو وطنيين أو إخوانا مسلمين أو خلافه... وستضحكون سواء كنتم لي من المحبين أو الكارهين! وليس لي من فضل إذا أضحكتكم فقد أضحكتني الأيام بحوادثها المتناقضة، أضحكتني حين زفت الي أنواعا من النعمة، وأضحكتني حين ساقت إلي أكداسا من النكبات، أما في الأولي فكان ضحكي سرورا بنعمة الله وأما في الثانية فكان ضحكي سرورا بأني علي الرغم من بأسائي أسعد حالا من كثيرين. فإذا ما كثر المال في يدي، واتسقت الصحة وتوفرت مجالس الأنس والطرب. فكيف لا أضحك فرحا وحمدا لله علي ما أسدي؟ وإذا حرمت من هذا كله. وجعلت أكابد فراغ اليدين، وانهيار الجسد. وهجر الأصدقاء وشماتة الأعداء فكيف لا أضحك من نفاق هذه الدنيا وتناقض أحوالها؟ وإذا ما دخلت الديوان فوقف لي السعاة ورحب بي الموظفون. وكرمني الرؤساء فلماذا لا أضحك وأنا أعلم علة التكريم. وهي ان بيني وبين الوزير شيئا من حسن الصلة. وإذا ما سقط ذلك الوزير فدخلت الديوان فترك السعاة أرجلهم مرفوعة في وجهي وراغ مني الموظفون. ورفض الرؤساء مقابلتي. فلماذا لا أضحك لأن فراستي في الناس قد صحت! أرأيت أن هذا الخير يستحق الضحك وأن ذلك الشر يستوجب الضحك؟ ثم إن الضحك يجلو وجه الحياة أمام الإنسان وإذا أنت لم تضحك فلابد أن تعبس وتطرق وتستسلم للتفكير والغم. فهل الغم هو الذي يحل الاشكال؟ هل الغم الذي يرد إليك الميت الذي أنت عليه حزين؟ هل الغم يملأ بالمال جيبك الخاوي؟ هل الغم يطوع لك حبيبك الهاجر؟ كلا. بل الغم يستنفد منك وقتا أنت في حاجة إليه. وصحة هي أغلي ما وهب الله لك من الهبات. والضحك، والتجاهل. والصبر كل أولئك يخفف البأساء ويأسوا الكثير من الجروح ويفتح لك باب التفكير الهاديء النافع الذي يوصلك إلي ما تصبو إليه من آمال. أؤكد لكم أيها القراء ان ضحكة من الزوج لزوجه تمنع شقاقا وتدفع نكبة قد تهدم البيت هدما. وأؤكد لكم أن ضحكة من الحاكم لوفد من المتظلمين الفاضيين قد تمنعهم من عمل ثوري يهدد الأمن وتزعزع الطمأنينة. بل اؤكد لكم ان ضحكة من رئيس دولة لرئيس آخر أو من سفير لسفير قد تمنع وقوع حرب بين دولتين تسفك فيها الدماء وتدك معالم الحضارة. اضحكوا أيها الناس ففي الضحك دواء لكل داء وخذوا بفلسفتي هذه فماهي في الحقيقة فلسفة بل هي ما انتهت إليه تجاربي وما أكثرها وقد كان في هذه التجارب ما هو حلو وماهو مر وأقسم لقد عودني الحلو أن أضحك وعودني المر أن اغرق في الضحك! ايتها القارئة العزيزة جميلة كنت أو قبيحة اضحكي! أيها القاريء العزيز مسلما كنت أو مسيحيا أو يهوديا أو غير ذي دين اضحك!.