مصادر ل «أهل مصر»: دمج وزارتي «النقل» و«الطيران» تحت قيادة كامل الوزير    "QNB" يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة الجلالة لدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    وزير التعليم العالي: مصر الأولى أفريقيًا في الذكاء الاصطناعي.. ونقارن أنفسنا بأكبر دول العالم    أبرزها الحد من تقييد حرية المنافسة.. منع الاحتكار: 3 أهداف لدعم رؤية مصر 2030    وكالة مهر الإيرانية: تأكيد أسماء 6 أشخاص مؤهلين لانتخابات الرئاسة    العواصف القوية تعوق التصويت في بعض مراكز التصويت بانتخابات البرلمان الأوروبي في النمسا    جندي إسرائيلي يُنهي حياته بعد تلقيه أمرًا بالعودة للخدمة في قطاع غزة (تفاصيل)    شبح الاستضافة يطارد ألمانيا.. هل تتوج «الماكينات» باللقب على أرضها؟    ثنائي الأهلي يتلقى عروضًا من الدوري السعودي    فور اعتمادها.. رابط وخطوات الاستعلام عن نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الفيوم    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والمجازر استعدادًا لعيد الأضحى    ضبط صاحب محل لبيع أجهزة الريسيفرات التي تقوم بفك شفرات القنوات الفضائية بدون تصريح بالقليوبية    سفاح التجمع عن علاقاته الجنسية وممارسة الرذيلة: "كنت عايز أثبت لنفسي إني لسه كويس وراجل"    محامي عمرو دياب أمام النيابة: «المعجب أمسك به من الظهر لإجباره على التصوير»    المهرجان القومي للمسرح المصري يضع اللمسات الأخيرة لدورته ال17    تعرف على أعضاء مجلس أمناء مؤسسة «زاهي حواس» للآثار والتراث    في ذكرى رحيل عبد الله محمود.. بدأ موظفًا في كلية الزراعة وتعاون مع عمالقة النجوم وهزمه السرطان (تقرير)    تقرير ل«أ ش أ»: مواقيت الإحرام.. محطات للاستعداد وبوابات لدخول ضيوف الرحمن بيت الله الحرام    «الصحة» تعلن الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    "النواب العراقي" يدين القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات بغزة    بعد تخطيها 48 درجة.. كيف تعاملت الأقصر مع ارتفاع قيم الحرارة؟    محافظ كفرالشيخ يعلن فتح المجازر لاستقبال الأضاحى وذبحها «بالمجان»    هذه أماكن صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر يونيو 2024    ميدو: الزمالك اتظلم في ملف نادي القرن    موراتا يواصل مطاردة توريس وراؤول    فورير    أوبلاك.. صمام أمان سلوفينيا في الظهور الأوروبي الثاني    أفضل الأدعية والأعمال في يوم التروية    «لأعضاء هيئة التدريس».. فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لعام 2024    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    إعلام إسرائيلي: اندلاع حريق كبير شمالي الجولان عقب سقوط عدد من الصواريخ    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    إخماد حريق داخل معرض ملابس فى الموسكى دون إصابات.. صور    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للحماية من ضربات الشمس    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «خلال 24 ساعة».. رفع 44 سيارة ودراجة نارية متهالكة    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نهاية مملكة الترامادول».. «الداخلية» تحاصر مافيا الأقراص المخدرة برًا وبحرًا وجوًا.. ارتفاع سعر الشريط ل120 جنيها.. ضبط 57 مليون قرص مخدر و500 متهم في 16 قضية
نشر في فيتو يوم 26 - 02 - 2015

في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، وفى ظل انكسار أجهزة الشرطة وما نتج عنه من انفلات أمني.. راجت تجارة الأقراص المخدرة بكل أنواعها خصوصًا «الترامادول» ومشتقاته، وأصبحت تباع في الشوارع وعلى الأرصفة وفى الميادين العامة، وأقبل على تعاطيها فئات مختلفة من المصريين خصوصا السائقين، ظنا منهم أنها تمنحهم القدرة على التركيز أثناء القيادة والعمل لساعات طويلة ليلا.. كما اعتمد عليها بعض طلاب الثانوية العامة والجامعات بدعوى أنها ترفع درجة التركيز واستيعاب الدروس.
