كان يسمع جماهير المصري في مدرجات مقره القديم فكان يقفز على شباك التذاكر ويتسلل للملعب ليشاهد السيد الضظوي وحمدين الزامك وغيرهما.. وهذا ما جعله يتعلق بكرة القدم بورسعيدي المنشأ وبورفؤادي التكوين، لعب للمنصورة والزمالك أولا قبل أن يرتدي قميص المصري ليصبح ثاني الهدافين التاريخيين للنادي البورسعيدي بتاريخه في بطولة الدوري، إذ سجل 87 هدفا أقل من السيد الضظوي صاحب ال89 هدفا بهدفين، على الرغم أنه بدأ مسيرته كحارس مرمى في نادي بورفؤاد.. كما أنه شارك مع المنتخب في 22 مباراة دولية وسجل فيها 5 أهداف، لكن 4 منها كانت في تنزانيا بثلاث مباريات مختلفة، ليطلق عليه نجيب المستكاوي لقب "مسعد نور السلام".. هو كاستن بورسعيد وأسطورة المصري مسعد نور. ولد مسعد نور في بورسعيد في 23 أبريل عام 1951، وبدأ مشواره مع اللعبة في ناشئى نادى بورفؤاد عام 1966 قبل عام واحد من حرب 1967، التي تسببت في تهجير أهل بورسعيد استعدادا لمعركة التحرير. البداية من الشارع بكرة التنس يقول سعد نور عن شقيقه مسعد، متحدثًا عن ذكريات ما قبل الاحتراف واللعب في الشارع: "كنت أنا ولد مسعد نور في بورسعيد في 23 أبريل عام 1951، وبدأ مشواره مع اللعبة في ناشئى نادى بورفؤاد عام 1966 قبل عام واحد من حرب 1967، التي تسببت في تهجير أهل بورسعيد استعدادا لمعركة التحرير. البداية من الشارع بكرة التنس يقول سعد نور عن شقيقه مسعد، متحدثًا عن ذكريات ما قبل الاحتراف واللعب في الشارع: "كنت أنا ومسعد ننزل ومعنا الكرة لنلعب في الحديقة معا، وكنا نفرغ الكرة من الهواء ونملأها قشا حتى لا تطب وتحدث صوتا عاليا يزعج الناس، وكنا نلعب بكرة تنس". مسعد نور الحارس! يقول مسعد نور لموقع "تاريخ بورسعيد" عن حكايته مع كرة القدم: "بدأت مسيرتي كحارس مرمى في نادي بورفؤاد.. وفي مرة كنت حارسا وفزنا على المصري بفضل تصدياتي في مباراة ودية، وفي مرة من المرات كنا في مباراة ودية وشعرت أن المهاجم الذي يلعب أمامنا وهو علي عوف أسرع من مدافعينا". وواصل: "سريعا وجدت أنني لا بد أن أقف على حدود منطقة الجزاء لأكون سابقا للكرة عن المهاجم، وفي كرة من الكرات قطعت الكرة وراوغت كل فريق الخصم حتى سجلت هدفا، وفي خارج الملعب كان جابر موسى مدربي ينادي بصوت عال أن أمرر الكرة وأنا لا أستجيب له، ثم سجلت الهدف فدخل إلى أرض الملعب وطالبني بخلع قميصي، وظننته سيطردني واعتذرت له كثيرا لكن كابتن جابر قال لي: اخلع هذا القميص وارتدِ رقم 10.. ومن حينها تحولت إلى مهاجم". وأردف مسعد نور: "سنة 1966 كنت في ال15 من عمري وألعب في رديف بورفؤاد، وفي إحدى المباريات الودية أمام المصري شاركت وسجلت هدفا وفزنا على المصري بهدفين مقابل هدف، وكانت تلك بدايتي". إلى رأس البر بسبب الهجرة مسعد نور انتقل مع عائلته إلى رأس البر بسبب الهجرة، وعن ذلك يقول مسعد: "ليلة الهجرة كنت نائما بجانب أخي الكبير على السرير، وخطر ببالي فكرة لتخليد أسماء جيلي، وكتبت جميع أسماء جيلي من بورفؤاد على حائط غرفتي، حتى إذا عدت يوما لا أنساهم أبدا، لم أكن قد أكملت عامي ال16 وقتها بعد". من المنصورة إلى الزمالك يقول مسعد نور: "في وقت الهجرة انتقلت للمنصورة، ولعبت لنادي المنصورة حتى أنتهي من الثانوية العامة، وفي إحدى المرات كنا نلعب مباراة ودية أمام الزمالك ولعبت مباراة رائعة، وبين شوطي اللقاء جاء نور الدالي نائب رئيس نادي الزمالك ومدير الكرة بالفريق، قال لي أتحب اللعب للزمالك؟ قلت له: بالتأكيد يشرفني ذلك". مسعد نور انضم للزمالك في ال16 من عمره، لكنه لم يستمر طويلا معهم. لعب فقط لموسم واحد مع فريق الناشئين وآخر مع الفريق الأول، ويقول مسعد: "انتقلت للزمالك بعد ودية المنصورة، وكانوا يرون فيه خليفة فاروق السيد كجناح أيسر الذي أصيب وقتها واعتزل اللعب، وفي تدريبتي الأولى كنت ألعب كجناح أيسر مع الفريق الرديف، وألعب على فاروق جعفر الذي يلعب كظهير أيمن". نور ومشاكسات فاروق جعفر المغرور يقول نور: "فاروق جعفر لم يتغير، سواء كلاعب أو ناشئ أو مدرب، يعيبه بعض الغرور.. طوال المران يسبني ويقلل مني، وفي إحدى الكرات راوغته فضربني ليصفر المدرب بمخالفة لي، قلت له يا كابتن العب