بعد أن هلل وصفَّق غالبية الشعب المصرى والعربى والإسلامى حول العالم، للرئيس السيسى، ذلك بعد أن قرر حماية الإسلام بثورة تصحيح وتجديد دينية لتنقية التراث مما علق به من أكاذيب وخرافات، جعلت غير المسلم يسخر من الإسلام، بل جعلت المسلم يشك فى صحيح الدين فيهتز إيمانه، وأصبحنا نرى انتشار ظاهرة الإلحاد بين الشباب، بسبب ما يسمعونه أو يقرؤونه من أمور غير منطقية تدعو إلى العنف والقتل وتحض على التمييز والأنانية، جعلت من سماحة الإسلام كلامًا مرسَلاً. فتنفسنا الصّعداء لإعلان الرئيس السيسى عن غيرته من تقديم الإسلام بهذا الشكل العنيف الكاذب، وحلمنا معه وكثير حول العالم العربى والإسلامى بعهد جديد يفتح الأبواب والنوافذ للنقد وعرض الآراء المتعددة، لأن الفكر الأُحادى هو أفضل طريقة لقتل الشعوب بدم بارد، لكن للأسف وجدناه يتراجع، فشعرنا مرة أخرى بانعدام الأمل، إذ خَفُت حماسه، ولم يُصدر أى قانون أو قرار بهذا الخصوص، مثلا كإنشاء لجنة عليا من كبار مثقفى الوطن ورجال الدين المشهود لهم بالاعتدال والبُعد عن العنف وشهد لهم الكل برجاحة العقل، لتنقية وتصحيح: أولا المناهج التعليمية فى الأزهر ومدارس وزارة التربية والتعليم، ثم ثانيا تصحيح وتنقية كتب التراث دون اكتراث لأى اسم أو تقديس لأحد، لأن القداسة لله وحده. لكننا فوجئنا بأن الأمور تسير كما كانت من قبل، حيث يسيطر المتطرفون على غالبية المؤسسات، مع استمرار وجودهم فى مناصب مؤثرة إعلامية وأمنية وقضائية ودينية وغيرها، بل زاد توحشهم بنجاحهم فى وقف برنامج إسلام البحيرى سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، لأن وقف البرامج وتكميم الأفواه هما من العصور الغابرة، لأن تكميم الأفواه لن يقضى على الأفكار، لأن الأفكار لها أجنحة وتطير كما قال ابن رشد، ووقْف هذا البرنامج هو دلالة وعلامة دامغة على تراجع فكرة التجديد والتصحيح لأن ذلك لن يتم إلا بالنقد. وقد يصح النقد مرة ويخطئ مرة كما فعل إسلام، لكن هذا لا يستلزم وقف البرنامج بأى حال من الأحوال، فهل الرئيس يدرك حجم ما فعله بنا وبكل المسلمين الرافضين للتطرف والعنف بسبب تراجع هذا الحلم بتصحيح وتنقية التراث حتى نحمى مستقبل أولادنا، ولكى يأتى الغد خاليا من «داعش» و«الإخوان» و«القاعدة» و«بوكو حرام» و«السلفيين» و«الجماعة الإسلامية» و«أنصار الشريعة» و«بيت المقدس» و«جند الله» وغيرهم من أعداء الإسلام ومعاول هدمه، وكى ننتج علماء يقدمون الاختراعات والابتكارات فيحمون بلادنا من ذل الحاجة والتبعية لغير المسلمين بعد أن أصبح المسلمون فى ذيل العالم تكنولوجيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وأخلاقيًّا؟ كما أننا أصبحنا شعوبا مستهلِكة غير منتِجة، مستورِدة غير مصدِّرة، فإذا كنا ندرك ما وصلنا إليه من تردٍّ ولم نتحرك فهى مصيبة، وإذا كنا لا ندرك ما وصلنا إليه من تردٍّ فالمصيبة أكبر.. وعلى الله قصد السبيل وابتغاء رضاه. الشيخ د.مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية، وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة، ورئيس منظمة «الضمير العالمى لحقوق الإنسان»، وعضو اتحاد الكتاب الإفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية. [email protected] http:||www.ahewar.org|m. asp?i=3699