الغريب أن المسجلين خطر والخارجين على القانون يلجئون إلى الترامادول وعائلته كى يمنحهم إحساسًا وهميًا بالقوة ويشجعهم على الدخول في مشاجرات عنيفة تستخدم فيها الأسلحة البيضاء.. وأصبح ل «الترامادول» مملكة أو إمبراطورية خاصة، أسهمت بشكل كبير في ارتفاع معدلات حوادث الطرق، والجريمة بكل أنواعها وأعمال البلطجة والشغب في الأحياء الشعبية.. ومع تعافى الجهاز الشرطى واستعادة وزارة الداخلية لقوتها، بدأت تفرض سيطرتها على الشارع المصرى، وأعلنت الحرب على تجارة الأقراص المخدرة، وجعلت من تدمير مملكة «الترامادول» هدفًا مهمًا لها، وفى سبيل ذلك كثفت من حملاتها الأمنية على تجار الدواء المخدر.
وأحكمت قبضتها على منافذ تهريبه عبر الموانئ والمطارات والمنافذ البرية المختلفة، وشنت حملات مكثفة لضبط السائقين الذين يعملون تحت تأثيره، وكانت النتيجة التراجع الملحوظ في معدلات تجارة الأدوية والأقراص المخدرة، لدرجة أنها اختفت تقريبًا من الأسواق، وارتفعت أسعارها لتتجاوز المائة جنيه للشريط الواحد، وبالطبع انعكس ذلك على معدلات الجريمة، فقلت حوادث الطرق وأعمال الشغب والبلطجة وغيرها من الجرائم المرتبطة بالمخدرات.. محقق «فيتو» في الملف التالى يرصد في مغامرة مثيرة بالأرقام والنسب معدلات تراجع تجارة الترامادول، وانعكاسات ذلك على الجريمة وحوادث الطرق بشكل عام.
1- بورصة أسعار «ألترا» وبدائله
البداية كانت مع اللواء أحمد الخولى، مساعد وزير الداخلية، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، والذي أكد أن عقار الترامادول ومشتقاته، انتشر بشكل واضح في مصر خلال عامى 2012، و2013.. وأقبل عليه السائقون اعتقادًا منهم أنه يزيد من قدرتهم على القيادة لساعات طويلة دون الشعور بالتعب أو الإرهاق، غير أنه تسبب في فقدانهم التركيز وعدم القدرة على تقدير المسافات والقيادة بسرعات جنونية، ومن ثم ارتفعت معدلات حوادث الطرق التي أودت بحياة المئات.
ونظرًا لرخص سعره في ذلك الوقت، فقد ازداد انتشاره بشكل ملحوظ، وكثرت الجرائم المرتبطة به، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية إلى التفكير في مواجهته بطريقة مختلفة.. في أواخر عام 2013 ومع التعافى التام لأجهزة الشرطة، تم وضع «الترامادول» في جدول «أ» لتجارة المخدرات جنبًا إلى جنب مع الهيروين والحشيش وغيرهما، بعد ذلك تم إدخال تعديل تشريعى على القوانين الخاصة بتجارة المخدرات، حيث تم تغليظ عقوبة الاتجار في الترامادول لتصل في بعض الأحيان إلى الإعدام.. بالتزامن مع تلك التحركات، وضعت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات خطة طويلة الأمد لمحاربة هذا النوع من المخدرات، اعتمدت على عدة محاور أهمها: تكثيف الحملات الأمنية على أوكار تجار الأقراص المخدرة في المناطق الشعبية مثل إمبابة ودار السلام والعمرانية وبولاق الدكرور والزاوية الحمراء ومصر القديمة، بغرض تضييق الخناق عليهم ومنعهم من مزاولة نشاطهم بحرية.
المحور الثانى تمثل في منع دخول الترامادول وعائلته إلى البلاد من الخارج، وفى هذا الشأن تم التنسيق مع القوات المسئولة عن تأمين الحدود خصوصًا الحدود الغربية، مع إحكام السيطرة على الموانئ والمطارات المختلفة.. والمحور الثالث تمثل في التنسيق مع الإدارة العامة للمرور لشن حملات مشتركة على الطرق السريعة لضبط المهربين قبل دخولهم المدن المختلفة.