على الكرة، ليرد عليَّ ويقول: اجري إلعب بعيد يلا". وأردف مسعد نور: "نظرت لدكة البدلاء لأرى إن كان هناك ردة فعل من المدرب، فوجدتهم يضحكون.. في كرة أخرى تعمدت مراوغته بطريقة مهينة، فضربني بكوعه في رقبتي لأقع في الأرض وينزل الطبيب لمعالجتي، وقمت مرة أخرى وقلت له: إلعب على الكرة وإلا سأؤذيك، ليرد عليَّ: إجري يلا يا لاجئ العب بعيد". مسعد نور أكمل التمرين، وفي الكرة التالية ضرب جعفر بقوة في بطنه ليقع على الأرض متألما، عندها وجد رد الفعل المغاير من مسؤولي النادي الذين تجمعوا للاطمئنان على فاروق جعفر، فخلع قميصه وأخبرهم أنه لن يلعب في الزمالك، إلا أنهم هدأوه ليبدأ من هذا الموقف علاقة صداقة مع جعفر وباقي اللاعبين. واستكمل نور: "في أول مباراة رسمية مع الزمالك كانت أمام فريق حسن علام عام 1969، سجلت هدفين وصنعت مثلهما وتألقت بشكل كبير، لكن التألق لم يستمر طويلا، كان حظي عاثرا وتعرضت لأكثر من إصابة، الأولى بكسر في ضلعي، ثم كسر في مفصل القدم". الرحيل من الزمالك كان مسعد نور يريد أن يخدم بلده (بورسعيد) في وقت الهجرة، ليوافق الزمالك على انضمام مسعد نور للمصري، واستبدله به أشرف أبو النور حارس مرمى، وعن ذلك يقول: "في نهاية العام بدأت فترة تجنيدي، طلبت من الزمالك السعي لنقلي إلى القاهرة بدلا من المكان الذي أخدم فيه مثلما فعلوا مع لاعب آخر في الناشئين، وطلبوا بياناتي ليقدموها للواء يحيى إمام، لكنهم ماطلوا في نقلي". وواصل مسعد نور: "في نفس التوقيت كان المصري يعيد تكوين نفسه لأقرر العودة إلى بيتي، وكنت أحصل على 30 جنيها في الزمالك، لا يحصل عليها وكيل الوزارة، وفي المصري كنت أحصل على 3 جنيهات فقط وبطانية من الشؤون الاجتماعية". تخلف عن التجنيد ليهدي الدوري للأهلي كانت أول مباراة لمسعد نور مع المصري أمام الزمالك، على ملعب حلمي زامورا، وأي نتيجة بخلاف الفوز تعني ضياع الدوري على الزمالك، وكان مسعد وقتها يفترض ألا يلحق باللقاء لكي يعود إلى معسكر تجنيده، لكنه لجأ لحيلة كي يلحق بالمباراة. يقول مسعد نور: "تخلفت عن العودة للتجنيد لكي ألعب المباراة وسجلت هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة برأسية، وعقب المباراة عدت للمعسكر ومعي شهادة من المستشفى أنني أجريت عملية الزائدة، كنت قد أجريتها بالفعل لكن منذ فترة طويلة، ولحسن الحظ أن الأطباء الذين عرضت عليهم، 3 منهم أهلاوية وواحد زملكاوي، فوافقوا على العذر الطبي ومنحوني 15 يوما إجازة كمكافأة على الهدف الذي أهداهم الدوري". مسعد نور والفراعنة يقول مسعد نور: "انضممت للمنتخب لأول مرة في 1975 واستمررت حتى 1981، وفي تصفيات كأس الأمم 1976 كنا نواجه تنزانيا في عاصمتهم دار السلام، وسجلت هدف التعادل لنتعادل بهدف لكل فريق، وظننت أنها بدايتي للتألق، لكنني في مباراة الإياب تفاجأت بأنني بديل". وواصل: "تابعت المباراة من الخارج وكنا مهزومين بهدفين مقابل هدف ولا يتبقى سوى ربع ساعة فقط، ونزلت بالفعل بدلا من شاكر عبد الفتاح في آخر 12 دقيقة، شاركت ومن أول لمسة أدركت التعادل، ولم يمر سوى دقيقة واحدة حتى أضفت الهدف الثالث بكعبي، ولم أكتف بذلك وصنعت هدفين لعلي خليل، لنفوز (5-2)، وكتب حينها نجيب المستكاوي (فريقنا مسعد.. مسعد نور السلام)". لقب الكاستن مسعد نور فسر سبب تلقيبه بالكاستن، فيقول: "لقب الكاستن جاء من أحد أصدقائي المحبين لي، والكاستن هو فاكهة أبو فروة في بورسعيد، لونها بني ومن الداخل طعمها رائع، وأنا أيضا لوني أسمر فلذلك سماني الكاستن". الاعتزال مسعد نور علق حذاءه عام 1985 بعد مسيرة حافلة مع المصري ومنتخب مصر، وفي مهرجان اعتزاله كان كل النجوم حاضرين، نجوم الأهلي والزمالك وعلى رأسهم الخطيب وحسن شحاتة وطاهر أبو زيد وطارق يحيى، ونجوم الفن ومنهم نور الشريف وهاني شاكر وصلاح السعدني. الوداع مثلما كان 23 أبريل عام 1951 هو تاريخ مولد الكاستن، كان هو تاريخ وفاته، حيث توفى يوم 23 أبريل 2011 بعد صراع طويل مع المرض، وكان قد دخل المستشفى العسكري بالقاهرة لاستئصال بعض الأورام السرطانية في المريء. إلا أن حالته الصحية كانت في تأخر مستمر، نتيجة تفشي المرض، ودفن في مسقط رأسه بورسعيد.