اللواء أحمد الخولى أضاف: «مع بداية تطبيق الإجراءات المشار إليها، ارتفعت معدلات ضبطيات تجار الأقراص المخدرة والكميات المضبوطة منها ووصل الأمر على أنه تم ضبط أكثر من 10 ملايين قرص في حملة واحدة، ومع تكرار مثل هذه الضربات الناجحة تراجعت معدلات انتشار الترامادول في مصر، وقل بدرجة كبيرة في الأسواق، وكانت النتيجة ارتفاع ثمنه ليتراوح بين 100 و120 جنيها للشريط الواحد، وهنا لجأ التجار والمتعاطون إلى بدائل للأقراص المخدرة، مثل أدوية السعال وغيرها من الأدوية المؤثرة في الحالة النفسية، وظهر مخدر جديد هو «الفودو» وبدأ ترويجه كبديل للترامادول، وخلال العام الماضى بدأت أجهزة وزارة الداخلية في تعقب مروجيه.. أما بالنسبة لآخر الإحصائيات الخاصة بالمضبوطات من ذلك العقار، فقد بلغ عدد القضايا الكبرى 16 قضية منذ بداية عام 2015، وصل عدد الأقراص المضبوط فيها إلى 57 مليون قرص، وعدد المتهمين نحو 500 متهم بين تاجر ومتعاطٍ».
وعن الفئات الأكثر إقبالًا على تعاطى الترامادول قال مصدر أمني رفض الفصاح عن اسمه، إن 77% من متعاطى هذا النوع من الأدوية المخدرة، هم من طلاب الجامعات والمعاهد العليا والسائقين وربات البيوت.. وأوضح أن بعض السيدات يقبلن على الترامادول حتى يمدهن بالقوة والطاقة اللازمتين للقيام بالأعباء المنزلية، ومع الوقت يتحول الأمر إلى إدمان.. وهناك نسبة لا تقل عن 20% من المتعاطين تقبل عليه على سبيل التجربة وبغرض زيادة القدرات الجنسية.. المصدر أضاف أن حجم الأموال التي أنفقها المتعاطون على الأقراص المخدرة منذ اندلاع الثورة في 25 يناير 2011 وحتى الآن يصل لأكثر من 20 مليار جنيه، وأن عدد المدمنين يقترب خمسة ملايين شخص.
2- الحرب على سائقى «المزاج»
بعد أن تعرف محقق «فيتو» على معدلات تراجع تجارة الأقراص المخدرة في مصر، انتقل إلى اللواء مدحت قريطم مساعد وزير الداخلية لقطاع الشرطة المتخصصة التي يتبعها قطاع المرور، وسأله عن معدلات حوادث الطرق في الفترة الأخرى وهل تأثرت باختفاء «الترامادول» شبه التام من الأسواق أم لا؟ فأجاب: «بالفعل تراجعت معدلات حوادث الطرق بسبب القيادة تحت تأثير المواد المخدرة، ويمكن القول إن هذا النوع من الحوادث انعدم تقريبًا خلال الشهرين الماضيين، بعد أن كانت المواد المخدرة مع السرعة الجنونية، أهم أسباب الحوادث على الطرق السريعة».
وأضاف أن جميع الدراسات الأمنية أثبتت أن نسبة لا تقل عن 35% من سائقى الميكروباص والنقل الثقيل، يقودون مركباتهم وهم تحت تأثير المواد المخدرة خصوصًا «الترامادول»، لذلك وضعت أجهزة الدولة خطة محددة المعالم لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد آلاف المسافرين على الطرق السريعة يوميًا، اشترك في تنفيذ هذه الخطة إدارتا المخدرات والمرور بوزارة الداخلية، مع وزارة الصحة، حيث تم تنظيم حملات مرورية على كل المحاور والطرق الرئيسية بين المدن المختلفة في المحافظات كافة، لإجراء التحاليل الطبية الفورية للسائقين ومعرفة ما إذا كانوا يستخدمون الترامادول وغيره من عدمه، وقد أسفرت هذه الحملات عن ضبط عدد كبير من السائقين المخدرين، وكميات كبيرة من الأقراص والمواد المخدرة بكل أنواعها، ومع تكرار هذه الحملات الموسعة، انخفضت نسبة السائقين تحت تأثير المخدر بشكل ملحوظ، وتراجعت حوادث الطرق بوضوح خلال الشهرين الماضيين.
اللواء قريطم أكد أن وزارة الداخلية بكل أجهزتها، أعلنت الحرب على كل أشكال الخروج على القانون، وفى مقدمتها تجارة المواد المخدرة خصوصا الترامادول وعائلته، لما يشكله من خطورة واضحة على الأمن العام، فبسببه ترتكب أغرب الجرائم وأبشعها، وهو السبب الأساسى في ارتفاع معدلات البلطجة في الأحياء الشعبية، وكثير من المسجلين خطر يلجئون إليه كى يمنحهم القدرة على تحمل الألم في حالة دخولهم في مشاجرات دامية، كما أنه أهم أسباب حوادث الطرق وبسببه راح المئات ضحايا لتلك الحوادث.. وفى الآونة الأخيرة بدأت نتائج جهود الوزارة تظهر واضحة، وانهارت مملكة الترامادول تقريبًا.. ومن المتوقع أن يختفى من الأسواق تمامًا في القريب.
3- تراجع جرائم البلطجة والتحرش
أما اللواء كمال الدالى، مدير أمن الجيزة، فقد أكد أنه في أعقاب ثورة 25 يناير، ظهرت أنواع متعددة من الأقراص المخدرة في شوارع مصر وميادينها، نظرًا لتردى الأوضاع الأمنية وقتها، وظن تجار هذه المخدرات أنهم بعيدون عن أعين الشرطة وسيواصلون عملهم دون رادع، غير أنه مع استقرار الأوضاع السياسية في البلاد في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وعودة الأجهزة الأمنية إلى كامل قوتها، تم توجيه ضربات قاتلة إلى مافيا تجارة الأقراص المخدرة وفى مقدمتها الترامادول، وكثف رجال الشرطة من حملاتهم على أباطرة هذه التجارة، ونجحوا إلى حد بعيد في ضبط ملايين الأقراص المخدرة ومنع وصولها إلى المدمنين، وكانت النتيجة الطبيعية هي اختفاء الترامادول تقريبًا من الأسواق، ما أدى إلى تضاعف أسعاره عدة مرات، ليصل ثمن الشريط الواحد منه إلى أكثر من مائة جنيه، وهنا لجأ المدمنون والتجار إلى بدائل أخرى لهذا العقار، وأهمها الترامادول المغشوش والمصنع محليًا تحت بير السلم، وأيضًا تمكن رجال المباحث من التصدى لهذه الأنواع المغشوشة.
ويمكن القول إن مافيا تجارة الترامادول في طريقها إلى الزوال نهائيًا، خصوصًا مع إحكام السيطرة على منافذ تهريبه في الموانئ والمطارات المختلفة، والرقابة الصارمة على الصيدليات التي تروجه بين المتعاطين بأسعار مرتفعة ودون روشتة طبية.
اللواء كمال الدالى أضاف: «معظم حوادث البلطجة والمشاجرات في الشوارع باستخدام الأسلحة النارية أو البيضاء، وبعض جرائم القتل والاغتصاب، يكون سببها هو «الترامادول» سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأن مرتكبى تلك الجرائم يكونون إما تحت تأثير المخدر، أو يدخلون في معارك بهدف الحصول عليه، وفى كلتا الحالتين تحدث جرائم مروعة، لذلك فإن نجاح وزارة الداخلية في منع تجارة الأقراص المخدرة أو تقليلها لدرجة كبيرة، أسهم في تقليل نسبة الجرائم وتراجع أعمال البلطجة والعنف في مختلف الأماكن، وهذا واضح من انخفاض عدد البلاغات والمحاضر التي تتلقاها أقسام الشرطة المختلفة، وإن كانت لا توجد إحصائيات دقيقة لهذه الجرائم.
4- تقمص دور سائق توك توك
محقق «فيتو» يكشف أدق أسرار تجارة «البرشام»
لم يكتف محقق «فيتو» بالمعلومات والبيانات الرسمية التي حصل عليها من القيادات الأمنية، وقرر أن يخوض بنفسه مغامرة محفوفة بالمخاطر داخل مملكة الترامادول، يتعرف من خلالها على مدى توافر هذا المخدر ومقدار الارتفاع في أسعاره.. قبل خوض المغامرة كان لا بد من التوصل إلى دليل يرشدنا داخل مملكة الترامادول، وبعد بحث طويل وترتيبات دقيقة توصلنا إلى دليل وافق على خوض المغامرة معنا بشرط أن يتحول المحقق إلى سائق «توك توك» وأن يكون العمل بعد العاشرة مساءً، لأن تجار الأقراص المخدرة في الآونة الأخيرة لا يظهرون إلا ليلا.
في الموعد المحدد تقابلنا مع الدليل وانطلقنا عبر شوارع وحارات ضيقة في منطقة منشأة القناطر بالجيزة.. وفى الطريق أكد الدليل أن بيع الترامادول نهارا وعلنًا انتهى تمامًا بسبب الحملات الأمنية المكثفة، فضلا عن اختفاء الأنواع الأصلية تقريبا من الأسواق وإن وجدت فإن أسعارها تضاعفت بشكل كبير.. توقفنا في مكان شبه مهجور.. بدأ الدليل في إجراء اتصالاته وأخبرنا بأن التاجر في الطريق.
بعد نحو 30 دقيقة وصل شاب في الثلاثينات من عمره يرتدى ملابس أنيقة.. دون مقدمات بدأ يتحدث معنا عن البضاعة التي بحوزته قائلا: «أي نوع من البرشام تطلبون؟» فقال الدليل: «أنا عاوز أهيبر.. إيه اللى معاك؟.. أجاب: «معى القرن الأحمر وفيه كمان الأبيض».. رد عليه الدليل في حماس مصطنع: «قلت لك عاوز أهيبر.. إدينى القرن الأحمر».. اطمأن البائع إلينا وأخرج من جيبه شريطى «برشام» أحدهما في غلاف أحمر مكتوب عليه «ترامادول»، والآخر في غلاف أبيض مكتوب عليه «تامول».
بدأ دليلنا في فحص البضاعة بتأنٍ ثم سأل البائع عن أنواع أخرى مثل «أبوشريطة والصراصير» وغيرهما.. فأجاب البائع بأنها اختفت من الأسواق تقريبا بعد تضييق الأجهزة الأمنية على كبار التجار، وأكد أنه من المكن أن يحضرها له بكميات كبيرة حسب الطلب من أشمون بمحافظة المنوفية.. قاطعه الدليل قائلا: يعنى معمولة كيميا».. بدا الضيق على وجه البائع وهو يقول: «كيميا كيميا.. المباحث مخنقة علينا وهو ده الموجود هتشترى ولا إيه؟».. هنا تدخل المحقق في الحوار وسأل البائع عن سر عدم إحضاره الترامادول الأصلى.
بدت علامات الريبة والشك على ملامح البائع وأجاب ساخرا: «انت سواق توك توك ولا معانا في الليلة؟ قال المحقق: «سواق توك توك بس عندى خبرة في المسائل دى».. فأعطاه البائع شريط برشام وطلب منه معرفة ما إذا كان أصليا أو لا، ففتحه المحقق وقال: «أصلى على أبوه».. ضحك البائع وقال: «لا باين عليك فاهم».. بعد ذلك بدأت مرحلة المفاوضات على الأسعار.. وأعلن التاجر أن ثمن الشريط الأبيض 80 جنيهًا بلا فصال ونقاش.. أما الأحمر فثمنه 150 جنيهًا، وبعد جدال طويل تم تخفيض ثمن الأحمر إلى 90 جنيهًا.
وأكد التاجر أن الأنواع الأصلية لم تعد موجودة نهائيا في السوق وأن الكميات البسيطة يحصل عليها بصعوبة بالغة، موضحًا أنه منذ فترة كان سعر الشريط الأحمر لا يتجاوز 30 جنيهًا، والأبيض لم يزد سعره على 20 جنيهًا.
وأضاف التاجر ردًا على أسئلة المحقق أن منطقة إمبابة من أشهر المناطق التي تشتهر بتجارة الترامادول ولكن كله من النوع المغشوش، وأن بعض الكيميائيين يقومون بتجهيز «البضاعة» في معامل خاصة بمركز أشمون وغيره من المراكز في محافظة المنوفية.. في نهاية المغامرة، طلب البائع من المحقق ومرافقه عدم التحرك إلا بعد انصرافه من المكان بنصف ساعة خشية اتباعه من قبل أفراد الشرطة السرية.. وهنا أدرك المحقق أن مملكة «الترامادول» قد انهارت بالفعل.
"نقلا عن العدد الورقي.."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.